responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 328
نِعْمَةِ الْعَقْلِ وَالنُّبُوَّةِ، ثُمَّ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الشَّاةَ وَالْكَلْبَ لَا يَنْسَيَانِ نِعْمَةَ الْإِطْعَامِ وَلَا يَمِيلَانِ إِلَى غَيْرِ مَنْ أَطْعَمَهُمَا فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يَنْسَى نِعْمَةَ الْإِيجَادِ وَالْإِحْسَانِ فَكَيْفَ في حق أفضل الخلق: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الْفُرْقَةِ بِوَاسِطَةِ الْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مِنَ الْأَنْصَارِ تَرْبِيَةً حَصَّلْتُ لَكَ حَقَّ الْفُرْقَةِ لَوْ كُنْتَ مُتَّصِلًا بِهَا، لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا فَبِتَقْدِيرِ أَنْ كُنْتَ مُتَّصِلًا بِهَا، كَانَ يَجِبُ أَنْ تَنْفَصِلَ عَنْهَا وَتَتْرُكَهَا، فَكَيْفَ وَمَا كُنْتَ مُتَّصِلًا بِهَا أَيَلِيقُ بِكَ أَنْ تُقَرِّبَ الِاتِّصَالَ بِهَا قل يا أيها الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ لِفَرْطِ حَمَاقَتِهِمْ ظَنُّوا أَنَّ الْكَثْرَةَ فِي الْإِلَهِيَّةِ كَالْكَثْرَةِ فِي الْمَالِ يَزِيدُ بِهِ الْغِنَى وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ كَالْكَثْرَةِ فِي الْعِيَالِ تَزِيدُ بِهِ الْحَاجَةُ فَقُلْ: يَا محمد لي إليه وَاحِدٌ أَقُومُ لَهُ فِي اللَّيْلِ وَأَصُومُ لَهُ فِي النَّهَارِ، ثُمَّ بَعْدُ لَمْ أَتَفَرَّغْ مِنْ قَضَاءِ حَقِّ ذَرَّةٍ مِنْ ذَرَّاتِ نِعَمِهِ، فَكَيْفَ ألتزم عبادة آلهة كثيرة قل يا أيها الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ لَمَّا تَمَثَّلَ لَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
[مَرْيَمَ: 18] فَاسْتَعَاذَتْ أَنْ تَمِيلَ إِلَى جِبْرِيلَ دُونَ اللَّهِ أَفَتَسْتَجِيزُ مَعَ كَمَالِ رُجُولِيَّتِكَ أَنْ تَمِيلَ إِلَى الْأَصْنَامِ قُلْ يا أيها الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ حَقَّ الْفُرْقَةِ بِالْعَجْزِ عَنِ النَّفَقَةِ وَلَا بِالْعُنَّةِ الطَّارِئَةِ يَقُولُ:
لِأَنَّهُ كَانَ قَيِّمًا فَلَا يَحْسُنُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ تَعَيَّبَ فَالْحَقُّ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: كُنْتُ قَيِّمًا وَلَمْ أَتَعَيَّبْ، فَكَيْفَ يَجُوزُ الْإِعْرَاضُ عني قل يا أيها الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الْأَرْبَعُونَ: هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُمْ:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لُقْمَانَ: 25] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ [فَاطِرٍ: 40] فَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: هَذِهِ الشَّرِكَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُزَارَعَةً وَذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْبَذْرَ مِنِّي وَالتَّرْبِيَةَ وَالسَّقْيَ مِنِّي، وَالْحِفْظَ مِنِّي، فَأَيُّ شَيْءٍ لِلصَّنَمِ، أَوْ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ وَذَلِكَ أَيْضًا بَاطِلٌ أَتُرَى أَنَّ الصَّنَمَ أَكْثَرُ شُهْرَةً وَظُهُورًا مِنِّي، أَوْ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ وَذَلِكَ أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي الْجِنْسِيَّةَ، أَوْ شَرِكَةَ الْعِنَانِ، وَذَلِكَ أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِصَابٍ فَمَا نِصَابُ الْأَصْنَامِ، أَوْ يَقُولُ لَيْسَ هَذِهِ مِنْ بَابِ الشَّرِكَةِ لَكِنَّ الصَّنَمَ يَأْخُذُ بِالتَّغَلُّبِ نَصِيبًا مِنَ الْمُلْكِ، فَكَأَنَّ الرَّبَّ يَقُولُ: مَا أَشَدَّ جَهْلَكُمْ إِنَّ هَذَا الصَّنَمَ أَكْثَرُ عَجْزًا مِنَ الذُّبَابَةِ: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً [الْحَجِّ: 73] فَأَنَا أَخْلُقُ الْبَذْرَ ثُمَّ أُلْقِيهِ فِي الْأَرْضِ، فَالتَّرْبِيَةُ وَالسَّقْيُ وَالْحِفْظُ مِنِّي. ثُمَّ إِنَّ مَنْ هُوَ أَعْجَزُ مِنَ الذُّبَابَةِ يَأْخُذُ بِالْقَهْرِ وَالتَّغَلُّبِ نَصِيبًا مِنِّي مَا هَذَا بقول يليق بالعقلاء قل يا أيها الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّهُ لَا ذَرَّةَ فِي عَالَمِ الْمُحْدَثَاتِ إِلَّا وَهِيَ تَدْعُو الْعُقُولَ إِلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ/ وَأَمَّا الدُّعَاةُ إِلَى مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ اللَّهِ فَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَلَمَّا كَانَ كُلُّ بَقٍّ وَبَعُوضَةٍ دَاعِيًا إِلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [الْبَقَرَةِ: 26] ، ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْبَعُوضَةَ بِحَسَبِ حُدُوثِ ذَاتِهَا وَصِفَاتِهَا تَدْعُو إلى قدرة الله بحسب تَرْكِيبِهَا الْعَجِيبِ تَدْعُو إِلَى عِلْمِ اللَّهِ وَبِحَسَبِ تَخْصِيصِ ذَاتِهَا وَصِفَاتِهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ تَدْعُو إِلَى إِرَادَةِ اللَّهِ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: مِثْلُ هَذَا الشيء كيف يتسحيا مِنْهُ،
رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ دَخَلَ السُّوقَ فَاشْتَرَى كَرِشًا وَحَمَلَهُ بِنَفْسِهِ فَرَآهُ عَلِيٌّ مِنْ بَعِيدٍ فَتَنَكَّبَ عَلِيٌّ عَنِ الطَّرِيقِ فَاسْتَقْبَلَهُ عُمَرُ وَقَالَ لَهُ: لِمَ تَنَكَّبْتَ عَنِ الطَّرِيقِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: حتى لا تستحي، فقال: وكيف أستحي مِنْ حَمْلِ مَا هُوَ غِذَائِي!
فَكَأَنَّهُ تَعَالَى يقول: إذا كان عمر لا يستحي مِنَ الْكَرِشِ الَّذِي هُوَ غِذَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا فكيف أستحي عَنْ ذِكْرِ الْبَعُوضِ الَّذِي يُعْطِيكَ غِذَاءَ دِينِكَ، ثُمَّ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ نمروذ لما ادعى الربوبية صالح عَلَيْهِ الْبَعُوضُ بِالْإِنْكَارِ، فَهَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ لَمَّا دَعَوْكَ إِلَى الشِّرْكَ أَفَلَا تَصِيحُ عَلَيْهِمْ أَفَلَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست