responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 658
لِقَوْمِ نُوحٍ، وُدٌّ بِالضَّمِّ صَنَمٌ لِقُرَيْشٍ، وَبِهِ سُمِّيَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ، وَأَقُولُ: عَلَى قول الليث وجب أن لا يجوز هاهنا قِرَاءَةُ وُدٍّ بِالضَّمِّ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي قِصَّةِ نُوحٍ لَا فِي أَحْوَالِ قُرَيْشٍ وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا بِالصَّرْفِ وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ مُشْكِلَةٌ لِأَنَّهُمَا إِنْ كَانَا عَرَبِيَّيْنِ أَوْ عَجَمِيَّيْنِ فَفِيهِمَا سَبَبَا مَنْعِ الصَّرْفِ، إِمَّا التَّعْرِيفُ وَوَزْنُ الْفِعْلِ، وَإِمَّا التَّعْرِيفُ وَالْعُجْمَةُ، فَلَعَلَّهُ صَرَفَهُمَا لِأَجْلِ أَنَّهُ وَجَدَ أَخَوَاتِهِمَا مُنْصَرِفَةً وَدًّا وَسُوَاعًا وَنَسْرًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ نُوحًا لَمَّا حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِأَتْبَاعِهِمْ: لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ قَالَ: وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً فِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أُولَئِكَ الرُّؤَسَاءُ قد أضلوا كثيرا قبل هؤلاء الموصين [بأن يتمسكوا] [1] بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَلَيْسَ هَذَا أَوَّلَ مَرَّةٍ اشْتَغَلُوا بِالْإِضْلَالِ الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى الْأَصْنَامِ، كَقَوْلِهِ: إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ [إِبْرَاهِيمَ: 36] وَأَجْرَى الْأَصْنَامَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَجْرَى الْآدَمِيِّينَ كَقَوْلِهِ: أَلَهُمْ أَرْجُلٌ [الْأَعْرَافِ:
195] ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا فَفِيهِ سُؤَالَانِ:
الْأَوَّلُ: كَيْفَ مَوْقِعُ قَوْلِهِ: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ؟ الْجَوَابُ: كَأَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا/ أَطْنَبَ فِي تَعْدِيدِ أَفْعَالِهِمُ الْمُنْكَرَةِ وَأَقْوَالِهِمُ الْقَبِيحَةِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ غَيْظًا وَغَضَبًا عَلَيْهِمْ فَخَتَمَ كَلَامَهُ بِأَنْ دَعَا عَلَيْهِمْ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: إِنَّمَا بُعِثَ لِيَصْرِفَهُمْ عَنِ الضَّلَالِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فِي أَنْ يَزِيدَ فِي ضَلَالِهِمْ؟
الْجَوَابُ: مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: لَعَلَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الضَّلَالَ فِي أَمْرِ الدِّينِ، بَلِ الضَّلَالُ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ، وَفِي تَرْوِيجِ مَكْرِهِمْ وَحِيَلِهِمْ الثَّانِي: الضَّلَالُ الْعَذَابُ لِقَوْلِهِ: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [القمر: 47] .

[سورة نوح (71) : آية 25]
مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (25)
[في قوله تعالى مما خطاياهم أغرقوا فأدخلوا نارا] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى كَلَامَ نُوحٍ عليه السلام قال بعده: مما خطاياهم أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: (مَا) صِلَةٌ كَقَوْلِهِ: فَبِما نَقْضِهِمْ [النِّسَاءِ: 155] فَبِما رَحْمَةٍ [النساء: 159] وَالْمَعْنَى مِنْ خَطَايَاهُمْ أَيْ مِنْ أَجْلِهَا وَبِسَبَبِهَا، وقرأ ابن مسعود: من خطيئاتهم مَا أُغْرِقُوا فَأَخَّرَ كَلِمَةَ مَا، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لَا تَكُونُ مَا صِلَةً زَائِدَةً لِأَنَّ مَا مَعَ مَا بَعْدَهُ فِي تَقْرِيرِ الْمَصْدَرِ.
واعلم أن تقديم قوله: مما خطاياهم لبيان أنه لم يكن إغراقهم بالطوفان [فإدخالهم النار] [2] إِلَّا مِنْ أَجْلِ خَطِيئَاتِهِمْ، فَمَنْ قَالَ مِنَ الْمُنَجِّمِينَ: إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ أَنَّهُ انْقَضَى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ نِصْفُ الدَّوْرِ الْأَعْظَمِ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ كَانَ مُكَذِّبًا لِصَرِيحِ هَذِهِ الْآيَةِ فَيَجِبُ تَكْفِيرُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قُرِئَ خَطِيئاتِهِمْ بِالْهَمْزَةِ وَخَطِيَّاتِهِمْ بِقَلْبِهَا يَاءً وَإِدْغَامِهَا وَخَطَايَاهُمْ وَخَطِيئَتِهِمْ بِالتَّوْحِيدِ عَلَى إِرَادَةِ الْجِنْسِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْكُفْرُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَطَايَا وَالْخَطِيئَاتِ كِلَاهُمَا جَمْعُ خَطِيئَةٍ، إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ جَمْعُ تَكْسِيرٍ وَالثَّانِيَ جَمْعُ سَلَامَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا فِي الْبَقَرَةِ: [58] عِنْدَ قَوْلِهِ: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وفي الأعراف: [161] عند قوله: خَطِيئاتِكُمْ.

[1] زيادة من الكشاف 4/ 164 ط. دار الفكر.
[2] زيادة من الكشاف 4/ 164 ط. دار الفكر.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 658
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست