responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 432
[الصمد: 1] فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُتَكَلِّمٍ بِهِ بَلْ هُوَ قَائِلٌ لَهُ غَيْرُ آمِرٍ لِغَيْرِهِ بِالْقَوْلِ، فَالْقُرْآنُ هُوَ الذِّكْرُ الَّذِي لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى قَصْدِ الذِّكْرِ لَا عَلَى قَصْدِ الْكَلَامِ فَهُوَ الْمُطْلَقُ وَغَيْرُهُ قَدْ يَكُونُ ذِكْرًا، وَقَدْ لَا يَكُونُ، فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا قَالَ: ادْخُلُوها بِسَلامٍ [الْحِجْرِ: 46] وَأَرَادَ الْإِخْبَارَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ قُرْآنًا وَذِكْرًا، نَقُولُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ قُرْآنٌ، وَمَنْ ذَكَرَهُ عَلَى قَصْدِ الْإِخْبَارِ، وَأَرَادَ الْأَمْرَ وَالْإِذْنَ فِي الدُّخُولِ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا، وَلِهَذَا نَقُولُ نَحْنُ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ وَلَوْ كَانَ قَارِئًا لَمَا بَطَلَتْ، وَهَذَا جَوَابٌ فِيهِ لُطْفٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ الْمُطَالِعُ لِهَذَا الْكِتَابِ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنِّي فَرَّقْتُ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ قَوْلُ/ الْقَائِلٍ: ادْخُلُوها بِسَلامٍ عَلَى قَصْدِ الْإِذْنِ قُرْآنًا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: لَيْسَ الْقَائِلُ ادْخُلُوها بِسَلامٍ عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ بِقَارِئٍ لِلْقُرْآنِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْقُولُ فَهُوَ أَنَّ الْعِبَادَةَ عَلَى مُنَافَاةِ الشَّهْوَةِ، وَالشَّهْوَةُ إِمَّا شَهْوَةُ الْبَطْنِ، وَإِمَّا شَهْوَةُ الْفَرْجِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَخْلُو عَنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِ شَيْئًا آخَرَ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَنْكُوحِ، لَكِنَّ شَهْوَةَ الْبَطْنِ قَدْ لَا تَبْقَى شَهْوَةً بَلْ تَصِيرُ حَاجَةً عِنْدَ الْجُوعِ وَضَرُورَةً عِنْدِ الْخَوْفِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ [الْوَاقِعَةِ: 21] أَيْ لَا يَكُونُ لِحَاجَةٍ وَلَا ضَرُورَةٍ بَلْ لِمُجَرَّدِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَأَمَّا شَهْوَةُ الْفَرْجِ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا شَهْوَةً وَإِنْ خَرَجَتْ تَكُونُ فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ لَا الضَّرُورَةِ، فَلَا يُعْلَمُ أَنَّ شَهْوَةَ الْفَرْجِ لَيْسَتْ شَهْوَةً مَحْضَةً، وَالْعِبَادَةُ فِيهَا مُنْضَمَّةٌ لِلشَّهْوَةِ، فَلَمْ تَخْرُجْ شَهْوَةُ الْفَرْجِ عَنْ كونها عبادة بدنية قط بل حكم الشارع بِبُطْلَانِ الْحَجِّ بِهِ، وَبُطْلَانِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَأَمَّا قَضَاءُ شَهْوَةِ الْبَطْنِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ شَهْوَةً مُجَرَّدَةً بَطَلَ بِهِ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ دُونَ الْحَجِّ، وَرُبَّمَا لَمْ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ أَيْضًا، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: خُرُوجُ الْخَارِجِ دَلِيلُ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ الْبَطْنِيَّةِ، وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ دَلِيلُ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ الْفَرْجِيَّةِ، فَوَاجِبٌ بِهِمَا تَطْهِيرُ النَّفْسِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ مُتَحَاذِيَانِ، فَأَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِتَطْهِيرِ الظَّاهِرِ عِنْدَ الْحَدَثِ وَالْإِنْزَالِ لِمُوَافَقَةِ الْبَاطِنِ، وَالْإِنْسَانُ إِذَا كَانَ لَهُ بَصِيرَةٌ وَيَنْظُرُ فِي تَطْهِيرِ بَاطِنِهِ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ لِلْجَنَابَةِ، فَإِنَّهُ يَجِدُ خِفَّةً وَرَغْبَةً فِي الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَهُنَا تَتِمَّةٌ لِهَذِهِ اللَّطِيفَةِ وَهِيَ أَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ: لَوْ صَحَّ قَوْلُكَ لَلَزِمَ أَنْ يَجِبَ الْوُضُوءُ بِالْأَكْلِ كَمَا يَجِبُ بِالْحَدَثِ لِأَنَّ الْأَكْلَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الِاغْتِسَالَ لَمَّا وَجَبَ بِالْإِنْزَالِ، لِكَوْنِهِ دَلِيلَ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَكَذَا بِالْإِيلَاجِ، لِكَوْنِهِ قَضَاءً بالإيلاج، فكذلك الإحداث والأكل فنقول: هاهنا سِرٌّ مَكْنُونٌ وَهُوَ مَا بَيَّنَّاهُ أَنَّ الْأَكْلَ قَدْ يَكُونُ لِحَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ فَنَقُولُ: الْأَكْلُ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ لِلشَّهْوَةِ إِلَّا بِعَلَامَةٍ، فَإِذَا أَحْدَثَ عُلِمَ أَنَّهُ أَكَلَ وَلَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ لِلشَّهْوَةِ وَأَمَّا الْإِيلَاجُ فَلَا يَكُونُ لِلْحَاجَةِ وَلَا يَكُونُ لِلضَّرُورَةِ فَهُوَ شَهْوَةٌ كَيْفَمَا كَانَ، فَنَاطَ الشَّارِعُ إِيجَابَ التَّطْهِيرِ بِدَلِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا:
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ»
فَإِنَّ الْإِنْزَالَ كَالْإِحْدَاثِ، وَكَمَا أَنَّ الْحَدَثَ هُوَ الْخَارِجُ وَهُوَ أَصْلٌ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ، كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْإِنْزَالُ الَّذِي هُوَ الْخُرُوجُ هُوَ الْأَصْلَ فِي إِيجَابِ الْغُسْلِ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَتَبَيَّنُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالشَّهْوَةِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ بَعْدَ الْإِنْزَالِ لَا يَشْتَهِي الْجِمَاعَ فِي الظَّاهِرِ وَثَانِيهِمَا: مَا
رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ
فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ كَمَا أَنَّ خُرُوجَ الْحَدَثِ دَلِيلُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا يَصْبِرُ إِلَى أَنْ يَسْتَوِيَ الطَّعَامُ بِالنَّارِ بَلْ يَأْكُلُ كَيْفَمَا كَانَ، فَأَكْلُ الشَّيْءِ بَعْدَ الطَّبْخِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَاضٍ بِهِ الشَّهْوَةَ لَا دَافِعٌ بِهِ الضَّرُورَةَ، وَنَعُودُ إِلَى الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ وَنَقُولُ: إِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَضَى بِأَنَّ شَهْوَةَ الْفَرْجِ شَهْوَةٌ مَحْضَةٌ، فَلَا تُجَامِعُ الْعِبَادَةُ الْجَنَابَةَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ، وَالْمُحْدِثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَيْسَ يَكُونُ عَنْ شَهْوَةٍ مَحْضَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ طَهَّرَهُمُ اللَّه فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمْ وَأَبْقَاهُمْ/ كَذَلِكَ طول عمرهم

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست