responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 577
بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة الملك
وهي ثلاثون آية مكية سُورَةُ الْمُلْكِ وَتُسَمَّى الْمُنْجِيَةُ: لِأَنَّهَا تُنْجِي قَارِئَهَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُسَمِّيهَا الْمُجَادِلَةَ لِأَنَّهَا تُجَادِلُ عَنْ قَارِئِهَا في القبر، وهي ثلاثون آية مكية.

[سورة الملك (67) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
أَمَّا قَوْلُهُ: تَبارَكَ فَقَدْ فَسَّرْنَاهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْفُرْقَانِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِيَدِهِ الْمُلْكُ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ إِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ لِتَأْكِيدِ كَوْنِهِ تَعَالَى مَلِكًا وَمَالِكًا، كَمَا يُقَالُ: بِيَدِ فُلَانٍ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْحَلُّ وَالْعَقْدُ وَلَا مَدْخَلَ لِلْجَارِحَةِ فِي ذَلِكَ. قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : بِيَدِهِ الْمُلْكُ عَلَى كُلِّ مَوْجُودٍ، وَهُوَ عَلى كُلِّ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمُمْكَنَاتِ قَدِيرٌ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ احْتَجَّ بِهَا مَنْ زَعَمَ أَنَّ المعدوم شيء، فقال قوله: هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يَقْتَضِي كَوْنَ مَقْدُورِهِ شَيْئًا، فَذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي هُوَ مَقْدُورُ اللَّهِ تَعَالَى، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا، لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْمَوْجُودِ، لَكَانَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى إِيجَادِهِ وَهُوَ مُحَالٌ، لِأَنَّ إِيجَادَ الْمَوْجُودِ مُحَالٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى إِعْدَامِهِ وَهُوَ مُحَالٌ، لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الْإِعْدَامِ بِالْفَاعِلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ صِفَةٌ مُؤَثِّرَةٌ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَأْثِيرٍ، وَالْعَدَمُ نَفْيٌ مَحْضٌ، فَيَسْتَحِيلُ جَعْلُ الْعَدَمِ أَثَرَ الْقُدْرَةِ، فَيَسْتَحِيلُ وُقُوعُ الْإِعْدَامِ بِالْفَاعِلِ فَثَبَتَ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ مَقْدُورُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَعْدُومُ شَيْئًا، وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا النَّافُونَ لِكَوْنِ الْمَعْدُومِ شَيْئًا بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالُوا: لَا شَكَّ أَنَّ الْجَوْهَرَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جَوْهَرٌ شَيْءٌ وَالسَّوَادَ مِنْ حَيْثُ هُوَ سَوَادٌ شَيْءٌ، وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. فَبِمُقْتَضَى هَذِهِ الْآيَةِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْجَوْهَرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جَوْهَرٌ، وَعَلَى السَّوَادِ مِنْ حَيْثُ هُوَ سَوَادٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ كَوْنُ الْجَوْهَرِ جَوْهَرًا، وَالسَّوَادِ سَوَادًا وَاقِعًا بِالْفَاعِلِ، وَالْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَى فِعْلِهِ، فَإِذًا وُجُودُ اللَّهِ وَذَاتِهِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى كَوْنِ الْجَوْهَرِ جَوْهَرًا، أَوِ السَّوَادِ سَوَادًا، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَعْدُومُ شَيْئًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، ثُمَّ أَجَابُوا عَنْ شُبْهَةِ/ الْخَصْمِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِعْدَامَ لَا يَقَعُ بِالْفَاعِلِ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ، لَكِنْ لِمَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمَقْدُورُ الَّذِي هُوَ مَعْدُومٌ سُمِّيَ شَيْئًا، لِأَجْلِ أَنَّهُ سَيَصِيرُ شَيْئًا، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَجَازًا إِلَّا أَنَّهُ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، لِقِيَامِ سَائِرِ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: زَعَمَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّ إِعْدَامَ الْأَجْسَامِ إِنَّمَا يَقَعُ بِالْفَاعِلِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْحَسَنِ الْخَيَّاطِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَمَحْمُودٍ الْخَوَارِزْمِيِّ، وَزَعَمَ الْجُمْهُورُ مِنَّا وَمِنَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ وقوع الإعدام

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 577
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست