responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 336
سَمَّى غَيْرَهُ إِلَهًا فَهُوَ كَمَنْ يَسْتَعْمِلُ فِي مَوْلُودٍ لَهُ فَيَقُولُ لِابْنِهِ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَإِنْ كَانَ عَلَمَيْنِ لِغَيْرِهِ قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ جَائِزٌ لأن من سمى ابنه أحمد لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ الْمُطَاعِ/ مَا يَمْنَعُ الْغَيْرَ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الِاحْتِجَارُ وَأَخْذُ الِاسْمِ لِنْفَسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ بِخِلَافِ الْمَلِكِ الْمُطَاعِ إِذَا اسْتَأْثَرَ لِنَفْسِهِ اسْمًا لَا يَسْتَجْرِئُ أَحَدٌ مِمَّنْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ مَا دَامَ لَهُ الْمُلْكُ أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ أَوْ نَفْسَهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ خُصُوصًا مَنْ يَكُونُ مَمْلُوكًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ بِاسْمِ الْمَلِكِ وَلَا أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بِهِ، واللَّه تَعَالَى مَلِكٌ مُطَاعٌ وَكُلُّ مَنْ عَدَاهُ تَحْتَ أَمْرِهِ فَإِذَا اسْتَأْثَرَ لِنَفْسِهِ اسْمًا لَا يَجُوزُ لِلْعَبِيدِ أَنْ يَتَسَمَّوْا بِذَلِكَ الِاسْمِ، فَمَنْ يُسَمِّي فَقَدْ تَعَدَّى فَالْمُشْرِكُونَ فِي التَّسْمِيَةِ مُتَعَدُّونَ، وَفِي الْمَعْنَى ضَالُّونَ وَإِمَّا أَنْ نَقُولَ: إِلَهٌ أَوْ لَاهٌ اسْمٌ لِمَنْ يُعْبَدُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلتَّعْرِيفِ، وَلَمَّا امْتَنَعَ الْمَعْنَى عَنْ غَيْرِ اللَّه امْتَنَعَ الِاسْمُ، فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ سَمَّى أَحَدٌ ابْنَهُ بِهِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؟ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِذَلِكَ الِابْنِ لِمَعْنًى لَا لِكَوْنِهِ عَلَمًا، فَإِنْ قِيلَ: تَسْمِيَةُ الْوَاحِدِ بِالْكَرِيمِ وَالْوَدُودِ جَائِزَةٌ قُلْنَا: كُلُّ مَا يَكُونُ حَمْلُهُ عَلَى الْعَلَمِ وَعَلَى اسْمٍ لِمَعْنًى مَلْحُوظٍ فِي اللَّفْظِ الذِّكْرِيِّ لَا يُفْضِي إِلَى خَلَلٍ يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ فَيَجُوزُ تَسْمِيَةُ الْوَاحِدِ بِالْكَرِيمِ وَالْوَدُودِ وَلَا يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ بِالْخَالِقِ، وَالْقَدِيمِ لِأَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَمٌ غَيْرُ مَلْحُوظٍ فِيهِ الْمَعْنَى يَجُوزُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِمَعْنًى هُوَ قَائِمٌ بِهِ كَالْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا بَقَاءُ الْخَلْقِ أَوِ الْعَدَمِ، فَلَا يَجُوزُ لَكِنِ اسْمُ الْمَعْبُودِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا يَجُوزُ التَّسْمِيةُ بِهِ، فَأَحَدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ حَقٌّ وَقَوْلُهُمْ مَعَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَمٌ لَيْسَ بِحَقٍّ، إِذَا عَرَفْتَ الْبَحْثَ فِي اللَّه فَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّحْمَنَ اسْمٌ عَلَى أَضْعَفَ مِنْهُ، وَتَجْوِيزُ يَا الرَّحْمَنُ أَضْعَفُ مِنَ الْكُلِّ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: اللَّه وَالرَّحْمَنُ فِي حَقِّ اللَّه تَعَالَى كَالِاسْمِ الْأَوَّلِ وَالْوَصْفُ الْغَالِبُ الَّذِي يَصِيرُ كَالِاسْمِ بَعْدَ الِاسْمِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي قَوْلِنَا: عُمَرُ الْفَارُوقُ، وَعَلِيٌّ الْمُرْتَضَى وَمُوسَى الرِّضَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا نَجِدُهُ فِي أَسْمَاءِ الْخُلَفَاءِ وَأَوْصَافِهِمُ الْمُعَرِّفَةِ لَهُمُ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ وَصْفًا وَخَرَجَتْ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ عَنِ الْوَصْفِيَّةِ، حَتَّى إِنَّ الشَّخْصَ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهِ أَوْ فَارَقَهُ الْوَصْفُ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ كَالْعَلَمِ فَإِذَنْ لِلرَّحْمَنِ اخْتِصَاصٌ باللَّه تَعَالَى، كَمَا أَنَّ لِتِلْكَ الْأَوْصَافِ اخْتِصَاصًا بِأُولَئِكَ غَيْرَ أَنَّ فِي تِلْكَ الْأَسْمَاءِ وَالْأَوْصَافِ جَازَ الْوَضْعُ لِمَا بَيَّنَّا حَيْثُ اسْتَوَى النَّاسُ فِي الِاقْتِدَارِ وَالْعَظَمَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِي حَقِّ اللَّه تَعَالَى، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَطْلَقَ لَفْظَ الرَّحْمَنِ عَلَى الْيَمَامِيِّ، نَقُولُ: هُوَ كَمَا أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْإِلَهِ عَلَى غَيْرِ اللَّه تَعَدِّيًا وَكُفْرًا، نَظَرًا إِلَى جَوَازِهِ لُغَةً وَهُوَ اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: للَّه تَعَالَى رَحْمَتَانِ سَابِقَةٌ وَلَاحِقَةٌ فَالسَّابِقَةُ هِيَ الَّتِي بِهَا خَلَقَ الْخَلْقَ وَاللَّاحِقَةُ هِيَ الَّتِي أَعْطَى بِهَا الْخَلْقَ بَعْدَ إِيجَادِهِ إِيَّاهُمْ مِنَ الرِّزْقِ وَالْفِطْنَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ تَعَالَى بِالنَّظَرِ إِلَى الرَّحْمَةِ السَّابِقَةِ رَحْمَنٌ، وَبِالنَّظَرِ إِلَى اللَّاحِقَةِ رَحِيمٌ، وَلِهَذَا يُقَالُ: يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَرَحِيمَ الْآخِرَةِ، فَهُوَ رَحْمَنٌ، لِأَنَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ أَوَّلًا بِرَحْمَتِهِ، فَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ فِي غَيْرِهِ هَذِهِ الرَّحْمَةَ وَلَمْ يَخْلُقْ أَحَدٌ أَحَدًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لِغَيْرِهِ: رَحْمَنٌ، وَلَمَّا تَخَلَّقَ الصَّالِحُونَ مِنْ عِبَادِهِ بِبَعْضِ أَخْلَاقِهِ عَلَى قَدْرِ الطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَأَطْعَمَ الْجَائِعَ وَكَسَا الْعَارِيَ، وُجِدَ شَيْءٌ مِنَ الرَّحْمَةِ اللَّاحِقَةِ الَّتِي بِهَا الرِّزْقُ وَالْإِعَانَةُ فَجَازَ أَنْ يُقَالَ لَهُ رَحِيمٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا كُلَّهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ غَيْرَ أَنَّا أَرَدْنَا أن يصير ما ذكرنا مضموما إلى ما ذكرناه هناك، / فأعدناه هاهنا لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ كَالتَّفْصِيلِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَاتِحَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الرَّحْمنُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: عَلَّمَ الْقُرْآنَ وَقِيلَ الرَّحْمنُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست