responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 588
يَقُومُ بِهِ، يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَنْفَعُهُ وَالْإِنْسَانُ قَلَّمَا يَرْغَبُ فِي صُحْبَةِ مِثْلِ هَذَا، وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّكْلِيفُ شَاقًّا عَلَى النَّفْسِ لَا جَرَمَ كَانَتْ دَرَجَتُهُ عَظِيمَةً فِي الدِّينِ.
التَّكْلِيفُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْمَساكِينِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: «وَالْمَسَاكِينُ» وَاحِدُهَا مِسْكِينٌ، أُخِذَ مِنَ السُّكُونِ كَأَنَّ الْفَقْرَ قَدْ سَكَنَهُ وَهُوَ أَشَدُّ فَقْرًا مِنَ الْفَقِيرِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ [الْبَلَدِ: 16] وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْفَقِيرُ أَسْوَأُ حَالًا، لِأَنَّ الْفَقِيرَ اشْتِقَاقُهُ مِنْ فَقَارِ الظَّهْرِ كَأَنَّ فَقَارَهُ انْكَسَرَ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ. وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ [الْكَهْفِ: 79] جَعَلَهُمْ مَسَاكِينَ مَعَ أَنَّ السَّفِينَةَ كَانَتْ مِلْكًا لَهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِنَّمَا تَأَخَّرَتْ دَرَجَتُهُمْ عَنِ الْيَتَامَى لِأَنَّ الْمِسْكِينَ قَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الِاسْتِخْدَامِ فَكَانَ الْمَيْلُ إِلَى مُخَالَطَتِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى مُخَالَطَةِ الْيَتَامَى، وَلِأَنَّ الْمِسْكِينَ أَيْضًا يُمْكِنُهُ الِاشْتِغَالُ بِتَعَهُّدِ نَفْسِهِ وَمَصَالِحِ مَعِيشَتِهِ، وَالْيَتِيمُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا جَرَمَ قَدَّمَ اللَّهُ ذِكْرَ الْيَتِيمِ عَلَى الْمِسْكِينِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْإِحْسَانُ إِلَى ذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُغَايِرًا لِلزَّكَاةِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ.
التَّكْلِيفُ السَّادِسُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: (حَسَنًا) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالسِّينِ عَلَى مَعْنَى الْوَصْفِ لِلْقَوْلِ، كَأَنَّهُ قَالَ:
قُولُوا لِلنَّاسِ قَوْلًا حَسَنًا، وَالْبَاقُونَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ، وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً [الْعَنْكَبُوتِ: 8] وَبِقَوْلِهِ: ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ [النَّمْلِ: 11] وَفِيهِ أَوْجُهٌ، الْأَوَّلُ: قَالَ الْأَخْفَشُ: مَعْنَاهُ قَوْلًا ذَا حُسْنٍ. الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُسْنًا فِي مَوْضِعِ حَسَنًا كَمَا تَقُولُ: رَجُلٌ عَدْلٌ. الثَّالِثُ:
أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً أَيْ لِيَحْسُنَ قَوْلُكُمْ نُصِبَ عَلَى مَصْدَرِ الْفِعْلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ. الرَّابِعُ: حُسْنًا أَيْ قَوْلٌ هُوَ حَسَنٌ فِي نَفْسِهِ لِإِفْرَاطِ حُسْنِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُقَالُ: لِمَ خُوطِبُوا بِقُولُوا بَعْدَ الْإِخْبَارِ؟ وَالْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ [يُونُسَ: 22] . وَثَانِيهَا: فِيهِ حَذْفٌ أَيْ قُلْنَا لَهُمْ قُولُوا. وَثَالِثُهَا: الْمِيثَاقُ لَا يَكُونُ إِلَّا كَلَامًا كأنه قيل: قلت لا تعبدوا وقولوا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِقَوْلِهِ: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً مَنْ هُوَ؟ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ وَعَلَى أَنْ يَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ثُمَّ قَالَ لِمُوسَى وَأُمَّتِهِ: قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَالْكُلُّ مُمْكِنٌ بِحَسَبِ اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ الأول أقرب حتى تكون القصة قصة وَاحِدَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى مَحَاسِنِ الْعَادَاتِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا يَجِبُ الْقَوْلُ الْحَسَنُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَّا مَعَ الْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ فَلَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَجِبُ لَعْنُهُمْ وَذَمُّهُمْ وَالْمُحَارَبَةُ مَعَهُمْ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ مَعَهُمْ حَسَنًا، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النِّسَاءِ: 148] فَأَبَاحَ الْجَهْرَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 588
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست