responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 387
أَيْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنْتُمْ أَزْوَاجٌ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ وَفَسَّرَهَا بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْفَاءُ تَدُلُّ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَبَيَانُ مَا وَرَدَ عَلَى التَّقْسِيمِ كَأَنَّهُ قَالَ: (أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ) إِلَخْ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ كُلِّ قَوْمٍ، فَقَالَ: مَا أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ فَتَرَكَ التَّقْسِيمَ أَوَّلًا وَاكْتَفَى بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مَعَ أَحْوَالِهَا، وَسَبَقَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً يُغْنِي عَنْ تَعْدِيدِ الْأَقْسَامِ، ثُمَّ أَعَادَ كُلَّ وَاحِدَةٍ لِبَيَانِ حَالِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الثانية: أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ هُمْ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ، وَتَسْمِيَتُهُمْ بِأَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ إِمَّا لِكَوْنِهِمْ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ كُتُبُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَإِمَّا لِكَوْنِ أَيْمَانِهِمْ تَسْتَنِيرُ بِنُورٍ مِنَ اللَّه تعالى، كما قال تعالى: يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ [الحديد: 12] وَإِمَّا لِكَوْنِ الْيَمِينِ يُرَادُ بِهِ الدَّلِيلُ عَلَى الْخَيْرِ، وَالْعَرَبُ تَتَفَاءَلُ بِالسَّانِحِ، وَ [هُوَ] الَّذِي يَقْصِدُ جَانِبَ الْيَمِينِ مِنَ الطُّيُورِ وَالْوُحُوشِ عِنْدَ الزَّجْرِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ دَلِيلٌ عَلَى قُدْرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، حَتَّى أَنَّ فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ لَهُ دَلَائِلُ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَدَلَائِلُ الِاخْتِيَارِ إِثْبَاتُ مُخْتَلِفَيْنِ فِي مَحَلَّيْنِ مُتَشَابِهَيْنِ، أَوْ إِثْبَاتُ مُتَشَابِهَيْنِ فِي مَحَلَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، إِذْ حَالُ الْإِنْسَانِ مِنْ أَشَدِّ الْأَشْيَاءِ مُشَابَهَةً فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مُتَشَابِهٍ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَوْدَعَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنَ الْإِنْسَانِ قُوَّةً لَيْسَتْ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنْ يَذْكُرُوا لَهُ مُرَجِّحًا غَيْرَ قُدْرَةِ اللَّه وَإِرَادَتِهِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَدَّعِي كِيَاسَةً وَذَكَاءً يَقُولُ: إِنَّ الْكَبِدَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَبِهَا قُوَّةُ التَّغْذِيَةِ، وَالطِّحَالَ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَلَيْسَ فِيهِ قُوَّةٌ ظَاهِرَةُ/ النَّفْعِ فَصَارَ الْجَانِبُ الْأَيْمَنُ قَوِيًّا لِمَكَانِ الْكَبِدِ عَلَى الْيَمِينِ؟ فَنَقُولُ: هَذَا دَلِيلُ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ الْيَمِينَ كَالشِّمَالِ، وَتَخْصِيصُ اللَّه اليمين يجعله مَكَانَ الْكَبِدِ دَلِيلُ الِاخْتِيَارِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَمِينُهُ أَقْوَى مِنْ شِمَالِهِ، فَضَّلُوا الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ، وَجَعَلُوا الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ لِلْأَكَابِرِ، وَقِيلَ: لِمَنْ لَهُ مَكَانَةٌ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَوَضَعُوا لَهُ لَفْظًا عَلَى وَزْنِ الْعَزِيزِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ كَالسَّمِيعِ وَالْبَصِيرِ، وَمَا لَا يَتَغَيَّرُ كَالطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ، وَقِيلَ لَهُ، الْيَمِينُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْقُوَّةِ، وَوَضَعُوا مُقَابَلَتَهُ الْيَسَارَ عَلَى الْوَزْنِ الَّذِي اخْتُصَّ بِهِ الِاسْمُ الْمَذْمُومِ عِنْدَ النِّدَاءِ بِذَلِكَ الْوَزْنِ، وَهُوَ الْفَعَالِ، فَإِنَّ عِنْدَ الشَّتْمِ وَالنِّدَاءِ بِالِاسْمِ الْمَذْمُومِ يؤتى بهذا الْوَزْنُ مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى الْكَسْرِ، فَيُقَالُ: يَا فَجَارِ يَا فَسَاقِ يَا خَبَاثِ، وَقِيلَ: الْيَمِينُ الْيَسَارُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَعْمَلَ فِي الْيَمِينِ، وَأَمَّا الْمَيْمَنَةُ فَهِيَ مَفْعَلَةٌ كَأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ الْيَمِينُ وَكُلُّ مَا وَقَعَ بِيَمِينِ الْإِنْسَانِ فِي جَانِبٍ مِنَ الْمَكَانِ، فَذَلِكَ مَوْضِعُ الْيَمِينِ فَهُوَ مَيْمَنَةٌ كَقَوْلِنَا: مَلْعَبَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: جَعْلُ اللَّه تعالى الْخَلْقَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ دَلِيلُ غَلَبَةِ الرَّحْمَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَوَانِبَ الْإِنْسَانِ أَرْبَعَةٌ، يَمِينُهُ وَشِمَالُهُ، وَخَلْفُهُ وَقُدَّامُهُ، وَالْيَمِينُ فِي مُقَابَلَةِ الشِّمَالِ وَالْخَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ الْقُدَّامِ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَشَارَ بِأَصْحَابِ الْيَمِينِ إِلَى النَّاجِينَ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ وَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْجَانِبِ الْأَشْرَفِ الْمُكْرَمُونَ، وَبِأَصْحَابِ الشِّمَالِ إِلَى الَّذِينَ حَالُهُمْ عَلَى خِلَافِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَهُمُ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ كُتُبَهْمُ بِشَمَائِلِهِمْ مُهَانُونَ وَذِكْرُ السَّابِقِينَ الَّذِينَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَيَسْبِقُونَ الْخَلْقَ مِنْ غَيْرِ حِسَابٍ بِيَمِينٍ أَوْ شِمَالٍ، أَنَّ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْمَنْزِلَةِ الْعُلْيَا مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَهُمُ الْمُقَرَّبُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّه يَتَكَلَّمُونَ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَيَشْفَعُونَ لِلْغَيْرِ ويقضون

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 387
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست