responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 103
عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ عَنْهُ، وَالثَّانِي أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْقِبْلَةَ لَيْسَتْ فِي الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَحَارِيبُ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمِحْرَابِ لَكَانَ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لِلتَّقْلِيدِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ وَأَنَّهُ خَطَأٌ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ، فَالْقَادِرُ عَلَى تَحْصِيلِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِالْأَمَارَاتِ كَيْفَ يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ مَحَارِيبِ الْبِلَادِ؟ وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِتَرْجِيحِ مَحَارِيبِ الْأَمْصَارِ عَلَى الْبِلَادِ مِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّهَا كَالتَّوَاتُرِ مَعَ الِاجْتِهَادِ، فَوَجَبَ رُجْحَانُهُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى الْمُؤَذِّنَ فَرَغَ من الأذان والإقامة وقد تقدم الإمام، فههنا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعَرُّفِ الْوَقْتِ فَكَذَا هَاهُنَا. الثَّالِثُ: أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ رَضُوا بِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ خَطَأً لَتَنَبَّهُوا لَهُ، وَلَوْ تَنَبَّهُوا لَهُ لَمَا رَضُوا بِهِ، فَهَذَا مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَانِبَيْنِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِ الْغَيْرِ، مِثْلُ مَا إِذَا أَخْبَرَهُ عَدْلٌ عَنْ كَوْنِ الْقِبْلَةِ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ فَهَذَا يُفِيدُ ظَنَّ أَنَّ الْقِبْلَةَ هُنَاكَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطَيْنِ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ، فَلَا عِبْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ بقول الكافر والمجنون ولا بعلمها، وَاخْتَلَفُوا فِي شَرَائِطَ ثَلَاثَةٍ. أَوَّلُهَا: الْبُلُوغُ. حَكَى الْخُيْضَرِيُّ نَصًّا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ، وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ أَيْضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُقْبَلُ. وَثَانِيهَا: الْعَدَالَةُ قَالُوا: لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْفَاسِقِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ. وَثَالِثُهَا: الْعَدَدُ، فَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَبَرَهُ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ لَا سِيَّمَا الَّذِينَ اعْتَبَرُوا الْعَدَدَ فِي الرِّوَايَةِ أَيْضًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَعْتَبِرِ الْعَدَدَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَحْكَامٌ. أَوَّلُهَا: أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ يُفِيدُ ظَنًّا أَقْوَى كَانَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَخْذِ بِقَوْلِ مَنْ يُفِيدُ ظَنَّا أَضْعَفَ مِثَالُهُ أَنَّ تَقْلِيدَ الْمُتَيَقِّنِ رَاجِحٌ عَلَى تَقْلِيدِ الظَّانِّ بِالِاجْتِهَادِ، وَتَقْلِيدَ الْمُجْتَهِدِ الظَّانِّ أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ مَنْ قَلَّدَ غَيْرَهُ وَهَلُمَّ جَرَّا. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ أَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْوَقْتِ، فَالْأَوْلَى لَهُ تَحْصِيلُ الِاجْتِهَادِ حَتَّى تَصِيرَ الصَّلَاةُ قَضَاءً أَوْ تَقْلِيدُ الْغَيْرِ حَتَّى تَبْقَى الصَّلَاةُ أَدَاءً فِيهِ تَرَدُّدٌ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ دَلَائِلَ الْقِبْلَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِ الْغَيْرِ حِينَ الصَّلَاةِ بَلْ يَجِبُ.
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: إِنْ شَاهَدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِحْرَابًا مَنْصُوبًا جَازَ لَهُ التَّوَجُّهُ إِلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ/ الَّذِي تَقَدَّمَ، أَمَّا إِذَا رَأَى الْقِبْلَةَ مَنْصُوبَةً فِي طَرِيقٍ يَقِلُّ فِيهِ مُرُورُ النَّاسِ أَوْ فِي طَرِيقٍ يَمُرُّ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَلَا يَدْرِي مَنْ نَصَبَهَا أَوْ رَأَى مِحْرَابًا فِي قَرْيَةٍ وَلَا يَدْرِي بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ أَوِ الْمُشْرِكُونَ أَوْ كَانَتْ قَرْيَةٌ صَغِيرَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُ أَهْلِهَا مُطَّلِعِينَ عَلَى دَلَائِلِ الْقِبْلَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ.
الطَّرِيقُ الرَّابِعُ: مَا يَتَرَكَّبُ مِنَ الِاجْتِهَادِ وَقَوْلِ الْغَيْرِ، وَهُوَ أَنْ يُخْبِرَهُ إِنْسَانٌ بِمَوَاقِعِ الْكَوَاكِبِ وَكَانَ هُوَ عالماً بالاستدلال بها على القبلة، فههنا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَالُ بِمَا يَسْمَعُ إِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ رُؤْيَتِهَا بِنَفْسِهِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الَّذِي عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ، وَهُوَ الْكَائِنُ فِي الظُّلْمَةِ الَّتِي خَفِيَتِ الْأَمَارَاتُ بِأَسْرِهَا عَلَيْهِ أَوِ الْأَعْمَى الَّذِي لَا يَجِدُ مَنْ يُخْبِرُهُ، أَوْ تَعَارَضَتِ الْأَمَارَاتُ لَدَيْهِ وَعَجَزَ عَنِ التَّرْجِيحِ، وَفِيهِ أَبْحَاثٌ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا الشَّخْصَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِالِاجْتِهَادِ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ وَلَا أَمَارَةٍ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَهُوَ مَنْفِيٌّ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أحد أمور ثلاثة: إما أن يقال التكاليف بِالصَّلَاةِ مَشْرُوطٌ بِالِاسْتِقْبَالِ، وَتَعَذُّرُ الشَّرْطِ يُوجِبُ سُقُوطَ التكليف بالمشروط، فههنا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، أَوْ يُقَالُ: شَرْطُ الِاسْتِقْبَالِ قَدْ سَقَطَ عَنِ الْمُكَلَّفِ بِعُذْرٍ أَقَلَّ مِنْ هَذَا، وَهُوَ حَالُ الْمُسَابَقَةِ فَيَسْقُطُ هَاهُنَا أَيْضًا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ إِلَى أَيِّ جِهَةٍ شَاءَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ شَرْطُ الِاسْتِقْبَالِ، أَوْ يُقَالُ: إِنَّهُ يَأْتِي بِتِلْكَ الصَّلَاةِ إِلَى جَمِيعِ الْجِهَاتِ لِيَخْرُجَ عَنِ الْعُهْدَةِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 103
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست