responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 94
[قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إلى قوله إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ] اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا وَصَفَ كَرَامَةَ الْأَبْرَارِ فِي الْآخِرَةِ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ قُبْحَ مُعَامَلَةِ الْكُفَّارِ مَعَهُمْ فِي الدُّنْيَا فِي اسْتِهْزَائِهِمْ وَضَحِكِهِمْ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ سَيَنْقَلِبُ عَلَى الْكُفَّارِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ تَسْلِيَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَتَقْوِيَةُ قُلُوبِهِمْ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي سَبَبِ النُّزُولِ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا أَكَابِرُ الْمُشْرِكِينَ كَأَبِي جَهْلٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ كَانُوا يَضْحَكُونَ مِنْ عَمَّارٍ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِمْ الثَّانِي: جَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَخِرَ مِنْهُمُ الْمُنَافِقُونَ وَضَحِكُوا وَتَغَامَزُوا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ فَقَالُوا: رَأَيْنَا الْيَوْمَ الْأَصْلَعَ فَضَحِكُوا مِنْهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الْقَبِيحَةِ فَأَوَّلُهَا: قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِمْ وَبِدِينِهِمْ وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ
أَيْ يَتَفَاعَلُونَ مِنَ الْغَمْزِ، وَهُوَ الْإِشَارَةُ بِالْجَفْنِ وَالْحَاجِبِ وَيَكُونُ الْغَمْزُ أَيْضًا بِمَعْنَى الْعَيْبِ وَغَمَزَهُ إِذَا عَابَهُ، وَمَا فِي فُلَانٍ غَمِيزَةٌ أَيْ مَا يُعَابُ بِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِمْ بِالْأَعْيُنِ اسْتِهْزَاءً وَيَعِيبُونَهُمْ، وَيَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَؤُلَاءِ يُتْعِبُونَ أَنْفُسَهُمْ وَيَحْرِمُونَهَا لَذَّاتِهَا وَيُخَاطِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ فِي طَلَبِ ثَوَابٍ لَا يَتَيَقَّنُونَهُ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَإِذَا انْقَلَبُوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين مُعْجَبِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالْمَعْصِيَةِ وَالتَّنَعُّمِ بِالدُّنْيَا، أَوْ يَتَفَكَّهُونَ بِذِكْرِ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّوءِ، قَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْهُ: فَكِهِينَ بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَحْدَهُ، وَفِي/ سَائِرِ الْقُرْآنِ فاكِهِينَ بِالْأَلِفِ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ فَاكِهِينَ بِالْأَلِفِ، فَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ، وَقِيلَ: فَاكِهِينَ أَيْ مُتَنَعِّمِينَ مَشْغُولِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّنَعُّمِ بِالدُّنْيَا وَفَكِهِينَ مُعْجَبِينَ وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ أَيْ هُمْ عَلَى ضَلَالٍ فِي تَرْكِهِمُ التَّنَعُّمَ الْحَاضِرَ بِسَبَبِ طَلَبِ ثَوَابٍ لَا يُدْرَى هَلْ لَهُ وُجُودٌ أَمْ لَا، وَهَذَا آخِرُ مَا حَكَاهُ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ رُقَبَاءَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، يَحْفَظُونَ عَلَيْهِمْ أَحْوَالَهُمْ وَيَتَفَقَّدُونَ مَا يَصْنَعُونَهُ مِنْ حق أو باطل، فيعبون عَلَيْهِمْ مَا يَعْتَقِدُونَهُ ضَلَالًا، بَلْ إِنَّمَا أُمِرُوا بإصلاح أنفسهم.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست