responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 720
لِلْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، مَا نُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ، لَأُقْسِمُ عَلَى أَنَّ اللَّامَ لِلِابْتِدَاءِ، وَأُقْسِمُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، مَعْنَاهُ لَأَنَا أُقْسِمُ وَيُعَضِّدُهُ أَنَّهُ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَاتَّفَقُوا فِي قَوْلِهِ، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ عَلَى لَا أُقْسِمُ، قَالَ الْحَسَنُ مَعْنَى الْآيَةِ أَنِّي أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ لِشَرَفِهَا، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ لِخَسَاسَتِهَا، وَطَعَنَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَقَالَ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ هَذَا لَقَالَ: لَأُقْسِمَنَّ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ: لَأَفْعَلُ كَذَا، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ:
لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، إِلَّا أَنَّ الْوَاحِدِيَّ حَكَى جَوَازَ ذَلِكَ عَنْ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَيْضًا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ شَاذَّةٌ، فَهَبْ أَنَّ هَذَا الشَّاذَّ اسْتَمَرَّ، فَمَا الْوَجْهُ فِي الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ؟ وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِيمَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ، وَأَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارِ قَسَمٍ آخَرَ لِتَكُونَ هَذِهِ اللَّامُ جَوَابًا عَنْهُ، فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ:
وَاللَّهِ لَأُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قَسَمًا عَلَى قَسَمٍ، وَإِنَّهُ رَكِيكٌ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى التَّسَلْسُلِ الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أن لفظة لا وردت للنفي، ثم هاهنا احْتِمَالَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا وَرَدَتْ نَفْيًا لِكَلَامٍ ذُكِرَ قَبْلَ الْقَسَمِ، كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ فَقِيلَ: لَا لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ، ثُمَّ قِيلَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ إِشْكَالٌ، لِأَنَّ إِعَادَةَ حَرْفِ النَّفْيِ مَرَّةً أُخْرَى فِي قَوْلِهِ: وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرُوهُ تَقْدَحُ فِي فَصَاحَةِ الْكَلَامِ.
الاحتمال الثاني: أن لا هاهنا لِنَفْيِ الْقَسَمِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا أُقْسِمُ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَتِلْكَ النَّفْسِ وَلَكِنِّي أَسْأَلُكَ غَيْرَ مُقْسِمٍ أَتَحْسَبُ أَنَّا لَا نَجْمَعُ عِظَامَكَ إِذَا تَفَرَّقَتْ بِالْمَوْتِ فَإِنْ كُنْتَ تَحْسَبُ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّا قَادِرُونَ عَلَى أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ، وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَيُمْكِنُ تَقْدِيرُ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى وُجُوهٍ أُخَرَ أَحَدُهَا: كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: لَا أُقْسِمُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى إِثْبَاتِ هَذَا الْمَطْلُوبِ فَإِنَّ هَذَا الْمَطْلُوبَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُقْسَمَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَيَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ تَعْظِيمَ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وَتَفْخِيمَ شَأْنِهِ وَثَانِيهَا: كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: لَا أُقْسِمُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى إِثْبَاتِ هَذَا الْمَطْلُوبِ، فَإِنَّ إِثْبَاتَهُ أَظْهَرُ وَأَجْلَى وَأَقْوَى وَأَحْرَى، مِنْ أَنْ يُحَاوِلَ إِثْبَاتَهُ بِمِثْلِ هَذَا الْقَسَمِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ [القيامة: 3] أَيْ كَيْفَ خَطَرَ بِبَالِهِ هَذَا الْخَاطِرُ الْفَاسِدُ مَعَ ظُهُورِ فَسَادِهِ وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْهُ الِاسْتِفْهَامَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَالتَّقْدِيرُ أَلَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. أَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ عَلَى أَنَّ الْحَشْرَ وَالنَّشْرَ حَقٌّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ذَكَرُوا فِي النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ كُلَّ نَفْسٍ فَإِنَّهَا تَلُومُ نَفْسَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَرَّةً أَوْ فاجرة، أما البرة فلأجل أنها لم لَمْ تَزِدْ عَلَى طَاعَتِهَا، وَأَمَّا الْفَاجِرَةُ فَلِأَجْلِ أَنَّهَا لِمَ لَمْ تَشْتَغِلْ بِالتَّقْوَى، وَطَعَنَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْوَجْهِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلُومَ نَفْسَهُ عَلَى تَرْكِ الزِّيَادَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ مِنْهُ لَوْمُ نَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ لَجَازَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَلُومَهَا عَلَيْهِ الثَّانِي: أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَلُومُ نَفْسَهُ عِنْدَ الضَّجَارَةِ وَضِيقِ الْقَلْبِ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ حَالَ كَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَلِأَنَّ الْمُكَلَّفَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مِقْدَارَ مِنَ/ الطَّاعَةِ إِلَّا وَيُمْكِنُ الْإِتْيَانُ بِمَا هُوَ أَزْيَدُ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلَّوْمِ لَامْتَنَعَ الِانْفِكَاكُ عَنْهُ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَطْلُوبَ الْحُصُولِ، وَلَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِ تَحْصِيلِهِ وَالْجَوَابُ: عَنِ الْكُلِّ أَنْ يُحْمَلَ اللَّوْمُ عَلَى تَمَنِّي الزِّيَادَةِ، وَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ وَثَانِيهَا: أَنَّ النَّفْسَ اللَّوَّامَةَ هِيَ النُّفُوسُ الْمُتَّقِيَةُ الَّتِي تَلُومُ النَّفْسَ الْعَاصِيَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسَبَبِ أَنَّهَا تَرَكَتِ التَّقْوَى.
ثَالِثُهَا: أَنَّهَا هِيَ النُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ الَّتِي لَا تَزَالُ تَلُومُ نَفْسَهَا وَإِنِ اجْتَهَدَتْ فِي الطَّاعَةِ، وَعَنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا تَرَاهُ إِلَّا لَائِمًا نَفْسَهُ، وَأَمَّا الْجَاهِلُ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَاضِيًا بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْأَحْوَالِ الْخَسِيسَةِ وَرَابِعُهَا: أَنَّهَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 720
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست