responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 379
[سورة الرحمن (55) : الآيات 62 الى 67]
وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (62) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (63) مُدْهامَّتانِ (64) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (65) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (66)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (67)
لَمَّا ذَكَرَ الْجَزَاءَ ذَكَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَهُوَ جَنَّتَانِ أُخْرَيَانِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يُونُسَ: 26] وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: دُونِهِما وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: دُونِهِمَا فِي الشَّرَفِ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَقَالَ قَوْلُهُ: مُدْهامَّتانِ مَعَ قَوْلِهِ فِي الأوليين: ذَواتا أَفْنانٍ [الرحمن: 48] وقوله في هذه:
ْنانِ نَضَّاخَتانِ
مَعَ قَوْلِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ: عَيْنانِ تَجْرِيانِ [الرحمن: 50] لأن النضخ دون الجري، وقوله في الأولين: مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ [الرحمن: 52] مَعَ قَوْلِهِ فِي هَاتَيْنِ: فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن: 68] وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَيَيْنِ: فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ حَيْثُ تَرَكَ ذِكْرَ الظَّهَائِرِ لِعُلُوِّهَا وَرِفْعَتِهَا وَعَدَمِ إِدْرَاكِ الْعُقُولِ إِيَّاهَا مَعَ قَوْلِهِ فِي هَاتَيْنِ: رَفْرَفٍ خُضْرٍ [الرَّحْمَنِ: 76] دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ عَطَايَا اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ مُتَتَابِعَةٌ لَا يُعْطِي شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ إِلَّا وَيَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّهُ ذَلِكَ أَوْ خَيْرٌ مِنْهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ تَقْرِيرًا لِمَا اختاره الزمخشري أن الجنتين اللتين دون الأولين لذريتهم اللذين أَلْحَقَهُمُ اللَّهُ بِهِمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَهُمَا لَهُمْ إِنْعَامًا عَلَيْهِمْ، أَيْ هَاتَانِ الْأُخْرَيَانِ لَكُمْ أَسْكِنُوا فِيهِمَا مَنْ تُرِيدُونَ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ دُونَهُمَا فِي الْمَكَانِ كَأَنَّهُمْ فِي جَنَّتَيْنِ وَيَطَّلِعُوا مِنْ فَوْقُ عَلَى جَنَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ دُونَهُمَا، وَيَدُلُّ عليه قَوْلُهُ تَعَالَى لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ [الزُّمَرِ: 20] الْآيَةَ. وَالْغُرَفُ الْعَالِيَةُ عِنْدَهَا أَفْنَانٌ، وَالْغُرَفُ الَّتِي دُونَهَا أَرْضُهَا مُخْضَرَّةٌ، وَعَلَى هَذَا فَفِي الْآيَاتِ لَطَائِفُ:
الْأُولَى: قَالَ فِي الْأُولَيَيْنِ: ذَواتا أَفْنانٍ وَقَالَ فِي هَاتَيْنِ: مُدْهامَّتانِ أَيْ مُخْضَرَّتَانِ فِي غَايَةِ الْخُضْرَةِ، وَادْهَامَّ الشَّيْءُ أَيِ اسْوَادَّ لَكِنْ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَرْضُ إِذَا اخْضَرَّتْ غَايَةَ الْخُضْرَةِ تَضْرِبُ إِلَى أَسْوَدَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ عَنِ الزَّرْعِ يُقَالُ لَهَا: بَيَاضٌ أرض وَإِذَا كَانَتْ مَعْمُورَةً يُقَالُ لَهَا: سَوَادُ أَرْضٍ كَمَا يُقَالُ: سَوَادُ الْبَلَدِ،
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَمَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَلْوَانِ هُوَ الْبَيَاضُ/ وَانْتِهَاءَهَا هُوَ السَّوَادُ، فَإِنَّ الْأَبْيَضَ يَقْبَلُ كُلَّ لَوْنٍ وَالْأَسْوَدَ لَا يَقْبَلُ شَيْئًا مِنَ الْأَلْوَانِ، وَلِهَذَا يُطْلَقُ الْكَافِرُ عَلَى الْأَسْوَدِ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى لَوْنٍ آخَرَ، وَلَمَّا كَانَتِ الْخَالِيَةُ عَنِ الزَّرْعِ مُتَّصِفَةً بالبياض واللاخالية بِالسَّوَادِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا تَحْتَ الْأُولَيَيْنِ مَكَانًا، فَهُمْ إِذَا نَظَرُوا إِلَى مَا فَوْقَهُمْ، يَرَوْنَ الْأَفْنَانَ تُظِلُّهُمْ، وَإِذَا نَظَرُوا إِلَى مَا تحتهم يرون الأرض مخضرة، وقوله تعالى: يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ
أَيْ فَائِرَتَانِ مَاؤُهُمَا مُتَحَرِّكٌ إِلَى جِهَةِ فَوْقُ، وَأَمَّا الْعَيْنَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ فَتَجْرِيَانِ إِلَى صَوْبِ الْمُؤْمِنِينَ فَكِلَاهُمَا حَرَكَتُهُمَا إِلَى جِهَةِ مَكَانِ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» : النَّضْخُ دُونَ الْجَرْيِ فَغَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْجَرْيُ يَسِيرًا وَالنَّضْخُ قَوِيًّا كَثِيرًا، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ النَّضْخَ فِيهِ الْحَرَكَةُ إِلَى جِهَةِ الْعُلُوِّ، وَالْعَيْنَانِ فِي مَكَانِ الْمُؤْمِنِينَ، فَحَرَكَةُ الْمَاءِ تَكُونُ إلى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست