responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 501
السَّائِلِ التَّقَرُّبَ بِذَلِكَ إِلَى الْمَسْئُولِ، وَإِنْ لَمْ يستحق المسؤول لَهُ بِذَلِكَ السُّؤَالِ مَنْفَعَةً زَائِدَةً فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ شَفَاعَةً لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ السُّلْطَانَ إِذَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ لِابْنِهِ وِلَايَةً فَحَثَّهُ بَعْضُ أَوْلِيَائِهِ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ سَوَاءٌ حَثَّهُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحُثَّهُ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ التَّقَرُّبَ إِلَى السُّلْطَانِ لِيَحْصُلَ لَهُ بِذَلِكَ مَنْزِلَةٌ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ إِنَّهُ يَشْفَعُ لِابْنِ السُّلْطَانِ: وَهَذِهِ حَالَتُنَا فِي حَقِّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا نَسْأَلُهُ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ نَكُونَ شَافِعِينَ، وَالْجَوَابُ عَلَى الْأَوَّلِ، لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الرُّتْبَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الشَّفَاعَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّفِيعَ إِنَّمَا سُمِّيَ شَفِيعًا مَأْخُوذًا مِنَ الشَّفْعِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّتْبَةُ، فَسَقَطَ قَوْلُهُمْ، وَبِهَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ السُّؤَالُ الثَّانِي، وَأَيْضًا
فَنَقُولُ فِي الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ الثَّانِي: إِنَّا وَإِنْ كُنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُكْرِمُ رَسُولَهُ وَيُعَظِّمُهُ سَوَاءٌ سَأَلَتِ الْأُمَّةُ ذَلِكَ أَمْ لَمْ تَسْأَلْ، وَلَكِنَّا لَا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ فِي إِكْرَامِهِ بِسَبَبِ سُؤَالِ الْأُمَّةِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ لَوْلَا سُؤَالُ الْأُمَّةِ لَمَا حَصَلَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ وَإِذَا كَانَ هَذَا الِاحْتِمَالُ يَجُوزُ، وَجَبَ أَنْ يَبْقَى تَجْوِيزُ كَوْنِنَا شَافِعِينَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمَّا بَطَلَ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ بَطَلَ قَوْلُهُمْ. وَعَاشِرُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْمَلَائِكَةِ: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَصَاحِبُ الْكَبِيرَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَوَجَبَ دُخُولُهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَسْتَغْفِرُ الْمَلَائِكَةُ لَهُمْ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ وَرَدَ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ [غَافِرٍ: 7] ، إِلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ ذَلِكَ الْعَامِّ لِمَا ثَبَتَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ إِذَا ذُكِرَ بَعْدَهُ بَعْضُ أَقْسَامِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصَ ذَلِكَ الْعَامِّ بِذَلِكَ الْخَاصِّ. الْحَادِيَ عَشَرَ: الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى حُصُولِ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَلْنَذْكُرْ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ:
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» ،
قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَرَدَ عَلَى مُضَادَّةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّا بَيَّنَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْآيَاتِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقُرْآنِ وَجَبَ رَدُّهُ، وَثَانِيهَا: أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَفَاعَتَهُ لَيْسَتْ إِلَّا لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّ شَفَاعَتَهُ مَنْصِبٌ عَظِيمٌ فَتَخْصِيصُهُ بِأَهْلِ الْكَبَائِرِ فَقَطْ يَقْتَضِي حِرْمَانَ أَهْلِ الثَّوَابِ عَنْهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنَ التَّسْوِيَةِ، وَثَالِثُهَا:
أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ فِيهَا بِالظَّنِّ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِهَذَا الْخَبَرِ. ثُمَّ إِنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الخبر لكن فِيهِ احْتِمَالَاتٌ، أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ الِاسْتِفْهَامَ بِمَعْنَى/ الْإِنْكَارِ يَعْنِي أَشَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: هذا رَبِّي أَيْ أَهَذَا رَبِّي، وَثَانِيهَا: أَنَّ لَفْظَ الْكَبِيرَةِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ لَا فِي أَصْلِ اللُّغَةِ وَلَا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ بِالْمَعْصِيَةِ بَلْ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْمَعْصِيَةَ يَتَنَاوَلُ الطَّاعَةَ. قَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ الصلاة: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ [البقرة: 45] ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ
فَقَوْلُهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ
: لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَهْلَ الْمَعَاصِي الْكَبِيرَةِ بَلْ لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَهْلُ الطَّاعَاتِ الْكَبِيرَةِ. فَإِنْ قِيلَ: هَبْ أَنَّ لَفْظَ الْكَبِيرَةِ يَتَنَاوَلُ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِيَ وَلَكِنَّ
قَوْلَهُ أَهْلَ الْكَبَائِرِ
صِيغَةُ جَمْعٍ مَقْرُونَةٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيُفِيدُ الْعُمُومَ فوجب أن يدل الخبر على ثوبت الشَّفَاعَةِ لِكُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَاتِ الْكَبِيرَةِ أَوِ الْمَعَاصِي الْكَبِيرَةِ قُلْنَا: لَفْظُ الْكَبَائِرِ وَإِنْ كَانَ لِلْعُمُومِ إِلَّا أَنَّ لَفْظَ «أَهْلٍ» مُفْرَدٌ فَلَا يُفِيدُ الْعُمُومَ فَيَكْفِي فِي صِدْقِ الْخَبَرِ شَخْصٌ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ فَنَحْمِلُهُ عَلَى الشَّخْصِ الْآتِي بِكُلِّ الطَّاعَاتِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الْحَدِيثِ حَمْلُهُ عَلَيْهِ. وَثَالِثُهَا: هَبْ أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ أَهْلِ الْكَبَائِرِ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي الْكَبِيرَةِ لَكِنَّ أَهْلَ الْمَعَاصِي الْكَبِيرَةِ أَعَمُّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الْكَبِيرَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَوْ قَبْلَ التَّوْبَةِ فَنَحْنُ نَحْمِلُ الْخَبَرَ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي الْكَبِيرَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ، وَيَكُونُ تَأْثِيرُ الشَّفَاعَةِ فِي أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِمَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست