responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 198
فَمَا زَالَ يُرَدِّدُ هَذَا عِنْدَ الْبَيْتِ حَتَّى أَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ عَلَى نَاقَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مُحَمَّدٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَدْرِي مَاذَا نَرَى مِنِ ابْنِكَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَلِمَ؟ قَالَ: إِنِّي أَنَخْتُ النَّاقَةَ وَأَرْكَبْتُهُ مِنْ خَلْفِي فَأَبَتِ النَّاقَةُ أَنْ تَقُومَ، فَلَمَّا أَرْكَبْتُهُ أَمَامِي قَامَتِ النَّاقَةُ، كَأَنَّ النَّاقَةَ تَقُولُ: يَا أَحْمَقُ هُوَ الْإِمَامُ فَكَيْفَ يَقُومُ خَلْفَ الْمُقْتَدِي! وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَدَّهُ اللَّهُ إِلَى جَدِّهِ بِيَدِ عَدُوِّهِ كَمَا فَعَلَ بِمُوسَى حِينَ حَفِظَهُ عَلَى يَدِ عَدُوِّهِ وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَرَجَ مَعَ غُلَامِ خَدِيجَةَ مَيْسَرَةَ أَخَذَ كَافِرٌ بِزِمَامِ بَعِيرِهِ حَتَّى ضَلَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَهَدَاهُ إِلَى الْقَافِلَةِ، وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا طَالِبٍ خَرَجَ بِهِ إِلَى الشَّأْمِ فَضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ فَهَدَاهُ اللَّهُ تعالى وخامسها: يقال: ضل الماء في الليل إِذَا صَارَ مَغْمُورًا، فَمَعْنَى الْآيَةِ كُنْتَ مَغْمُورًا بَيْنَ الْكُفَّارِ بِمَكَّةَ فَقَوَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى أَظْهَرْتَ دِينَهُ وَسَادِسُهَا: الْعَرَبُ تُسَمِّي الشَّجَرَةَ الْفَرِيدَةَ فِي الْفَلَاةِ ضَالَّةً، كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: كَانَتْ تِلْكَ الْبِلَادُ كَالْمَفَازَةِ لَيْسَ فِيهَا شَجَرَةٌ تَحْمِلُ ثَمَرَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَتَهُ إِلَّا أَنْتَ، فَأَنْتَ، شَجَرَةٌ فَرِيدَةٌ فِي مَفَازَةِ الْجَهْلِ فَوَجَدْتُكَ ضَالًّا فهديت بك الخلق، ونظيره
قوله عليه السلام: «الحكمة ضالة المؤمن»
وسابعها: ووجدك ضَالًّا عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى حِينَ كُنْتَ طِفْلًا صَبِيًّا، كَمَا قَالَ: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً [النَّحْلِ: 78] فَخَلَقَ فِيكَ الْعَقْلَ وَالْهِدَايَةَ وَالْمَعْرِفَةَ، وَالْمُرَادُ مِنَ الضَّالِّ الْخَالِي عَنِ الْعِلْمِ لَا الْمَوْصُوفُ بِالِاعْتِقَادِ الْخَطَأِ وَثَامِنُهَا: كُنْتَ ضَالًّا عَنِ النُّبُوَّةِ مَا كُنْتَ تَطْمَعُ فِي ذَلِكَ وَلَا خَطَرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ النُّبُوَّةَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَهَدَيْتُكَ إِلَى النُّبُوَّةِ الَّتِي مَا كُنْتَ تَطْمَعُ فِيهَا الْبَتَّةَ وَتَاسِعُهَا: أَنَّهُ قَدْ يُخَاطَبُ السَّيِّدُ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ قَوْمَهُ فَقَوْلُهُ: وَوَجَدَكَ ضَالًّا أَيْ وَجَدَ قَوْمَكَ ضُلَّالًا، فَهَدَاهُمْ بِكَ وَبِشَرْعِكَ وَعَاشِرُهَا: وَجَدَكَ ضَالًّا عَنِ الضَّالِّينَ مُنْفَرِدًا عَنْهُمْ مُجَانِبًا لِدِينِهِمْ، فَكُلَّمَا كَانَ بُعْدُكَ عَنْهُمْ أَشَدَّ كَانَ ضَلَالُهُمْ أَشَدَّ، فَهَدَاكَ إِلَى أَنِ اخْتَلَطْتَ بِهِمْ وَدَعَوْتَهُمْ إِلَى الدِّينِ الْمُبِينِ الْحَادِي عَشَرَ: وَجَدَكَ ضَالًّا عَنِ الْهِجْرَةِ، مُتَحَيِّرًا فِي يَدِ قُرَيْشٍ مُتَمَنِّيًا فِرَاقَهُمْ وَكَانَ لَا يُمْكِنُكَ الْخُرُوجُ بِدُونِ إِذْنِهِ تَعَالَى، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ وَوَافَقَهُ الصِّدِّيقُ عَلَيْهِ وَهَدَاهُ إِلَى خَيْمَةِ أُمِّ مَعْبَدٍ، وَكَانَ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ، وَظُهُورِ الْقُوَّةِ فِي الدِّينِ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: فَهَدى، الثَّانِي عَشَرَ: ضَالًّا عَنِ الْقِبْلَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَتَمَنَّى أَنْ تُجْعَلَ الْكَعْبَةُ قِبْلَةً لَهُ/ وَمَا كَانَ يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ أَمْ لَا، فَهَدَاهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها [الْبَقَرَةِ: 144] فَكَأَنَّهُ سُمِّيَ ذَلِكَ التَّحَيُّرُ بِالضَّلَالِ الثَّالِثَ عشر: أنه حين ظهرها لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ مَا كَانَ يَعْرِفُ أَهُوَ جِبْرِيلُ أَمْ لَا، وَكَانَ يَخَافُهُ خَوْفًا شَدِيدًا، وَرُبَّمَا أَرَادَ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنَ الْجَبَلِ فَهَدَاهُ اللَّهُ حَتَّى عَرَفَ أَنَّهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّابِعَ عَشَرَ: الضَّلَالُ بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [يُوسُفَ: 95] أَيْ مَحَبَّتِكَ، وَمَعْنَاهُ أَنَّكَ مُحِبٌّ فَهَدَيْتُكَ إِلَى الشَّرَائِعِ الَّتِي بِهَا تَتَقَرَّبُ إِلَى خِدْمَةِ مَحْبُوبِكَ الْخَامِسَ عَشَرَ: ضَالًّا عَنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَا تَعْرِفُ التِّجَارَةَ وَنَحْوَهَا، ثم هديتك حتى ربحت تجارتك، وعظم ربحت حَتَّى رَغِبَتْ خَدِيجَةُ فِيكَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَا كَانَ لَكَ وُقُوفٌ عَلَى الدُّنْيَا، وَمَا كُنْتَ تَعْرِفُ سِوَى الدِّينِ، فَهَدَيْتُكَ إِلَى مَصَالِحِ الدُّنْيَا بَعْدَ ذَلِكَ السَّادِسَ عَشَرَ: وَوَجَدَكَ ضَالًّا أَيْ ضَائِعًا فِي قَوْمِكَ كَانُوا يُؤْذُونَكَ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِكَ رَعِيَّةً، فَقَوَّى أَمْرَكَ وَهَدَاكَ إِلَى أَنْ صِرْتَ آمِرًا وَالِيًا عَلَيْهِمْ السَّابِعَ عَشَرَ: كُنْتَ ضالا ما كنت تهتدي على طريق السموات فهديتك إذ عرجت بك إلى السموات لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ الثَّامِنَ عَشَرَ: وَوَجَدَكَ ضَالًّا أَيْ نَاسِيًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما [الْبَقَرَةِ: 282] فَهَدَيْتُكَ أَيْ ذَكَّرْتُكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ نَسِيَ مَا يَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِسَبَبِ الْهَيْبَةِ، فَهَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى كَيْفِيَّةِ الثَّنَاءِ حَتَّى
قَالَ: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ»
التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِاللَّهِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست