responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 408
تَرْضَى بِأَنْ تَتَزَوَّجَ مِنْ رَجُلٍ لَا تَعْرِفُهُ وَتَخْتَارُ التَّزْوِيجَ بِأَقْرَانِهَا وَمَعَارِفِهَا لَكِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنَّ مِنْ جِنْسِ أَبْنَاءِ آدَمَ وَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ بِكْرًا لَمْ تَرَ زَوْجًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهَا سُوءُ عِشْرَةٍ فَقَالَ: أَبْكاراً فَلَا يُوجَدُ فِيهِنَّ مَا يُوجَدُ فِي أَبْكَارِ الدُّنْيَا الثَّانِي: الْمُرَادُ أَبْكَارًا بَكَارَةً تُخَالِفُ بَكَارَةَ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْبَكَارَةَ لَا تَعُودُ إِلَّا عَلَى بُعْدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَتْراباً يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا: مُسْتَوِيَاتٌ فِي السِّنِّ فَلَا تَفْضُلُ إِحْدَاهُنَّ عَلَى الْأُخْرَى بِصِغَرٍ وَلَا كِبَرٍ كُلُّهُنَّ خُلِقْنَ فِي زَمَانٍ/ وَاحِدٍ، وَلَا يَلْحَقُهُنَّ عَجْزٌ وَلَا زَمَانَةٌ وَلَا تَغَيُّرُ لَوْنٍ، وَعَلَى هَذَا إِنْ كُنَّ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ فَاللَّفْظُ فِيهِنَّ حَقِيقَةٌ، وَإِنْ كُنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ فَمَعْنَاهُ مَا كَبِرْنَ سُمِّينَ بِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ تُمَسُّ وَقْتَ مَسِّ الْأُخْرَى لَكِنْ نُسِيَ الْأَصْلُ، وَجُعِلَ عِبَارَةً عَنْ ذَلِكَ كَاللَّذَّةِ لِلْمُتَسَاوِيَيْنِ مِنَ الْعُقَلَاءِ، فَأَطْلَقَ عَلَى حُورِ الْجَنَّةِ أَتْرَابًا ثَانِيهَا:
أَتْرَابًا مُتَمَاثِلَاتٍ فِي النَّظَرِ إِلَيْهِنَّ كَالْأَتْرَابِ سَوَاءٌ وُجِدْنَ فِي زَمَانٍ أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي أَزْمِنَةٍ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا خُلِقَ لَهُ مِنْهُنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ ثَالِثُهَا: أَتْرَابًا لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، أَيْ عَلَى سِنِّهِمْ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الِاتِّفَاقِ، لِأَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْآخَرِ فَالشَّابُّ يُعَيِّرُهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِنْ قِيلَ مَا الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ: فَجَعَلْناهُنَّ؟ نَقُولُ: فَائِدَتُهُ ظَاهِرَةٌ تَتَبَيَّنُ بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّامِ فِي: لِأَصْحابِ الْيَمِينِ فنقول: إن كانت اللام متعلقة بأترابا يَكُونُ مَعْنَاهُ: أَنْشَأْناهُنَّ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كانت متعلقة بأنشأناهن يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنْشَأْنَاهُنَّ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ وَالْإِنْشَاءُ حَالَ كَوْنِهِنَّ أَبْكَارًا وَأَتْرَابًا فَلَا يَتَعَلَّقُ الْإِنْشَاءُ بِالْأَبْكَارِ بِحَيْثُ يَكُونُ كَوْنُهُنَّ أَبْكَارًا بِالْإِنْشَاءِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِ تَأْثِيرًا وَاجِبًا فَنَقُولُ: صَرْفُهُ لِلْإِنْشَاءِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْشَاءَ كَانَ بِفِعْلٍ فَيَكُونُ الْإِنْعَامُ عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ إِنْشَائِهِنَّ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ: فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً لِيَكُونَ تَرْتِيبُ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ كَوْنَهُنَّ أَبْكَارًا، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْإِنْشَاءُ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لِلْأَزْوَاجِ مَا كَانَ يَقْتَضِي جَعْلَهُنَّ أَبْكَارًا فَالْفَاءُ لترتيب المقتضى على المقتضى. ثم قال تعالى:

[سورة الواقعة (56) : الآيات 39 الى 40]
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (40)
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ لَكِنَّ هُنَا لَطِيفَةً: وَهِيَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي السَّابِقِينَ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ [الواقعة: 13] قَبْلَ ذِكْرِ السُّرُرِ وَالْفَاكِهَةِ وَالْحُورِ وَذَكَرَ فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ النِّعَمِ، نَقُولُ: السَّابِقُونَ لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى الْحُورِ الْعِينِ وَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَنِعَمُ الْجَنَّةِ تَتَشَرَّفُ بِهِمْ، وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهَا فَقَدَّمَ ذِكْرَهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَأَمَّا السَّابِقُونَ فَذَكَرَهُمْ أَوَّلًا ثُمَّ ذَكَرَ مَكَانَهُمْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ وَارِدُونَ عَلَيْكُمْ. وَالَّذِي يُتَمِّمُ هَذِهِ اللَّطِيفَةَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُقَدِّمْ ثُلَّةَ السَّابِقِينَ إِلَّا لِكَوْنِهِمْ مُقَرَّبِينَ حِسًّا فَقَالَ:
الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ [الْوَاقِعَةِ: 11، 12] ثُمَّ قَالَ: ثُلَّةٌ ثُمَّ ذَكَرَ النِّعَمَ لِكَوْنِهَا فَوْقَ الدُّنْيَا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى مِنَ اللَّهِ فَإِنَّهَا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشُّورَى: 23] أي في المؤمنين ووعد المرسلين بالزلفى في قوله: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى [ص: 25] وأما قوله: فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [الواقعة: 12] فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لِتَمْيِيزِ مُقَرَّبِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مُقَرَّبِي الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّهُمْ مُقَرَّبُونَ فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ مُقَرَّبُونَ فِي أَمَاكِنِهِمْ لِقَضَاءِ الْأَشْغَالِ الَّتِي لِلنَّاسِ وَغَيْرِهِمْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَقَدْ بَانَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ هُمُ النَّاجُونَ الَّذِينَ أَذْنَبُوا وَأَسْرَفُوا وَعَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ بِسَبَبِ أَدْنَى حَسَنَةٍ لَا الَّذِينَ غَلَبَتْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 408
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست