responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 499
الْمُسْلِمِينَ قَالُوا: إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يُظْهِرَنَا اللَّه عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ أُبَيٍّ: أَتَظُنُّونَ أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ كَبَعْضِ الْقُرَى الَّتِي غَلَبْتُمُوهُمْ، كَلَّا واللَّه إِنَّهُمْ أَكْثَرُ جَمْعًا وعدة فأنزل اللَّه هذه الآية.

[سورة المجادلة (58) : آية 22]
لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)
الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ مَعَ وِدَادِ أَعْدَاءِ اللَّه، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ أحب أحدا امتنع أن يجب مَعَ ذَلِكَ عَدُوَّهُ وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي الْقَلْبِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْقَلْبِ وِدَادُ أَعْدَاءِ اللَّه، لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ الْإِيمَانُ، فَيَكُونُ صَاحِبُهُ مُنَافِقًا وَالثَّانِي: أَنَّهُمَا يجتمعان ولكنه معصية وكبيرة، وَكَبِيرَةٌ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ صَاحِبُ هَذَا الْوِدَادِ كَافِرًا بِسَبَبِ هَذَا الْوِدَادِ، بَلْ كَانَ عَاصِيًا فِي اللَّه، فَإِنْ قِيلَ: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ مُخَالَطَتُهُمْ وَمُعَاشَرَتُهُمْ، فَمَا هَذِهِ الْمَوَدَّةُ الْمُحَرَّمَةُ الْمَحْظُورَةُ؟ قُلْنَا: الْمَوَدَّةُ الْمَحْظُورَةُ هِيَ إِرَادَةُ مُنَافِسِهِ دِينًا وَدُنْيَا مَعَ كَوْنِهِ كَافِرًا، فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَلَا حَظْرَ فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَالَغَ فِي الْمَنْعِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَدَّةِ مِنْ وُجُوهٍ أَوَّلُهَا: مَا ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَدَّةَ مَعَ الْإِيمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَيْلَ إِلَى هَؤُلَاءِ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْمَيْلِ، وَمَعَ هَذَا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَيْلُ مَغْلُوبًا مَطْرُوحًا بِسَبَبِ الدِّينِ،
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَتَلَ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّه بْنَ الْجَرَّاحِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَتَلَ خَالَهُ الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ دَعَا ابْنَهُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى الْبِرَازِ، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ» وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ قَتَلَ أَخَاهُ عُبَيْدَ بْنَ عمير، / وعلي بن أبي طالب وَعُبَيْدَةَ قَتَلُوا عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ،
أَخْبَرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُوَادُّوا أَقَارِبَهُمْ وَعَشَائِرَهُمْ غَضَبًا للَّه وَدِينِهِ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى عَدَّدَ نِعَمَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَبَدَأَ بِقَوْلِهِ: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ فِي قَلْبِهِ مَوَدَّةُ أَعْدَاءِ اللَّه، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ: كَتَبَ أَمَّا الْقَاضِي فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ عَلَى وَفْقِ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ أَحَدُهَا:
جَعَلَ فِي قُلُوبِهِمْ عَلَامَةً تَعْرِفُ بِهَا الْمَلَائِكَةُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَثَانِيهَا: الْمُرَادُ شَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلْإِيمَانِ بِالْأَلْطَافِ وَالتَّوْفِيقِ وَثَالِثُهَا: قِيلَ فِي: كَتَبَ قَضَى أَنَّ قُلُوبَهُمْ بِهَذَا الْوَصْفِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ نُسَلِّمُهَا لِلْقَاضِي وَنُفَرِّعُ عَلَيْهَا صِحَّةَ قَوْلِنَا، فَإِنَّ الَّذِي قَضَى اللَّه بِهِ أَخْبَرَ عَنْهُ وَكَتَبَهُ فِي اللوح المحفوظ، لو لم يقع لا نقلب خَبَرُ اللَّه الصِّدْقُ كَذِبًا وَهَذَا مُحَالٌ، وَالْمُؤَدِّي إِلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ مَعْنَاهُ: جَمَعَ، وَالْكَتِيبَةُ: الْجَمْعُ مِنَ الْجَيْشِ، وَالتَّقْدِيرُ أُولَئِكَ الَّذِينَ جَمَعَ اللَّه فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ، أَيِ اسْتَكْمَلُوا فَلَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَقُولُونَ: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ [النِّسَاءِ: 150] وَمَتَى كَانُوا كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَحْصُلَ فِي قُلُوبِهِمْ مَوَدَّةُ الْكُفَّارِ، وَقَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: كَتَبَ مَعْنَاهُ أَثْبَتَ وَخَلَقَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يُمْكِنُ كَتْبُهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْإِيجَادِ وَالتَّكْوِينِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: رَوَى الْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ: كُتِبَ عَلَى فِعْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالْبَاقُونَ: كَتَبَ على

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست