responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 559
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ قَبَائِحَ أَفْعَالِ أَسْلَافِ الْيَهُودِ إِلَى هَاهُنَا، شَرَحَ مِنْ هُنَا قبائح أفعال اليهود الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ أَقَاصِيصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وُجُوهًا مِنَ الْمَقْصِدِ، أَحَدُهَا: الدَّلَالَةُ بِهَا عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إِلَّا بِالْوَحْيِ وَيَشْتَرِكُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْعَرَبُ، أَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ هَذِهِ الْقِصَصَ فَلَمَّا سَمِعُوهَا مِنْ مُحَمَّدٍ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ أَصْلًا، عَلِمُوا لَا مَحَالَةَ أَنَّهُ مَا أَخَذَهَا إِلَّا مِنَ الْوَحْيِ. وَأَمَّا الْعَرَبُ فَلَمَّا يُشَاهِدُونَ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُصَدِّقُونَ مُحَمَّدًا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ. وَثَانِيهَا: تَعْدِيدُ النِّعَمِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَا مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى أَسْلَافِهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَرَامَةِ وَالْفَضْلِ كَالْإِنْجَاءِ من آل فرعون بعد ما كَانُوا مَقْهُورِينَ مُسْتَعْبَدِينَ وَنَصْرِهِ إِيَّاهُمْ وَجَعْلِهِمْ أَنْبِيَاءَ وَمُلُوكًا وَتَمْكِينِهِ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَفَرْقِهِ بِهِمُ الْبَحْرَ وَإِهْلَاكِهِ عَدُوَّهُمْ وَإِنْزَالِهِ النُّورَ وَالْبَيَانَ عَلَيْهِمْ بِوَاسِطَةِ إِنْزَالِ التَّوْرَاةِ وَالصَّفْحِ عَنِ الذُّنُوبِ الَّتِي ارْتَكَبُوهَا مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ وَنَقْضِ الْمَوَاثِيقِ وَمَسْأَلَةِ النَّظَرِ إِلَى اللَّهِ جَهْرَةً، ثُمَّ مَا أَخْرَجَهُ لَهُمْ فِي التِّيهِ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ مِنَ الْحَجَرِ وَإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَوِقَايَتِهِمْ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ بِتَظْلِيلِ الْغَمَامِ، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ هَذِهِ النِّعَمَ الْقَدِيمَةَ وَالْحَدِيثَةَ، وَثَالِثُهَا: إِخْبَارُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ/ بِتَقْدِيمِ كُفْرِهِمْ وَخِلَافِهِمْ وَشِقَاقِهِمْ وَتَعَنُّتِهِمْ مَعَ الأنبياء ومعاندتهم لهم وبلوغهم فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ بَعْدَ مُشَاهَدَتِهِمُ الْآيَاتِ الْبَاهِرَةَ عَبَدُوا الْعِجْلَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُمْ بِالْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ، فَدَلَّ عَلَى بَلَادَتِهِمْ، ثُمَّ لَمَّا أُمِرُوا بِدُخُولِ الْبَابِ سُجَّدًا وَأَنْ يَقُولُوا حِطَّةٌ وَوَعَدَهُمْ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ وَيَزِيدَ فِي ثَوَابِ مُحْسِنِهِمْ بَدَّلُوا الْقَوْلَ وَفَسَقُوا، ثُمَّ سَأَلُوا الْفُومَ وَالْبَصَلَ بَدَلَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، ثُمَّ امْتَنَعُوا مِنْ قَبُولِ التَّوْرَاةِ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ بِمُوسَى وَضَمَانِهِمْ لَهُ بِالْمَوَاثِيقِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَيَنْقَادُوا لِمَا يَأْتِي بِهِ حَتَّى رُفِعَ فَوْقَهُمُ الْجَبَلُ ثُمَّ اسْتَحَلُّوا الصَّيْدَ فِي السَّبْتِ وَاعْتَدُّوا، ثُمَّ لَمَّا أُمِرُوا بِذَبْحِ الْبَقَرَةِ شَافَهُوا مُوسَى عليه السلام بقولهم: أَتَتَّخِذُنا هُزُواً [البقرة: 67] ، ثُمَّ لَمَّا شَاهَدُوا إِحْيَاءَ الْمَوْتَى ازْدَادُوا قَسْوَةً، فَكَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: إِذَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْعَالَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ مَعَ نَبِيِّهِمُ الَّذِي أَعَزَّهُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَنْقَذَهُمْ مِنَ الرِّقِّ وَالْآفَةِ بِسَبَبِهِ، فَغَيْرُ بَدِيعٍ مَا يُعَامِلُ بِهِ أَخْلَافُهُمْ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلْيَهُنْ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَالْمُؤْمِنُونَ مَا تَرَوْنَهُ مِنْ عِنَادِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْحَقِّ. وَرَابِعُهَا: تَحْذِيرُ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ كَمَا نَزَلَ بِأَسْلَافِهِمْ فِي تِلْكَ الْوَقَائِعِ الْمَعْدُودَةِ. وَخَامِسُهَا: تَحْذِيرُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ أَنْ يَنْزِلَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ كَمَا نَزَلَ عَلَى أُولَئِكَ الْيَهُودِ، وَسَادِسُهَا: أَنَّهُ احْتِجَاجٌ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ الْمُنْكِرِينَ لِلْإِعَادَةِ مَعَ إِقْرَارِهِمْ بِالِابْتِدَاءِ، وَهُوَ المراد من قوله تعالى: كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى
[البقرة: 73] إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى الدُّعَاءِ إِلَى الْحَقِّ وَقَبُولِهِمُ الْإِيمَانَ مِنْهُ، وَكَانَ يَضِيقُ صَدْرُهُ بِسَبَبِ عِنَادِهِمْ وَتَمَرُّدِهِمْ، فَقَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَخْبَارَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْعِنَادِ الْعَظِيمِ مَعَ مُشَاهَدَةِ الْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ تَسْلِيَةً لِرَسُولِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي زَمَانِهِ مِنْ قِلَّةِ الْقَبُولِ وَالِاسْتِجَابَةِ، فَقَالَ تَعَالَى: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَهَاهُنَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ خِطَابٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً لِأَنَّهُ هُوَ الدَّاعِي وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالِاسْتِجَابَةِ وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ لِلْعُمُومِ، لَكِنَّا حَمَلْنَاهُ عَلَى الْخُصُوصِ لِهَذِهِ الْقَرِينَةِ،
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَدَعَا الْيَهُودَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَكَذَّبُوهُ فَأَنْزَلَ الله

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست