responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 447
مُتَنَاهِيَةٌ، فَإِذَنْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَحْصُلَ بَعْدَهَا عَدَمٌ أَبَدِيٌّ غَيْرُ مُنْقَضٍّ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا كَانَ جَاهِلًا بِهَا وَالْجَهْلُ عَلَى اللَّه مُحَالٌ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْحَوَادِثَ الْمُسْتَقْبَلَةَ قَابِلَةٌ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُتَنَاهٍ وَالْجَوَابُ: أَنَّ إِمْكَانَ اسْتِمْرَارِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَاصِلٌ إِلَى الْأَبَدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ هَذِهِ الْمَاهِيَّاتِ لَوْ زَالَتْ إِمْكَانَاتُهَا، لَزِمَ أَنْ يَنْقَلِبَ الْمُمْكِنُ لِذَاتِهِ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ، وَلَوِ انْقَلَبَتْ قُدْرَةُ اللَّه مِنْ صَلَاحِيَّةِ التَّأْثِيرِ إِلَى امْتِنَاعِ التَّأْثِيرِ، لَانْقَلَبَتِ الْمَاهِيَّاتُ وَذَلِكَ مُحَالٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى هَذَا الْإِمْكَانُ أَبَدًا، فَإِذَنْ ثَبَتَ أَنَّهُ يَجِبُ انْتِهَاءُ هَذِهِ الْمُحْدَثَاتِ إِلَى الْعَدَمِ الصِّرْفِ، أَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْآيَةِ فَسَنَذْكُرُ الْجَوَابَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَأَمَّا الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ: فَجَوَابُهَا أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عَدَدٌ مُعَيَّنٌ، وَهَذَا لَا يَكُونُ جَهْلًا، إِنَّمَا الْجَهْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ وَلَا يَعْلَمُهُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ وَأَنْتَ تَعْلَمُهُ عَلَى الْوَجْهِ فَهَذَا لَا يَكُونُ جَهْلًا بَلْ عِلْمًا وَأَمَّا الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ: فَجَوَابُهَا أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهُ إِلَى الْوُجُودِ أَبَدًا لَا يَكُونُ مُتَنَاهِيًا، ثُمَّ إِنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ لَمَّا أَثْبَتُوا إِمْكَانَ بَقَاءِ الْعَالَمِ أَبَدًا عَوَّلُوا فِي بَقَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أَبَدًا، عَلَى إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَظَوَاهِرِ الْآيَاتِ، وَلَا يَخْفَى تَقْرِيرُهَا، وَأَمَّا جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ سَلَّمُوا بَقَاءَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أَبَدًا، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى كَوْنِهِ تَعَالَى آخِرًا عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى يُفْنِي جَمِيعَ الْعَالَمِ وَالْمُمْكِنَاتِ فَيَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ آخِرًا، ثُمَّ إِنَّهُ يُوجِدُهَا وَيُبْقِيهَا أَبَدًا وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمَوْجُودَ الَّذِي يَصِحُّ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَكُونَ آخِرًا لِكُلِّ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ إِلَّا هُوَ، فَلَمَّا كَانَتْ صِحَّةُ آخِرِيَّةِ كُلِّ الْأَشْيَاءِ مُخْتَصَّةٌ بِهِ سُبْحَانَهُ، لَا جَرَمَ وُصِفَ بِكَوْنِهِ آخِرًا وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْوُجُودَ مِنْهُ تَعَالَى يَبْتَدِئُ، وَلَا يَزَالُ يَنْزِلُ وَيَنْزِلُ حتى ينتهي إلى الموجود الأخير، الذي كون هُوَ مُسَبِّبًا لِكُلِّ مَا عَدَاهُ، وَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِشَيْءٍ آخَرَ، فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَكُونُ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ إِذَا انْتَهَى أَخَذَ يَتَرَقَّى مِنْ هَذَا الْمَوْجُودِ الْأَخِيرِ دَرَجَةً فَدَرَجَةً حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِ التَّرَقِّي، فَهُنَاكَ وُجُودُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ أَوَّلٌ فِي نُزُولِ الْوُجُودِ مِنْهُ إِلَى الْمُمْكِنَاتِ، آخِرٌ عِنْدَ الصُّعُودِ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ إِلَيْهِ وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ يُمِيتُ الْخَلْقَ وَيَبْقَى بَعْدَهُمْ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ آخِرٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ أَوَّلٌ فِي الْوُجُودِ وَآخِرٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ جَمِيعِ الِاسْتِدْلَالَاتِ مَعْرِفَةُ الصَّانِعِ، وَأَمَّا سَائِرُ الِاسْتِدْلَالَاتِ الَّتِي لَا يُرَادُ مِنْهَا مَعْرِفَةُ الصَّانِعِ فَهِيَ حَقِيرَةٌ خَسِيسَةٌ، أَمَّا كَوْنُهُ تعالى ظاهرا وباطنا، فاعلم أنه ظاهر بحسيب الْوُجُودِ، فَإِنَّكَ لَا تَرَى شَيْئًا مِنَ الْكَائِنَاتِ وَالْمُمْكِنَاتِ إِلَّا وَيَكُونُ دَلِيلًا/ عَلَى وُجُودِهِ وَثُبُوتِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَبَرَاءَتِهِ عَنْ جِهَاتِ التَّغَيُّرِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ، وَأَمَّا كَوْنُهُ تَعَالَى بَاطِنًا فَمِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ كَمَالَ كَوْنِهِ ظَاهِرًا سَبَبٌ لِكَوْنِهِ بَاطِنًا، فَإِنَّ هَذِهِ الشَّمْسَ لَوْ دَامَتْ عَلَى الْفَلَكِ لَمَا كُنَّا نَعْرِفُ أَنَّ هَذَا الضَّوْءَ إِنَّمَا حَصَلَ بِسَبَبِهَا، بَلْ رُبَّمَا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ الْأَشْيَاءَ مُضِيئَةٌ لِذَوَاتِهَا إِلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ بِحَيْثُ تَغْرُبُ ثُمَّ
تَرَى أَنَّهَا مَتَى غَرَبَتْ أُبْطِلَتِ الْأَنْوَارُ وَزَالَتِ الْأَضْوَاءُ عَنْ هَذَا الْعَالَمِ، عَلِمْنَا حِينَئِذٍ أَنَّ هَذِهِ الْأَضْوَاءَ مِنَ الشَّمْسِ، فَهَهُنَا لَوْ أَمْكَنَ انْقِطَاعُ وُجُودِ اللَّه عَنْ هَذِهِ الْمُمْكِنَاتِ لَظَهَرَ حِينَئِذٍ أَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْمُمْكِنَاتِ مِنْ وُجُودِ اللَّه تَعَالَى، لَكِنَّهُ لَمَّا دَامَ ذَلِكَ الْجُودُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ صَارَ دَوَامُهُ وَكَمَالُهُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الشُّبْهَةِ، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا يَظُنُّ أَنَّ نُورَ الْوُجُودِ لَيْسَ مِنْهُ بَلْ وُجُودُ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ مِنْ ذَاتِهِ، فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِتَارَ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْ كَمَالِ وَجُودِهِ، وَمِنْ دَوَامِ جُودِهِ، فَسُبْحَانَ مَنِ اخْتَفَى عَنِ الْعُقُولِ لِشِدَّةِ ظُهُورِهِ، وَاحْتَجَبَ عَنْهَا بِكَمَالِ نُورِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَاهِيَّتَهُ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ لِلْبَشَرِ الْبَتَّةَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَتَصَوَّرُ مَاهِيَّةَ الشَّيْءِ إِلَّا إِذَا أَدْرَكَهُ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى سَبِيلِ الْوِجْدَانِ كَالْأَلَمِ وَاللَّذَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ أَدْرَكَهُ بِحِسِّهِ كَالْأَلْوَانِ وَالطُّعُومِ وَسَائِرِ الْمَحْسُوسَاتِ، فَأَمَّا مَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَيَتَعَذَّرُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَوَّرَ مَاهِيَّتَهُ الْبَتَّةَ، وَهُوِيَّتَهُ المخصوصة جل

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 447
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست