responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 723
أَيْ يَسْأَلُ سُؤَالَ مُسْتَنْعِتٍ مُسْتَبْعِدٍ لِقِيَامِ السَّاعَةِ، فِي قَوْلِهِ: أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَنَظِيرُهُ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ [يونس: 48] وَاعْلَمْ أَنَّ إِنْكَارَ الْبَعْثِ تَارَةً يَتَوَلَّدُ مِنَ الشُّبْهَةِ وَأُخْرَى مِنَ الشَّهْوَةِ، أَمَّا مِنَ الشُّبْهَةِ فَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ [القيامة: 3] وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الْبَدَنُ فَإِذَا مَاتَ تَفَرَّقَتْ أَجْزَاءُ الْبَدَنِ وَاخْتَلَطَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ بِسَائِرِ أَجْزَاءِ التُّرَابِ وَتَفَرَّقَتْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا فَكَانَ تَمْيِيزُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهَا مُحَالًا فَكَانَ الْبَعْثُ مُحَالًا، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ سَاقِطَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الْبَدَنُ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ شَيْءٌ مُدَبِّرٌ لِهَذَا الْبَدَنِ فَإِذَا فَسَدَ هَذَا الْبَدَنُ بَقِيَ هُوَ حَيًّا كَمَا كَانَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى قَادِرًا عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى أَيِّ بَدَنٍ شَاءَ وَأَرَادَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَسْقُطُ السُّؤَالُ، وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا لِأَنَّهُ أَقْسَمَ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، ثُمَّ قَالَ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ النَّفْسِ وَالْبَدَنِ الثَّانِي: إِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ هَذَا الْبَدَنُ فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ بَعْدَ تَفْرِيقِ أَجْزَائِهِ لَا يُمْكِنُ جَمْعُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ فَيَكُونُ عَالِمًا بِالْجُزْءِ الَّذِي هُوَ بَدَنُ عَمْرٍو، وَهُوَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى كُلِّ الْمُمْكِنَاتِ وَذَلِكَ التَّرْكِيبُ مِنَ/ الْمُمْكِنَاتِ وَإِلَّا لَمَا وُجِدَ أَوَّلًا، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَرْكِيبِهَا.
وَمَتَى ثَبَتَ كَوْنُهُ تَعَالَى عَالِمًا بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ قَادِرًا عَلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ لَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالٌ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ الْمَعَادَ بِنَاءً عَلَى الشَّهْوَةِ فَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ [القيامة: 5] وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي يَمِيلُ طَبْعُهُ إِلَى الِاسْتِرْسَالِ فِي الشَّهَوَاتِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنَ اللَّذَّاتِ لَا يَكَادُ يُقِرُّ بِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَبَعْثِ الْأَمْوَاتِ لِئَلَّا تَتَنَغَّصَ عَلَيْهِ اللَّذَّاتُ الْجُسْمَانِيَّةُ فَيَكُونُ أَبَدًا مُنْكِرًا لذلك قائلا على سبيل الهزء والسخرية أيان يوم القيامة.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ:

[سورة القيامة (75) : الآيات 7 الى 10]
فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)
[قوله تعالى فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ] وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مِنْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أُمُورًا ثَلَاثَةً أَوَّلُهَا: قَوْلُهُ: فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ قُرِئَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، قَالَ الْأَخْفَشُ: الْمَكْسُورَةُ فِي كَلَامِهِمْ أَكْثَرُ وَالْمَفْتُوحَةُ لُغَةٌ أَيْضًا، قَالَ الزَّجَّاجُ: بَرِقَ بَصَرُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ يَبْرُقُ بَرْقًا إِذَا تَحَيَّرَ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُكْثِرَ الْإِنْسَانُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى لَمَعَانِ الْبَرْقِ، فَيُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي نَاظِرِهِ، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَيْرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَظَرٌ إِلَى الْبَرْقِ، كَمَا قَالُوا: قَمِرَ بَصَرُهُ إِذَا فَسَدَ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْقَمَرِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ فِي الْحَيْرَةِ، وَكَذَلِكَ بَعِلَ الرَّجُلُ فِي أَمْرِهِ، أَيْ تَحَيَّرَ وَدَهِشَ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: بَعَلَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا فَاجَأَهَا زَوْجُهَا، فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَتَحَيَّرَتْ، وَأَمَّا بَرَقَ بِفَتْحِ الرَّاءِ، فَهُوَ مِنَ الْبَرِيقِ، أَيْ لَمَعَ مِنْ شِدَّةِ شُخُوصِهِ، وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ بلق بمعنى انفتح، وانفتح يُقَالُ: بَلَقَ الْبَابُ وَأَبْلَقْتُهُ وَبَلَقْتُهُ فَتَحْتُهُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 723
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست