responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 492
الْمَشِيئَةِ، أَوْ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، فَإِذَا لَمْ تَقْتَضِ الْمَشِيئَةُ تَقْدِيمَ الْعَذَابِ، وَلَمْ يَقْتَضِ الصَّلَاحُ أَيْضًا ذَلِكَ، فَالْعَذَابُ فِي الْقِيَامَةِ كَافِيهِمْ فِي الرَّدْعِ عما هم عليه.

[سورة المجادلة (58) : آية 9]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى.
اعلم أن المخاطبين بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَوْلَيْنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّا إِنْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى [الْمُجَادِلَةِ: 8] عَلَى الْيَهُودِ حَمَلْنَا فِي هَذِهِ الآية قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى الْمُنَافِقِينَ، أَيْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَإِنْ حَمَلْنَا ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْكُفَّارِ مِنَ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ، حَمَلْنَا هَذَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَمَّ الْيَهُودَ وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى التَّنَاجِي بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ، أَتْبَعَهُ بِأَنْ نَهَى أَصْحَابَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْلُكُوا مِثْلَ طَرِيقَتِهِمْ، فَقَالَ: فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَهُوَ مَا يَقْبُحُ مِمَّا يَخُصُّهُمْ وَالْعُدْوانِ وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى ظُلْمِ الْغَيْرِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَهُوَ مَا يَكُونُ خِلَافًا عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَنَاجَوْا بِالْبَرِّ الَّذِي يُضَادُّ الْعُدْوَانَ وَبِالتَّقْوَى وَهُوَ مَا يُتَّقَى بِهِ مِنَ النَّارِ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمَعَاصِي، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْمَ مَتَى تَنَاجَوْا بِمَا هَذِهِ صِفَتُهُ قَلَّتْ: مُنَاجَاتُهُمْ، لِأَنَّ مَا يَدْعُو إِلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ يَدْعُو إِظْهَارَهُ، وَذَلِكَ يَقْرُبُ مِنْ قَوْلِهِ:
لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [النِّسَاءِ: 114] وَأَيْضًا فَمَتَى عَرَفْتَ طَرِيقَةَ الرَّجُلِ فِي هَذِهِ المناجاة لم يتأذ مِنْ مُنَاجَاتِهِ أَحَدٌ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أَيْ إِلَى حَيْثُ يُحَاسَبُ وَيُجَازَى وَإِلَّا فَالْمَكَانُ لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّه تعالى.

[سورة المجادلة (58) : آية 10]
إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي لَفْظِ النَّجْوى لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، لِأَنَّ فِي النَّجْوَى مَا يَكُونُ مِنَ اللَّه وللَّه، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمَعْهُودُ السَّابِقُ وَهُوَ النَّجْوَى بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى أَنْ يُقْدِمُوا عَلَى تِلْكَ النَّجْوَى الَّتِي/ هِيَ سَبَبٌ لِحُزْنِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا رَأَوْهُمْ مُتَنَاجِينَ، قَالُوا: مَا نَرَاهُمْ إِلَّا وَقَدْ بَلَغَهُمْ عَنْ أَقْرِبَائِنَا وَإِخْوَانِنَا الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى الْغَزَوَاتِ أَنَّهُمْ قُتِلُوا وَهُزِمُوا، وَيَقَعُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ ويحزنون له.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ يَضُرُّ التَّنَاجِي بِالْمُؤْمِنِينَ شَيْئًا وَالثَّانِي: الشَّيْطَانُ لَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه، وَقَوْلُهُ: إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَقِيلَ: بِعِلْمِهِ وَقِيلَ: بِخَلْقِهِ، وَتَقْدِيرِهِ لِلْأَمْرَاضِ وَأَحْوَالِ الْقَلْبِ مِنَ الْحُزْنِ وَالْفَرَحِ، وَقِيلَ: بِأَنْ يُبَيِّنَ كَيْفِيَّةَ مُنَاجَاةِ الْكُفَّارِ حَتَّى يَزُولَ الْغَمُّ.
ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ لَا يَخِيبُ أَمَلُهُ وَلَا يبطل سعيه.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 492
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست