responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 239
وَالظُّرَفَاءُ يُرِيدُ بِذَلِكَ قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ يَصِفُهُمْ بِالْأَمْرَيْنِ وَقَالَ تَعَالَى: الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ [التَّوْبَةِ: 112] وَهَذَا وَصْفٌ لِطَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا الْبَابِ كَثِيرٌ، وَهُوَ أَنْ يُنْعَتَ قَوْمٌ بِنُعُوتٍ شَتَّى، يُعْطَفُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَيَكُونُ الْكُلُّ وَصْفًا لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: الْمَجُوسُ هَلْ يَدْخُلُونَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ؟ قُلْنَا: ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ في أَهْلِ الْكِتَابِ
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ»
وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُونَ قَالَ: لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ كَانَ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا [الْأَنْعَامِ: 156] وَالطَّائِفَتَانِ هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي تَقْدِيمِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْكُفْرِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ؟ حَيْثُ قَالَ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ الْوَاوَ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ، وَمَعَ هَذَا فَفِيهِ فَوَائِدُ أَنَّ السُّورَةَ مَدَنِيَّةٌ فَكَأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ هُمُ الْمَقْصُودُونَ بِالذِّكْرِ وَثَانِيهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا عُلَمَاءَ بِالْكُتُبِ فَكَانَتْ قُدْرَتُهُمْ عَلَى مَعْرِفَةِ صِدْقِ مُحَمَّدٍ أَتَمَّ، فَكَانَ إِصْرَارُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ أَقْبَحَ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ لِكَوْنِهِمْ عُلَمَاءَ يَقْتَدِي غَيْرُهُمْ بِهِمْ فَكَانَ كُفْرُهُمْ أَصْلًا لِكُفْرِ غَيْرِهِمْ، فَلِهَذَا قُدِّمُوا فِي الذِّكْرِ وَرَابِعُهَا: أَنَّهُمْ لِكَوْنِهِمْ عُلَمَاءَ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَقُدِّمُوا فِي الذِّكْرِ.
السُّؤَالُ الرَّابِعُ: لِمَ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؟ الْجَوَابُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِمْ عُلَمَاءَ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي إِمَّا مَزِيدَ تَعْظِيمٍ، فَلَا جَرَمَ ذُكِرُوا بِهَذَا اللَّقَبِ دُونَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ لِأَنَّ كَوْنَهُ عَالِمًا يَقْتَضِي مَزِيدَ قُبْحٍ فِي كُفْرِهِ، فَذُكِرُوا بِهَذَا الْوَصْفِ تَنْبِيهًا عَلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ مِنَ الْعِقَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّرْعِ أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى فَسَّرَ قَوْلَهُ: الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَبِالْمُشْرِكِينَ، فَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْكُلِّ وَاحِدًا فِي الْكُفْرِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَالْمُشْرِكُ يَرِثُ الْيَهُودِيَّ وَبِالْعَكْسِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَطْفَ أَوْجَبَ الْمُغَايَرَةَ، فَلِذَلِكَ نَقُولُ: الذِّمِّيُّ لَيْسَ بِمُشْرِكٍ،
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ»
فأثبت التفرقة بين الكتابي والمشرك نَبَّهَ بِذِكْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاغْتِرَارُ بِأَهْلِ الْعِلْمِ إِذْ قَدْ حَدَثَ فِي أَهْلِ الْقُرْآنِ مِثْلُ مَا حَدَثَ فِي الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الْقَفَّالُ: الِانْفِكَاكُ هُوَ انْفِرَاجُ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ وَأَصْلُهُ مِنَ الْفَكِّ وَهُوَ الْفَتْحُ وَالزَّوَالُ، وَمِنْهُ فَكَكْتُ الْكِتَابَ إِذَا أَزَلْتُ خَتْمَهُ فَفَتَحْتُهُ، وَمِنْهُ فِكَاكُ الرَّهْنِ وَهُوَ زَوَالُ الِانْغِلَاقِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ ضِدَّ قَوْلِهِ: انْفَكَّ الرَّهْنُ، وَمِنْهُ فِكَاكُ الْأَسِيرِ وَفَكُّهُ، فَثَبَتَ أَنَّ انْفِكَاكَ الشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ هُوَ أَنْ يُزِيلَهُ بَعْدَ الْتِحَامِهِ بِهِ، كَالْعَظْمِ إِذَا انْفَكَّ مِنْ مَفْصِلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ مُتَشَبِّثُونَ بِدِينِهِمْ تَشَبُّثًا قَوِيًّا لَا يُزِيلُونَهُ إِلَّا عِنْدَ مَجِيءِ الْبَيِّنَةِ، أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَهِيَ الْحُجَّةُ الظَّاهِرَةُ الَّتِي بِهَا يَتَمَيَّزُ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ فَهِيَ مِنَ الْبَيَانِ أَوِ الْبَيْنُونَةِ لِأَنَّهَا تُبَيِّنُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَفِي الْمُرَادِ مِنَ الْبَيِّنَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَقْوَالٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهَا هِيَ الرَّسُولُ، ثُمَّ ذَكَرُوا فِي أَنَّهُ لِمَ سُمِّيَ الرَّسُولُ بِالْبَيِّنَةِ وُجُوهًا الْأَوَّلُ: أَنَّ ذَاتَهُ كَانَتْ بينة على

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست