responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 522
هُوَ الْمُنَافِي لَهُ، أَوْ لِأَنَّهُنَّ مُشَارِفَاتٌ لِثَبَاتِ إيمانهن بالامتحان والامتحان وَهُوَ الِابْتِلَاءُ بِالْحَلِفِ، وَالْحَلِفُ لِأَجْلِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِإِيمَانِهِنَّ،
وَكَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِلْمُمْتَحِنَةِ: «باللَّه الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا خَرَجْتِ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، باللَّه مَا خَرَجْتِ رَغْبَةً مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ، باللَّه مَا خَرَجْتِ الْتِمَاسَ دُنْيَا، باللَّه مَا خَرَجْتِ إِلَّا حُبًّا للَّه وَلِرَسُولِهِ»
وَقَوْلُهُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ مِنْكُمْ واللَّه يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ الْعِلْمَ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الظَّنِّ الْغَالِبِ بِالْحَلِفِ وَغَيْرِهِ، فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ أَيْ تَرُدُّوهُنَّ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ الْمُشْرِكِينَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا أَيْ أَعْطُوا أَزْوَاجَهُنَّ مِثْلَ مَا دَفَعُوا إِلَيْهِنَّ مِنَ الْمُهُورِ، وَذَلِكَ أَنَّ الصُّلْحَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةَ كَانَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاكُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُرَدُّ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَى مَكَّةَ مِنْكُمْ لَمْ يُرَدَّ إِلَيْكُمْ، وَكَتَبُوا بِذَلِكَ الْعَهْدِ كِتَابًا وَخَتَمُوهُ، فَجَاءَتْ سُبَيْعَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةُ مُسْلِمَةً وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَأَقْبَلَ زَوْجُهَا مُسَافِرٌ الْمَخْزُومِيُّ، وَقِيلَ: صَيْفِيُّ بْنُ الرَّاهِبِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ارْدُدْ عَلَيَّ امْرَأَتِي فَإِنَّكَ قَدْ شَرَطْتَ لَنَا شَرْطًا أَنْ تَرُدَّ عَلَيْنَا مَنْ أَتَاكَ مِنَّا، وَهَذِهِ طَيَّةُ الْكِتَابِ لَمْ تَجِفَّ، فَنَزَلَتْ بَيَانًا لِأَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا كَانَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ.
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا جَاءَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَطْلُبُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، وَكَانَتْ هَرَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمَعَهَا أَخَوَاهَا عُمَارَةُ وَالْوَلِيدُ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَوَيْهَا وَحَبَسَهَا فَقَالُوا: ارْدُدْهَا عَلَيْنَا، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «كَانَ الشَّرْطُ فِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ»
وَعَنِ الضَّحَّاكِ:
أَنَّ الْعَهْدَ كَانَ إِنْ يَأْتِكَ مِنَّا امْرَأَةٌ لَيْسَتْ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهَا إِلَيْنَا، وَإِنْ دَخَلَتْ فِي دِينِكَ وَلَهَا زَوْجٌ رُدَّتْ عَلَى زَوْجِهَا الَّذِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشَّرْطِ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ نُسِخَ هَذَا الْحُكْمُ وَهَذَا الْعَهْدُ، وَاسْتَحْلَفَهَا الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَلَفَتْ وَأَعْطَى زَوْجَهَا مَا أَنْفَقَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أَيْ مهورهن إذا الْمَهْرُ أَجْرُ الْبُضْعِ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَالْعِصْمَةُ مَا يُعْتَصَمُ بِهِ مِنْ عَهْدٍ/ وَغَيْرِهِ، وَلَا عِصْمَةَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُنَّ وَلَا عَلَقَةَ النِّكَاحِ كَذَلِكَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارَيْنِ يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ، وَقِيلَ: لَا تَقْعُدُوا لِلْكَوَافِرِ، وَقُرِئَ: تُمْسِكُوا، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، وتُمْسِكُوا أَيْ وَلَا تَتَمَسَّكُوا، وقوله تعالى: وَسْئَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَهُوَ إِذَا لَحِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْكُمْ بِأَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الْكُفَّارِ مُرْتَدَّةً فَاسْأَلُوهُمْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنَ الْمَهْرِ إِذَا مَنَعُوهَا وَلَمْ يَدْفَعُوهَا إِلَيْكُمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَغْرَمُوا صَدَاقَهَا كَمَا يُغْرَمُ لهم وهو قوله تعالى:
وَلْيَسْئَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ أَيْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَفِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: فَامْتَحِنُوهُنَّ أَمْرٌ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ أَوْ بِمَعْنَى النَّدْبِ أَوْ بِغَيْرِ هَذَا وَذَلِكَ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ.
الثَّانِي: مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ؟ نَقُولُ: فَائِدَتُهُ بَيَانُ أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى مَا تَطْمَئِنُّ بِهِ النَّفْسُ مِنَ الْإِحَاطَةِ بِحَقِيقَةِ إِيمَانِهِنَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ بِهِ عَلَّامُ الْغُيُوبِ.
الثَّالِثُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ: وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ؟
نَقُولُ: هَذَا بِاعْتِبَارِ الْإِيمَانِ مِنْ جَانِبِهِنَّ وَمِنْ جَانِبِهِمْ إِذِ الْإِيمَانُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ شَرْطٌ لِلْحِلِّ وَلِأَنَّ الذِّكْرَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مُؤَكَّدٌ لِارْتِفَاعِ الْحِلِّ، وفيه من الإفادة مالا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ قِيلَ: هَبْ أَنَّهُ كَذَلِكَ لَكِنْ يَكْفِي قَوْلُهُ: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَالْمَقْصُودُ هَذَا لَا غَيْرُ، نَقُولُ:
التَّلَفُّظُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَا يُفِيدُ ارْتِفَاعَ الْحِلِّ مِنَ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ التَّلَفُّظِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَهَذَا ظَاهِرٌ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 522
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست