responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 91
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كِتابٌ مَرْقُومٌ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابِ الْمَرْقُومِ كِتَابُ أَعْمَالِهِمْ وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِتَابٌ مَوْضُوعٌ فِي عِلِّيِّينَ كُتِبَ فِيهِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالثَّوَابِ، وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ، فَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مَكْتُوبَةٌ لَهُمْ فِي سَاقِ الْعَرْشِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي لَوْحٍ مِنْ زَبَرْجَدٍ مُعَلَّقٍ تَحْتَ الْعَرْشِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ بِمَا يُوجِبُ سُرُورَهُمْ، وَذَلِكَ بِالضِّدِّ مِنْ رَقْمِ كِتَابِ الْفُجَّارِ بِمَا يَسُوءُهُمْ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ: يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ يعني الملائكة الذي هُمْ فِي عِلِّيِّينَ يَشْهَدُونَ وَيَحْضُرُونَ ذَلِكَ الْمَكْتُوبَ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ كِتَابُ الْأَعْمَالِ، قَالَ: يَشْهَدُ ذَلِكَ الْكِتَابَ إِذَا صُعِدَ بِهِ إِلَى عِلِّيِّينَ المقربون من الملائكة كرامة للمؤمن.

[سورة المطففين (83) : الآيات 22 الى 28]
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (26)
وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا عَظَّمَ كِتَابَهُمْ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَظَّمَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْزِلَتَهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ثُمَّ وَصَفَ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ النَّعِيمِ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَوَّلُهَا: قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ قَالَ الْقَفَّالُ: الْأَرَائِكُ الْأَسِرَّةُ فِي الْحِجَالِ، وَلَا تُسَمَّى أَرِيكَةً فِيمَا زَعَمُوا إِلَّا إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ، وَعَنِ الْحَسَنِ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا الْأَرِيكَةُ حَتَّى لَقِينَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَخْبَرَنَا أَنَّ الْأَرِيكَةَ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ.
أَمَّا قَوْلُهُ: يَنْظُرُونَ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: يَنْظُرُونَ إِلَى أَنْوَاعِ نِعَمِهِمْ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَالْوِلْدَانِ، وَأَنْوَاعِ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَرَاكِبِ وَغَيْرِهَا،
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «يَلْحَظُ الْمُؤْمِنُ فَيُحِيطُ بِكُلِّ مَا آتَاهُ اللَّهُ وَإِنَّ أَدْنَاهُمْ يَتَرَاءَى لَهُ مِثْلُ سَعَةِ الدُّنْيَا»
وَالثَّانِي: قَالَ مُقَاتِلٌ: يَنْظُرُونَ إِلَى عَدُوِّهِمْ حِينَ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ وَالثَّالِثُ: إِذَا اشْتَهَوْا شَيْئًا نَظَرُوا إِلَيْهِ فَيَحْضُرُهُمْ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي الْحَالِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ مِنْ بَابِ أَنْوَاعِ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَنْظُورُ إِلَيْهِ، فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الْكُلِّ، وَيَخْطُرُ بِبَالِي تَفْسِيرٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَشْرَفُ مِنَ الْكُلِّ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ وَيَتَأَكَّدُ هَذَا التَّأْوِيلُ بِمَا إِنَّهُ قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ وَالنَّظَرُ الْمَقْرُونُ بِالنَّضْرَةِ هُوَ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا قَالَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [الْقِيَامَةِ: 22، 23] وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا التَّأْوِيلُ أَنَّهُ يَجِبُ الِابْتِدَاءُ بِذِكْرِ أَعْظَمِ اللَّذَّاتِ، وَمَا هُوَ إِلَّا رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمَعْنَى إِذَا رَأَيْتَهُمْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ أَهْلُ النِّعْمَةِ بِسَبَبِ مَا تَرَى فِي وُجُوهِهِمْ مِنَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ فِي تِلْكَ الْقَرَائِنِ قَوْلَانِ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست