responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 662
فَقَالَ: هَذِهِ الْأَرْوَاحُ الْبَشَرِيَّةُ وَالنُّفُوسُ النَّاطِقَةُ إِذَا فَارَقَتْ أَبْدَانَهَا وَازْدَادَتْ قُوَّةً وَكَمَالًا بِسَبَبِ مَا فِي ذَلِكَ الْعَالَمِ الرُّوحَانِيِّ مِنَ انْكِشَافِ الْأَسْرَارِ الرُّوحَانِيَّةِ فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ حَدَثَ بَدَنٌ آخَرُ مُشَابِهٌ لِمَا كَانَ لِتِلْكَ النَّفْسِ الْمُفَارِقَةِ مِنَ البدن، فسبب تِلْكَ الْمُشَاكَلَةِ يَحْصُلُ لِتِلْكَ النَّفْسِ الْمُفَارِقَةِ تَعَلُّقٌ ما لهذا البدن، وتصير تلك النفس المفارقة كالمعاونة لنفس ذلك البدن في أفعالها وتدبيرها لذلك الْبَدَنِ، فَإِنَّ الْجِنْسِيَّةَ عِلَّةُ الضَّمِّ، فَإِنِ اتَّفَقَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ فِي النُّفُوسِ الْخَيِّرَةِ سُمِّيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ مَلَكًا وَتِلْكَ الْإِعَانَةُ إِلْهَامًا، وَإِنِ اتَّفَقَتْ فِي النُّفُوسِ الشِّرِّيرَةِ سُمِّيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ شَيْطَانًا وَتِلْكَ الْإِعَانَةُ وَسْوَسَةً.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي الْجِنِّ أَنَّهُمْ أَجْسَامٌ ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْمَذْهَبِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ، مِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَجْسَامَ مُخْتَلِفَةٌ فِي مَاهِيَّاتِهَا، إِنَّمَا الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ كَوْنُهَا بِأَسْرِهَا حَاصِلَةً فِي الْحَيِّزِ وَالْمَكَانِ وَالْجِهَةِ وَكَوْنُهَا مَوْصُوفَةً بِالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا إِشَارَةٌ إِلَى الصِّفَاتِ، وَالِاشْتِرَاكُ فِي الصِّفَاتِ لَا يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ فِي تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ لَا يَمْتَنِعُ اشْتِرَاكُهَا فِي لَازِمٍ وَاحِدٍ. قَالُوا: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ بِأَنْ يُقَالَ: الْجِسْمُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جِسْمٌ لَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ، وَحَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَحْصُلَ التَّفَاوُتُ فِي مَاهِيَّةِ الْجِسْمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ جِسْمٌ، بَلْ إِنْ حَصَلَ التَّفَاوُتُ حَصَلَ فِي مَفْهُومٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ، وَأَيْضًا فَلِأَنَّهُ يُمْكِنُنَا تَقْسِيمُ الْجِسْمِ إِلَى اللَّطِيفِ وَالْكَثِيفِ، وَالْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، وَمَوْرِدُ التَّقْسِيمِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَقْسَامِ، فَالْأَقْسَامُ كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي الْجِسْمِيَّةِ وَالتَّفَاوُتُ، إِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَهِيَ اللَّطَافَةُ وَالْكَثَافَةُ، وَكَوْنُهَا عُلْوِيَّةً وَسُفْلِيَّةً قَالُوا: وَهَاتَانِ الْحُجَّتَانِ ضَعِيفَتَانِ.
أَمَّا الْحُجَّةُ الْأُولَى: فَلِأَنَّا نَقُولُ، كَمَا أَنَّ الجسم من حيث إنه جسم له حد وَاحِدٌ، وَحَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَكَذَا الْعَرَضُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ عَرَضٌ لَهُ حَدٌّ وَاحِدٌ، وَحَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ الْأَعْرَاضُ كُلُّهَا مُتَسَاوِيَةً فِي تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، بَلِ الْحَقُّ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَعْرَاضِ أَلْبَتَّةَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا مِنَ الذَّاتِيَّاتِ، إذ لَوْ حَصَلَ بَيْنَهَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ، لَكَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرَكُ جِنْسًا لَهَا، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَتِ التِّسْعَةُ أَجْنَاسًا عَالِيَةً بَلْ كَانَتْ أَنْوَاعَ جِنْسٍ وَاحِدٍ إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْأَعْرَاضُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا أَعْرَاضٌ لَهَا حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا ذَاتِيٌّ مُشْتَرَكٌ أَصْلًا، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةً فِي تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ، فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَالُ فِي الْجِسْمِ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ كَمَا أَنَّ الْأَعْرَاضَ مُخْتَلِفَةٌ فِي تَمَامِ الْمَاهِيَّةِ، ثُمَّ إِنَّ تِلْكَ الْمُخْتَلِفَاتِ مُتَسَاوِيَةٌ فِي وَصْفِ عَارِضٍ وَهُوَ كَوْنُهَا عَارِضَةً لِمَوْضُوعَاتِهَا، فَكَذَا مِنَ الْجَائِزِ أَنْ تَكُونَ مَاهِيَّاتُ الْأَجْسَامِ مُخْتَلِفَةً فِي تَمَامِ مَاهِيَّاتِهَا ثُمَّ إِنَّهَا تَكُونُ مُتَسَاوِيَةً فِي وَصْفٍ عَارِضٍ، وَهُوَ كَوْنُهَا مُشَارًا إِلَيْهَا بِالْحِسِّ وَحَاصِلَةً فِي الْحَيِّزِ وَالْمَكَانِ، وَمَوْصُوفَةً بِالْأَبْعَادِ الثَّلَاثَةِ، فَهَذَا الِاحْتِمَالُ لَا دَافِعَ لَهُ أَصْلًا.
وَأَمَّا الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ يُمْكِنُ تَقْسِيمُ الْجِسْمِ إِلَى اللَّطِيفِ وَالْكَثِيفِ فَهِيَ أَيْضًا مَنْقُوضَةٌ بِالْعَرَضِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَقْسِيمُ الْعَرَضِ إِلَى الْكَيْفِ وَالْكَمِّ وَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ مِنَ الذَّاتِيِّ فَضْلًا عَنِ التَّسَاوِي فِي كُلِّ الذَّاتِيَّاتِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ هَاهُنَا أَيْضًا كَذَلِكَ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي كَوْنِ الْأَجْسَامِ مُخْتَلِفَةً وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، فَحِينَئِذٍ قَالُوا: لَا يَمْتَنِعُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَامِ اللَّطِيفَةِ الْهَوَائِيَّةِ أَنْ تَكُونَ مُخَالِفَةً لِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْهَوَاءِ فِي الْمَاهِيَّةِ ثُمَّ تَكُونَ تِلْكَ الْمَاهِيَّةُ تَقْتَضِي لِذَاتِهَا عِلْمًا مخصوصا وقدرة

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 662
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست