responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 210
بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة التين
(وهي ثمان آيات مكية)

[سورة التين (95) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)
[قوله تعالى والتين والزيتون] اعْلَمْ أَنَّ الْإِشْكَالَ هُوَ أَنَّ التِّينَ وَالزَّيْتُونَ لَيْسَا مِنَ الْأُمُورِ الشَّرِيفَةِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُقْسِمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا؟
فَلِأَجْلِ هَذَا السُّؤَالِ حَصَلَ فِيهِ قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ التِّينِ وَالزَّيْتُونِ هَذَانِ الشَّيْئَانِ الْمَشْهُورَانِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ تِينُكُمْ وَزَيْتُونُكُمْ هَذَا، ثُمَّ ذَكَرُوا مِنْ خَوَاصِّ التِّينِ وَالزَّيْتُونِ أَشْيَاءَ. أَمَّا التِّينُ فَقَالُوا إِنَّهُ غِذَاءٌ وَفَاكِهَةٌ وَدَوَاءٌ، أَمَّا كَوْنُهُ غِذَاءً فَالْأَطِبَّاءُ زَعَمُوا أَنَّهُ طَعَامٌ لَطِيفٌ سَرِيعُ الْهَضْمِ لَا يَمْكُثُ فِي الْمَعِدَةِ يُلَيِّنُ الطَّبْعَ ويخرج بطريق التَّرَشُّحَ وَيُقَلِّلُ الْبَلْغَمَ وَيُطَهِّرُ الْكُلْيَتَيْنِ وَيُزِيلُ مَا فِي الْمَثَانَةِ مِنَ الرَّمْلِ وَيُسَمِّنُ الْبَدَنَ وَيَفْتَحُ مَسَامَّ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَهُوَ خَيْرُ الْفَوَاكِهِ وَأَحْمَدُهَا،
وَرُوِيَ أَنَّهُ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَبَقٌ مِنْ تِينٍ فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «كُلُوا فَلَوْ قُلْتُ إِنَّ فَاكِهَةً نَزَلَتْ مِنَ الْجَنَّةِ لَقُلْتُ هَذِهِ لِأَنَّ فَاكِهَةَ الْجَنَّةِ بِلَا عَجَمٍ فَكُلُوهَا فَإِنَّهَا تَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ وَتَنْفَعُ مِنَ النِّقْرِسِ»
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: التِّينُ يُزِيلُ نَكْهَةَ الْفَمِ وَيُطَوِّلُ الشَّعْرَ وَهُوَ أَمَانٌ مِنَ الْفَالِجِ،
وَأَمَّا كَوْنُهُ دَوَاءً، فَلِأَنَّهُ يُتَدَاوَى بِهِ فِي إخراج فضول البدن. واعلم أن لها بعد ما ذَكَرْنَا خَوَاصَّ: أَحَدُهَا: أَنَّ ظَاهِرَهَا كَبَاطِنِهَا لَيْسَتْ كَالْجَوْزِ ظَاهِرُهُ قِشْرٌ وَلَا كَالتَّمْرِ بَاطِنُهُ قِشْرٌ، بَلْ نَقُولُ: إِنَّ مِنَ الثِّمَارِ مَا يَخْبُثُ ظَاهِرُهُ وَيَطِيبُ بَاطِنُهُ، كَالْجَوْزِ وَالْبِطِّيخِ وَمِنْهُ مَا يَطِيبُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ كَالتَّمْرِ وَالْإِجَّاصِ.
أَمَّا التِّينُ فَإِنَّهُ طَيِّبُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْأَشْجَارَ ثَلَاثَةٌ: شَجَرَةٌ تَعِدُ وَتُخْلِفُ وَهِيَ شَجَرَةُ الْخِلَافِ، وَثَانِيَةٌ تَعِدُ وَتَفِي وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي بالنور أولا بعده بالثمرة كَالتُّفَّاحِ وَغَيْرِهِ، وَشَجَرَةٌ تَبْذُلُ قَبْلَ الْوَعْدِ، وَهِيَ التِّينُ لِأَنَّهَا تُخْرِجُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ أَنْ تَعِدَ بِالْوَرْدِ، بَلْ لَوْ غَيَّرْتَ الْعِبَارَةَ لَقُلْتَ هِيَ شَجَرَةٌ تُظْهِرُ الْمَعْنَى قَبْلَ الدَّعْوَى، بَلْ لَكَ أَنْ تَقُولَ: إِنَّهَا شَجَرَةٌ تُخْرِجُ الثَّمَرَةَ قَبْلَ أَنْ تُلْبِسَ نَفْسَهَا بِوَرْدٍ أَوْ بِوَرَقٍ، وَالتُّفَّاحُ وَالْمِشْمِشُ وَغَيْرُهُمَا تَبْدَأُ بِنَفْسِهَا ثُمَّ بِغَيْرِهَا، أَمَّا شَجَرَةُ التِّينِ فَإِنَّهَا تَهْتَمُّ بِغَيْرِهَا/ قَبْلَ اهْتِمَامِهَا بِنَفْسِهَا، فَسَائِرُ الْأَشْجَارِ كَأَرْبَابِ الْمُعَامَلَةِ فِي
قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكِ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ»
وَشَجَرَةُ التِّينِ كَالْمُصْطَفَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَبْدَأُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ فَضَلَ صَرَفَهُ إِلَى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست