responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 383
السُّورَةِ: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الْوَاقِعَةِ: 96] ثَالِثُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ جَمِيعَ اللَّذَّاتِ فِي الْجَنَّاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَذَّةَ السَّمَاعِ وَهِيَ مِنْ أَتَمِّ أَنْوَاعِهَا، فَقَالَ: مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ يَسْمَعُونَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَصْلُ التَّبَارُكِ مِنَ الْبَرَكَةِ وَهِيَ الدَّوَامُ وَالثَّبَاتُ، وَمِنْهَا بُرُوكُ الْبَعِيرِ وَبِرْكَةُ الْمَاءِ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَكُونُ فِيهَا دَائِمًا وَفِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: دَامَ اسْمُهُ وَثَبَتَ وَثَانِيهَا: دَامَ الْخَيْرُ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْبَرَكَةَ وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الثَّبَاتِ لَكِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَثَالِثُهَا: تَبَارَكَ بِمَعْنَى عَلَا وَارْتَفَعَ شَأْنًا لَا مَكَانًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ نِعَمِ الدُّنْيَا: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ [الرَّحْمَنِ: 27] وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ نِعَمِ الْآخِرَةِ: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بَعْدَ عَدِّ نِعَمِ الدُّنْيَا وَقَعَتْ إِلَى عَدَمِ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ وَفَنَائِهَا فِي ذَوَاتِهَا، وَاسْمُ اللَّهِ تَعَالَى يَنْفَعُ الذَّاكِرِينَ وَلَا ذَاكِرَ هُنَاكَ يُوَحِّدُ اللَّهَ غَايَةَ التَّوْحِيدِ فَقَالَ: وَيَبْقَى وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِشَارَةُ هُنَا، وَقَعَتْ إِلَى أَنَّ بَقَاءَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِإِبْقَاءِ اللَّهِ ذَاكِرِينَ اسْمَ اللَّهِ مُتَلَذِّذِينَ بِهِ فَقَالَ: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ أَيْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَبْقَى اسْمُ أَحَدٍ إِلَّا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ تَدُورُ الْأَلْسُنُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ حَاجَةٌ بِذِكْرِهِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ خَوْفٌ، فَإِنْ تَذَاكَرُوا تَذَاكَرُوا بِاسْمِ اللَّهِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الِاسْمُ مُقْحَمٌ أَوْ هُوَ أَصْلٌ مَذْكُورٌ لَهُ التَّبَارُكُ، نَقُولُ: فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُقْحَمٌ كَالْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [المؤمنين: 14] وَ: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الْمُلْكِ: 1] وَغَيْرُهُ مِنْ صُوَرِ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ تَبَارَكَ وَثَانِيهِمَا: هُوَ أَنَّ الِاسْمَ تَبَارَكَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَعْنًى بَلِيغٍ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا: تَبَارَكَ بِمَعْنَى عَلَا فَمَنْ عَلَا اسْمُهُ كَيْفَ يَكُونُ مُسَمَّاهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلِكَ إِذَا عَظُمَ شَأْنُهُ لَا يُذْكَرُ اسْمُهُ إِلَّا بِنَوْعِ تَعْظِيمٍ ثُمَّ إِذَا انْتَهَى الذَّاكِرُ إِلَيْهِ يَكُونُ تَعْظِيمُهُ لَهُ أَكْثَرَ، فَإِنَّ غَايَةَ التَّعْظِيمِ لِلِاسْمِ أَنَّ السَّامِعَ إِذَا سَمِعَهُ قَامَ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُلُوكِ أَنَّهُمْ إِذَا سَمِعُوا فِي الرَّسَائِلِ اسْمَ سُلْطَانٍ عَظِيمٍ يَقُومُونَ عِنْدَ سَمَاعِ اسْمِهِ، ثُمَّ إِنْ أَتَاهُمُ السُّلْطَانُ بِنَفْسِهِ بَدَلًا عَنْ كِتَابِهِ الَّذِي فِيهِ اسْمُهُ يَسْتَقْبِلُونَهُ وَيَضَعُونَ الْجِبَاهَ عَلَى الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهَذَا مِنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ عَلَى أَنَّ عُلُوَّ الِاسْمِ يَدُلُّ عَلَى عُلُوٍّ زَائِدٍ فِي الْمُسَمَّى، أَمَّا إِنْ قُلْنَا: بِمَعْنَى دَامَ الْخَيْرُ عِنْدَهُ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ اللَّه تَعَالَى يُزِيلُ الشَّرَّ وَيُهَرِّبُ الشَّيْطَانَ وَيَزِيدُ الْخَيْرَ وَيُقَرِّبُ السَّعَادَاتِ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا: بِمَعْنَى دَامَ اسْمُ اللَّه، فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى دَوَامِ الذَّاكِرِينَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ قَبْلُ.
المسألة الخامسة: القراءة المشهورة هاهنا: ذِي الْجَلالِ وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ لِأَنَّ الْجَلَالَ لِلرَّبِّ، وَالِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمَّى، وَأَمَّا وَجْهُ الرَّبِّ فَهُوَ الرَّبُّ فوصف هناك الوجه ووصف هاهنا الرَّبَّ، دُونَ الِاسْمِ وَلَوْ قَالَ: وَيَبْقَى الرَّبُّ للتوهم أَنَّ الرَّبَّ إِذَا بَقِيَ رَبًّا فَلَهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَرْبُوبٌ، فَإِذَا قَالَ وَجْهُ أُنْسِيَ الْمَرْبُوبُ فَحَصَلَ الْقَطْعُ بِالْبَقَاءِ لِلْحَقِّ فَوَصْفُ الْوَجْهِ يُفِيدُ هَذِهِ الْفَائِدَةَ، واللَّه أَعْلَمُ وَالْحَمْدُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وصحبه وسلامه.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست