responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 376
مَقْصُوراتٌ منعهن أولياؤهن وهاهنا وَلِيُّهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَبَيْنَ الْإِشَارَةِ إِلَى عِفَّتِهِنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قاصِراتُ الطَّرْفِ ثُمَّ تَمَامُ اللُّطْفِ أَنَّهُ تَعَالَى قَدَّمَ ذِكْرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِفَّةِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَظَمَةِ وَذَكَرَ فِي أَعْلَى الْجَنَّتَيْنِ قَاصِرَاتٍ وَفِي أَدْنَاهُمَا مَقْصُورَاتٍ، وَالذَّيِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُورَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْعَظَمَةِ أَنَّهُنَّ يُوصَفْنَ بِالْمُخَدَّرَاتِ لَا بِالْمُتَخَدِّرَاتِ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُنَّ خَدَّرَهُنَّ خَادِرٌ لَهُنَّ غَيْرُهُنَّ كَالَّذِي يَضْرِبُ الْخِيَامَ وَيُدْلِي السِّتْرَ، بِخِلَافِ مَنْ تَتَّخِذُهُ لِنَفْسِهَا وَتُغْلِقُ بَابَهَا بِيَدِهَا، وَسَنَذْكُرُ بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ بَعْدُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قاصِراتُ الطَّرْفِ فِيهَا دَلَالَةُ عِفَّتِهِنَّ، وَعَلَى حُسْنِ الْمُؤْمِنِينَ فِي أعينهن، فيجبن أَزْوَاجَهُنَّ حُبًّا يَشْغَلُهُنَّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى الْحَيَاءِ لِأَنَّ الطَّرْفَ حَرَكَةُ الْجَفْنِ، وَالْحُورِيَّةُ لَا تُحَرِّكُ جَفْنَهَا وَلَا تَرْفَعُ رَأْسَهَا.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ فِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: لَمْ يَفْرَعْهُنَّ ثَانِيهَا: لَمْ يُجَامِعْهُنَّ ثَالِثُهَا: لَمْ يَمْسَسْهُنَّ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى حَالِهِنَّ وَأَلْيَقُ بِوَصْفِ كَمَالِهِنَّ، لَكِنْ لَفْظُ الطَّمْثِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِيهِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمَسَّ لَذَكَرَ اللَّفْظَ الَّذِي يُسْتَحْسَنُ، وَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [الْبَقَرَةِ: 237] وَقَالَ:
فَاعْتَزِلُوا [الْبَقَرَةِ: 222] وَلَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظٍ مَوْضُوعٍ لِلْوَطْءِ، فَإِنْ قِيلَ: فَمَا ذَكَرْتُمْ مِنَ/ الْإِشْكَالِ بَاقٍ وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى كَنَّى عَنِ الْوَطْءِ فِي الدُّنْيَا بِاللَّمْسِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ [النِّسَاءِ: 43] عَلَى الصَّحِيحِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ وَسَنَذْكُرُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ إِمَامِنَا الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِالْمَسِّ في قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [البقرة: 237] وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَسَّ فِي الْآخِرَةِ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ، نَقُولُ: إِنَّمَا ذَكَرَ الْجِمَاعَ فِي الدُّنْيَا بِالْكِنَايَةِ لِمَا أَنَّهُ فِي الدُّنْيَا قَضَاءً لِلشِّهْوَةِ وَأَنَّهُ يُضْعِفُ الْبَدَنَ وَيَمْنَعُ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَهُوَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قُبْحُهُ كَقُبْحِ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَفِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ هُوَ كَالْأَكْلِ الْكَثِيرِ وَفِي الْآخِرَةِ مُجَرَّدٌ عَنْ وُجُوهِ الْقُبْحِ، وَكَيْفَ لَا وَالْخَمْرُ فِي الْجَنَّةِ مَعْدُودَةٌ مِنَ اللَّذَّاتِ وَأَكْلُهَا وَشُرْبُهَا دَائِمٌ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَهُ فِي الدُّنْيَا بِلَفْظٍ مَجَازِيٍّ مَسْتُورٍ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ بِالْكِنَايَةِ إِشَارَةً إِلَى قُبْحِهِ وَفِي الْآخِرَةِ ذَكَرَهُ بِأَقْرَبِ الْأَلْفَاظِ إِلَى التَّصْرِيحِ أَوْ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ، لِأَنَّ الطَّمْثَ أَدَلُّ مِنَ الْجِمَاعِ وَالْوِقَاعِ لِأَنَّهُمَا مِنَ الْجَمْعِ وَالْوُقُوعِ إِشَارَةً إِلَى خُلُوِّهِ عَنْ وُجُوهِ الْقُبْحِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي كَلِمَةِ قَبْلَهُمْ؟ قُلْنَا لَوْ قَالَ: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ يَكُونُ نَفْيًا لِطَمْثِ الْمُؤْمِنِ إِيَّاهُنَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي ذِكْرِ الْجَانِّ مَعَ أَنَّ الْجَانَّ لَا يُجَامِعُ؟ نَقُولُ: لَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْجِنُّ لَهُمْ أَوْلَادٌ وَذُرِّيَّاتٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُمْ هُلْ يُوَاقِعُونَ الْإِنْسَ أَمْ لَا؟ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ يُوَاقِعُونَ وَإِلَّا لَمَا كَانَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَابٌ وَلَا أَنْسَابٌ، فَكَأَنَّ مُوَاقَعَةَ الْإِنْسِ إِيَّاهُنَّ كَمُوَاقَعَةِ الجن من حيث الإشارة إلى نفيها. ثم قال تعالى:

[سورة الرحمن (55) : الآيات 58 الى 59]
كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (58) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (59)
وَهَذَا التَّشْبِيهُ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: تَشْبِيهٌ بِصَفَائِهِمَا وَثَانِيهِمَا: بِحُسْنِ بَيَاضِ اللُّؤْلُؤِ وَحُمْرَةِ الْيَاقُوتِ، وَالْمَرْجَانُ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ وَهِيَ أَشَدُّ بَيَاضًا وَضِيَاءً مِنَ الْكِبَارِ بِكَثِيرٍ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ التَّشْبِيهَ لِبَيَانِ صَفَائِهِنَّ، فَنَقُولُ:
فِيهِ لَطِيفَةٌ هِيَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: قاصِراتُ الطَّرْفِ إِشَارَةٌ إِلَى خُلُوصِهِنَّ عَنِ الْقَبَائِحِ، وَقَوْلَهُ: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست