responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 110
أَوْلَادِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُنَبِّهًا بِذَلِكَ عَلَى عِظَمِ ذَلِكَ الْفِعْلِ إِنِ اخْتَارُوهُ وَارْتَكَبُوهُ وَفِي عَادَةِ وفي النَّاسِ أَنْ يُوَجِّهُوا أَمْرَهُمْ وَنَهْيَهُمْ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْظَمُ دَرَجَةً تَنْبِيهًا لِلْغَيْرِ أَوْ تَوْكِيدًا، فَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مُقَرَّرَةٌ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْآيَةِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ ليس المراد منه أن اتَّبَعَ أَهْوَاءَهُمْ فِي كُلِّ الْأُمُورِ فَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ يَتَّبِعُ أَهْوَاءَهُمْ، مِثْلُ تَرْكِ الْمُخَاشَنَةِ فِي الْقَوْلِ وَالْغِلْظَةِ فِي الْكَلَامِ، طَمَعًا مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي اسْتِمَالَتِهِمْ، فَنَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ أَيْضًا وَآيَسَهُ مِنْهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى مَا قَالَ: وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا [الْإِسْرَاءِ: 74] .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّ ظَاهِرَ الْخِطَابِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الرَّسُولِ إِلَّا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ غَيْرُهُ، وَهَذَا كَمَا أَنَّكَ إِذَا عَاتَبْتَ إِنْسَانًا أَسَاءَ عَبْدُهُ إِلَى عَبْدِكَ فَتَقُولُ لَهُ: لَوْ فَعَلْتَ مَرَّةً أُخْرَى مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ لَعَاقَبْتُكَ عَلَيْهِ عِقَابًا شَدِيدًا، فَكَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ لَا يَمِيلُ إِلَى مُخَاطَبَتِهِمْ وَمُتَابَعَتِهِمْ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّهُ نَفْسُ الْعِلْمِ جَاءَكَ، بَلِ الْمُرَادُ الدَّلَائِلُ وَالْآيَاتُ وَالْمُعْجِزَاتُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ الْعِلْمِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ اسْمِ الْأَثَرِ عَلَى الْمُؤَثِّرِ، وَاعْلَمْ/ أَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الِاسْتِعَارَةِ هُوَ الْمُبَالَغَةُ وَالتَّعْظِيمُ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَظَّمَ أَمْرَ النُّبُوَّاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ بِأَنْ سَمَّاهَا بِاسْمِ الْعِلْمِ، وَذَلِكَ يُنَبِّهُكَ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ شَرَفًا وَمَرْتَبَةً.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ تَوَجُّهَ الْوَعِيدِ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَشَدُّ مِنْ تَوَجُّهِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ فَالْمُرَادُ إِنَّكَ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَكُنْتَ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْمِ فِي كُفْرِهِمْ وَظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ التهديد والزجر والله أعلم.

[سورة البقرة (2) : الآيات 146 الى 147]
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)
اعْلَمْ أَنَّ فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَإِنْ كَانَ عَامًّا بِحَسَبِ اللَّفْظِ لَكِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ، وَالْجَمْعُ الْعَظِيمُ الَّذِي عَلِمُوا شَيْئًا اسْتَحَالَ عَلَيْهِمُ الِاتِّفَاقُ عَلَى كِتْمَانِهِ فِي الْعَادَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ وَاحِدًا لَوْ دَخَلَ الْبَلَدَ وَسَأَلَ عَنِ الْجَامِعِ لَمْ يَجُزْ أَنْ لَا يلقاه أحد إلا بالكذب والكتمان، بل إنما يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْجَمْعِ الْقَلِيلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: يَعْرِفُونَهُ إِلَى مَاذَا يَرْجِعُ؟ ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا. أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يَعْرِفُونَهُ مَعْرِفَةً جَلِيَّةً، يُمَيِّزُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ، لَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ وَأَبْنَاءُ غَيْرِهِمْ. عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي بِابْنِي، قَالَ:
وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنِّي لَسْتُ أَشُكُّ فِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَمَّا وَلَدِي فَلَعَلَّ وَالِدَتَهُ خَانَتْ. فَقَبَّلَ عُمَرُ رَأَسَهُ، وَجَازَ الْإِضْمَارُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست