responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 549
مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: أَمَا واللَّه لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، يَعْنِي بِالْأَعَزِّ نَفْسَهُ وَبِالْأَذَلِّ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: لَوْ أَمْسَكْتُمُ النَّفَقَةَ عَنْ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُهَاجِرِينَ لَأَوْشَكُوا أَنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ دِيَارِكُمْ وَبِلَادِكُمْ فَلَا تُنْفِقُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِ مُحَمَّدٍ فَنَزَلَتْ، وَقُرِئَ: لَيَخْرُجَنَّ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي عَيْلَةَ: لَنَخْرُجَنَّ بِالنُّونِ وَنَصَبَ الْأَعَزَّ وَالْأَذَلَّ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي مَفَاتِيحَ الرِّزْقِ وَالْمَطَرِ وَالنَّبَاتِ، والمعنى أن اللَّه هو الرازق: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [يُونُسَ: 31] وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: خَزَائِنُ اللَّه تَعَالَى مَقْدُورَاتُهُ لِأَنَّ فِيهَا كُلَّ مَا يَشَاءُ مِمَّا يُرِيدُ إِخْرَاجَهُ، وَقَالَ الْجُنَيْدُ: خَزَائِنُ اللَّه تَعَالَى فِي السموات الْغُيُوبُ وَفِي الْأَرْضِ الْقُلُوبُ وَهُوَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَمُقَلِّبُ الْقُلُوبِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ أَيْ لَا يَفْقَهُونَ أَنَّ: أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82] وَقَوْلُهُ يَقُولُونَ: لَئِنْ رَجَعْنا أَيْ مِنْ تِلْكَ الْغَزْوَةِ وَهِيَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَرَدَّ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَقَالَ: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ أَيِ الْغَلَبَةُ وَالْقُوَّةُ وَلِمَنْ أَعَزَّهُ اللَّه وَأَيَّدَهُ مِنْ رَسُولِهِ وَمِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَزَّهُمْ بِنُصْرَتِهِ إِيَّاهُمْ وَإِظْهَارِ دِينِهِمْ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ وَأَعْلَمَ رَسُولَهُ بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَلَوْ عَلِمُوهُ مَا قَالُوا:
مَقَالَتَهُمْ هَذِهِ، قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَهُمُ الْأَخِصَّاءُ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْمَذَلَّةَ وَالْهَوَانَ لِلشَّيْطَانِ وَذَوِيهِ مِنَ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَعَنْ بَعْضِ الصَّالِحَاتِ وَكَانَتْ فِي هَيْئَةٍ رَثَّةٍ أَلَسْتُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْعِزُّ الَّذِي لَا ذُلَّ مَعَهُ، وَالْغِنَى الَّذِي لَا فَقْرَ مَعَهُ،
وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ فِيكَ تِيهًا قَالَ: لَيْسَ بِتِيهٍ وَلَكِنَّهُ عِزَّةٌ فَإِنَّ هَذَا العز الذي لا ذل معه والغنى الذي لَا فَقْرَ مَعَهُ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ
قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْمَعْنَى: الْعِزَّةُ غَيْرُ الْكِبْرِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ، فَالْعِزَّةُ مَعْرِفَةُ الْإِنْسَانِ بِحَقِيقَةِ نَفْسِهِ وَإِكْرَامُهَا عَنْ أَنْ يَضَعَهَا لِأَقْسَامٍ عَاجِلَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ كَمَا أَنَّ الْكِبْرَ جَهْلُ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ وَإِنْزَالُهَا فَوْقَ مَنْزِلِهَا فَالْعِزَّةُ تُشْبِهُ الْكِبْرَ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ، وَتَخْتَلِفُ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةِ كَاشْتِبَاهِ التَّوَاضُعِ بِالضِّعَةِ وَالتَّوَاضُعُ مَحْمُودٌ، وَالضِّعَةُ مَذْمُومَةٌ، وَالْكِبْرِ مَذْمُومٌ، وَالْعِزَّةُ مَحْمُودَةٌ، وَلَمَّا كَانَتْ غَيْرَ مَذْمُومَةٍ وَفِيهَا مُشَاكَلَةٌ لِلْكِبْرِ، قَالَ تَعَالَى: بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَفِيهِ إِشَارَةٌ/ خَفِيَّةٌ لِإِثْبَاتِ الْعِزَّةِ بِالْحَقِّ، وَالْوُقُوفُ عَلَى حَدِّ التَّوَاضُعِ مِنْ غَيْرِ انْحِرَافٍ إِلَى الضِّعَةِ وُقُوفٌ عَلَى صِرَاطِ الْعِزَّةِ الْمَنْصُوبِ عَلَى مَتْنِ نَارِ الْكِبْرِ، فَإِنْ قِيلَ:
قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى: لَا يَفْقَهُونَ وَفِي الْأُخْرَى لَا يَعْلَمُونَ فَمَا الْحِكْمَةُ فِيهِ؟ فَنَقُولُ: لِيُعْلَمَ بِالْأَوَّلِ قِلَّةُ كِيَاسَتِهِمْ وَفَهْمِهِمْ، وَبِالثَّانِي كَثْرَةُ حَمَاقَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ، وَلَا يَفْقَهُونَ مِنْ فَقِهَ يَفْقَهُ، كَعَلِمَ يَعْلَمُ، وَمِنْ فَقُهَ يَفْقُهُ: كَعَظُمَ يَعْظُمُ، وَالْأَوَّلُ لِحُصُولِ الْفِقْهِ بِالتَّكَلُّفِ وَالثَّانِي لَا بِالتَّكَلُّفِ، فَالْأَوَّلُ عِلَاجِيٌّ، والثاني مزاجي، ثم قال تعالى:

[سورة المنافقون (63) : الآيات 9 الى 11]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (11)
لَا تُلْهِكُمْ لَا تَشْغَلْكُمْ كَمَا شَغَلَتِ الْمُنَافِقِينَ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نَزَلَتْ فِي حَقِّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 549
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست