responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 317
يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِنَّهُ أَعْطَاهُ فِي حَالِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَكَّةَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِضَيْعَةٍ لَهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ أَعْطَاهُ تِلْكَ الضَّيْعَةَ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَكُونُ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ وَاللَّهُ أعلم.

[سورة الكوثر (108) : آية 2]
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي قَوْلِهِ: فَصَلِّ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ، فَإِنْ قِيلَ: اللَّائِقُ عِنْدَ النِّعْمَةِ الشُّكْرُ، فَلِمَ قَالَ: فَصَلِّ وَلَمْ يَقُلْ: فَاشْكُرْ؟ الْجَوَابُ: مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: / أَنَّ الشُّكْرَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّعْظِيمِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ أَحَدُهَا: يَتَعَلَّقُ بِالْقَلْبِ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ تِلْكَ النِّعْمَةَ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَالثَّانِي: بِاللِّسَانِ وَهُوَ أَنْ يَمْدَحَهُ وَالثَّالِثُ: بِالْعَمَلِ وَهُوَ أَنْ يَخْدِمَهُ وَيَتَوَاضَعَ لَهُ، وَالصَّلَاةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانِي، وَعَلَى مَا هُوَ أَزْيَدُ مِنْهَا فَالْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ أَمْرٌ بِالشُّكْرِ وَزِيَادَةٌ فَكَانَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ أَحْسَنَ وَثَانِيهَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَاشْكُرْ لَكَانَ ذَلِكَ يُوهِمُ أَنَّهُ مَا كَانَ شَاكِرًا لَكِنَّهُ كَانَ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ عَارِفًا بِرَبِّهِ مُطِيعًا لَهُ شَاكِرًا لِنِعَمِهِ، أَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا عَرَفَهَا بِالْوَحْيِ، قَالَ: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ [الشُّورَى: 52] الثَّالِثُ: أَنَّهُ فِي أَوَّلِ مَا أَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ قَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: كَيْفَ أُصَلِّي وَلَسْتُ عَلَى الوضوء، فقال الله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ثُمَّ ضَرَبَ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَنَبَعَ مَاءُ الْكَوْثَرِ فَتَوَضَّأَ فَقِيلَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: فَصَلِّ، فَأَمَّا إِذَا حَمَلْنَا الْكَوْثَرَ عَلَى الرِّسَالَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ:
أَعْطَيْتُكَ الرِّسَالَةَ لِتَأْمُرَ نَفْسَكَ وَسَائِرَ الْخَلْقِ بِالطَّاعَاتِ وَأَشْرَفُهَا الصَّلَاةُ فَصَلِّ لِرَبِّكَ الْقَوْلُ الثَّانِي: فَصَلِّ لِرَبِّكَ أَيْ فَاشْكُرْ لِرَبِّكَ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَكَرُوا فِي فَائِدَةِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَصَلِّ وُجُوهًا أَحَدُهَا: التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ شُكْرَ النِّعْمَةِ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ لَا عَلَى التَّرَاخِي وَثَانِيهَا: أن المراد من فاء التعقيب هاهنا الْإِشَارَةُ إِلَى مَا قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذَّارِيَاتِ: 56] ثُمَّ إِنَّهُ خَصَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَزِيدِ مُبَالَغَةٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الْحِجْرِ: 99] وَلِأَنَّهُ قَالَ له: فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ أَيْ فَعَلَيْكَ بِأُخْرَى عَقِيبَ الْأُولَى فَكَيْفَ بَعْدَ وُصُولِ نِعْمَتِي إِلَيْكَ، أَلَا يَجِبَ عَلَيْكَ أَنْ تَشْرَعَ فِي الشُّكْرِ عَقِيبَ ذَلِكَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ: فَصَلِّ أَيْ فَادْعُ اللَّهَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ هِيَ الدُّعَاءُ، وَفَائِدَةُ الْفَاءِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: «قَبْلَ سُؤَالِكَ وَدُعَائِكَ مَا بَخِلْنَا عَلَيْكَ بِالْكَوْثَرِ فَكَيْفَ بَعْدَ سُؤَالِكَ لَكِنْ سَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ أَبَدًا فِي هَمِّ أُمَّتِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى عُرْفِ الشَّرْعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثانية: في قوله: وَانْحَرْ قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمُفَسِّرِينَ: أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ نَحْرُ الْبُدْنِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَانْحَرْ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، إِمَّا قَبْلَهَا أَوْ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا، ثُمَّ ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهَا اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَثَانِيهَا:
رَوَى الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِجِبْرِيلَ: «مَا هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَبِّي؟ قَالَ لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ وَلَكِنَّهُ يَأْمُرُكَ إِذَا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلَاةِ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إِذَا كَبَّرْتَ وَإِذَا رَكَعْتَ وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ وَإِذَا سَجَدْتَ فَإِنَّهُ صَلَاتُنَا، وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ في السموات السَّبْعِ وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةً، وَزِينَةُ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ»
وَثَالِثُهَا:
رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست