responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 273
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي قَوْلِهِ: عِلْمَ الْيَقِينِ وَجْهَانِ أَنَّ مَعْنَاهُ عِلْمًا يَقِينًا فَأُضِيفَ الْمَوْصُوفُ إِلَى الصفحة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَدارُ الْآخِرَةِ [يُوسُفَ: 109] وَكَمَّا يُقَالُ: مَسْجِدُ الْجَامِعِ وَعَامُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْيَقِينَ هاهنا هُوَ الْمَوْتُ وَالْبَعْثُ وَالْقِيَامَةُ، وَقَدْ سُمِّيَ الْمَوْتُ يَقِينًا فِي قَوْلِهِ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الْحِجْرِ: 99] وَلِأَنَّهُمَا إِذَا وَقَعَا جَاءَ الْيَقِينُ، وَزَالَ الشَّكُّ فَالْمَعْنَى لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْمَوْتِ وَمَا يَلْقَى الْإِنْسَانُ مَعَهُ وَبَعْدَهُ فِي الْقَبْرِ وَفِي الْآخِرَةِ لَمْ يُلْهِكُمُ التَّكَاثُرُ وَالتَّفَاخُرُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقَدْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ: أَنَا أَعْلَمُ عِلْمَ كَذَا أَيْ أَتَحَقَّقُهُ، وَفُلَانٌ يَعْلَمُ عِلْمَ الطِّبِّ وَعِلْمَ الْحِسَابِ، لِأَنَّ الْعُلُومَ أَنْوَاعٌ فَيَصْلُحُ لِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: عَلِمْتُ عِلْمَ كَذَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْعِلْمُ مِنْ أَشَدِّ الْبَوَاعِثِ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الْعَمَلِ أَمَامَهُ كَانَ وَعْدًا وَعِظَةً، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ وَقْتِ الْعَمَلِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً، كَمَا ذُكِرَ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ لَمَّا دَخَلَ الظُّلُمَاتِ [وَجَدَ خَرَزًا] ، فَالَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَخَذُوا مِنْ تِلْكَ الْخَرَزِ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الظُّلُمَاتِ وَجَدُوهَا جَوَاهِرَ، ثُمَّ الْآخِذُونَ كَانُوا فِي الْغَمِّ أَيْ لَمَّا لَمْ يَأْخُذُوا أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذُوا، وَالَّذِينَ لَمْ يَأْخُذُوا كَانُوا أَيْضًا فِي الْغَمِّ، فَهَكَذَا يَكُونُ أَحْوَالُ أَهْلِ الْقِيَامَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي الْآيَةِ تَهْدِيدٌ عَظِيمٌ لِلْعُلَمَاءِ فَإِنَّهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْيَقِينُ بِمَا فِي التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ مِنَ الْآفَةِ لَتَرَكُوا التَّكَاثُرَ وَالتَّفَاخُرَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَتْرُكِ التَّكَاثُرَ وَالتَّفَاخُرَ لَا يَكُونُ الْيَقِينُ حَاصِلًا لَهُ فَالْوَيْلُ لِلْعَالِمِ الَّذِي لَا يَكُونُ عَامِلًا ثُمَّ الْوَيْلُ لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي تَكْرَارِ الرُّؤْيَةِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنَّهُ لِتَأْكِيدِ الْوَعِيدِ أَيْضًا لَعَلَّ الْقَوْمَ/ كَانُوا يَكْرَهُونَ سَمَاعَ الْوَعِيدِ فَكَرَّرَ لِذَلِكَ وَنُونُ التَّأْكِيدِ تَقْتَضِي كَوْنَ تِلْكَ الرُّؤْيَةِ اضْطِرَارِيَّةً، يَعْنِي لَوْ خُلِّيتُمْ وَرَأْيَكُمْ مَا رَأَيْتُمُوهَا لَكِنَّكُمْ تُحْمَلُونَ عَلَى رُؤْيَتِهَا شِئْتُمْ أَمْ أَبَيْتُمْ وَثَانِيهَا: أَنَّ أَوَّلَهُمَا الرُّؤْيَةُ مِنَ الْبَعِيدِ: إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً [الْفُرْقَانِ: 12] وَقَوْلُهُ: وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى [النَّازِعَاتِ: 36] وَالرُّؤْيَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا صَارُوا إِلَى شَفِيرِ النَّارِ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الرُّؤْيَةَ الْأُولَى عِنْدَ الورود والثانية عند الدخول فيها، قيل: هَذَا التَّفْسِيرُ لَيْسَ بِحَسَنٍ لِأَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ وَالسُّؤَالُ يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَرَابِعُهَا: الرُّؤْيَةُ الْأُولَى للوعد وَالثَّانِيَةُ الْمُشَاهَدَةُ وَخَامِسُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَيَكُونُ ذِكْرُ الرُّؤْيَةِ مَرَّتَيْنِ عِبَارَةً عَنْ تَتَابُعِ الرُّؤْيَةِ وَاتِّصَالِهَا لِأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ فِي الْجَحِيمِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: عَلَى جِهَةِ الْوَعِيدِ، لَئِنْ كُنْتُمُ الْيَوْمَ شَاكِّينَ فِيهَا غَيْرَ مُصَدِّقِينَ بِهَا فَسَتَرَوْنَهَا رُؤْيَةً دَائِمَةً مُتَّصِلَةً فَتَزُولُ عَنْكُمُ الشُّكُوكُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ- إلى قوله- ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ [الْمُلْكِ: 3، 4] بِمَعْنَى لَوْ أَعَدْتَ النَّظَرَ فِيهَا مَا شِئْتَ لَمْ تَجِدْ فُطُورًا ولم يرد مرتين فقط، فكذا هاهنا، إِنْ قِيلَ: مَا فَائِدَةُ تَخْصِيصِ الرُّؤْيَةِ الثَّانِيَةِ بِالْيَقِينِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُمْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى رَأَوْا لَهَبًا لَا غَيْرُ، وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ رَأَوْا نَفْسَ الْحُفْرَةِ وَكَيْفِيَّةَ السُّقُوطِ فِيهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُؤْذِيَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ أَجْلَى، وَالْحِكْمَةُ فِي النَّقْلِ مِنَ الْعِلْمِ الْأَخْفَى إِلَى الْأَجْلَى التَّفْرِيعُ عَلَى تَرْكِ النَّظَرِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَصِرُونَ عَلَى الظَّنِّ وَلَا يَطْلُبُونَ الزِّيَادَةَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ (لَتَرَوُنَّ) بِفَتْحِ التَّاءِ، وَقُرِئَ بِضَمِّهَا مِنْ رَأَيْتُهُ الشَّيْءَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ إِلَيْهَا فَيَرَوْنَهَا، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ تُرْوَى عَنِ ابْنِ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيِّ كَأَنَّهُمَا أَرَادَا لَتُرَوُنَّهَا فَتَرَوْنَهَا، وَلِذَلِكَ قَرَأَ الثَّانِيَةَ: ثُمَّ لَتَرَوُنَّها بِالْفَتْحِ، وَفِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا أروها وَفِي قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ الثَّانِيَةُ تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ وَلِسَائِرِ الْفَوَائِدِ الَّتِي عَدَدْنَاهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ قِرَاءَةَ الْعَامَّةِ أَوْلَى لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ أَشْبَهُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست