responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 330
وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: النَّظَرُ بِالْعَيْنِ يُقَالُ: لَمَحْتُهُ بِبَصَرِي كَمَا يُقَالُ: نَظَرْتُ إِلَيْهِ بِعَيْنِي وَالْبَاءُ حِينَئِذٍ كَمَا يُذْكَرُ فِي الْآيَاتِ فَيُقَالُ: كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ، وَاخْتَارَ هَذَا الْمِثَالَ لِأَنَّ النَّظَرَ بِالْعَيْنِ أَسْرَعُ حَرَكَةٍ تُوجَدُ فِي الْإِنْسَانِ لِأَنَّ الْعَيْنَ وُجِدَ فِيهَا أُمُورٌ تُعِينُ عَلَى سُرْعَةِ الْحَرَكَةِ أَحَدُهَا: قُرْبُ الْمُحَرِّكِ مِنْهَا فَإِنَّ الْمُحَرِّكَ الْعَصَبِيَّةُ وَمَنْبَتُهَا الدِّمَاغُ وَالْعَيْنُ فِي غَايَةِ الْقُرْبِ مِنْهُ ثَانِيهَا: صِغَرُ حَجْمِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْصَى عَلَى الْمُحَرِّكِ وَلَا تَثْقُلُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْعِظَامِ ثَالِثُهَا: اسْتِدَارَةُ شَكْلِهَا فَإِنَّ دَحْرَجَةَ الْكُرَةِ أَسْهَلُ مِنْ دَحْرَجَةِ الْمُرَبَّعِ وَالْمُثَلَّثِ رَابِعُهَا: كَوْنُهَا فِي رُطُوبَةٍ مَخْلُوقَةٍ فِي الْعُضْوِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُهَا وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْمَرْئِيَّاتِ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ بِخِلَافِ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَقَاصِدِ الَّتِي تُقْصَدُ بِالْأَرْجُلِ وَالْمَذُوقَاتِ، فَلَوْلَا سُرْعَةُ حَرَكَةِ الْآلَةِ الَّتِي بِهَا إِدْرَاكُ الْمُبْصَرَاتِ لَمَا وَصَلَ إِلَى الْكُلِّ إِلَّا بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ.
وَثَانِيهِمَا: اللَّمْحُ بِالْبَصَرِ مَعْنَاهُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ بِالْبَصَرِ وَيَمُرُّ بِهِ سَرِيعًا وَالْبَاءُ حِينَئِذٍ لِلْإِلْصَاقِ لَا لِلِاسْتِعَانَةِ كَقَوْلِهِ:
مَرَرْتُ بِهِ وَذَلِكَ فِي غَايَةِ السُّرْعَةِ، وَقَوْلُهُ: بِالْبَصَرِ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ غَايَةُ السُّرْعَةِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: كَلَمْحِ الْبَرْقِ حِينَ بَرَقَ وَيَبْتَدِئُ حَرَكَتَهُ مِنْ مَكَانٍ وَيَنْتَهِي إِلَى مَكَانٍ آخَرَ فِي أَقَلِّ زَمَانٍ يُفْرَضُ لَصَحَّ، لَكِنْ مَعَ هَذَا فَالْقَدْرُ الَّذِي مُرُورُهُ يَكُونُ بِالْبَصَرِ أَقَلُّ مِنَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ مُبْتَدَاهُ إِلَى مُنْتَهَاهُ، فَقَالَ: كَلَمْحٍ لَا كَمَا قِيلَ: مِنَ الْمَبْدَأِ إِلَى الْمُنْتَهَى بَلِ الْقَدْرُ الَّذِي يَمُرُّ بِالْبَصَرِ وَهُوَ غَايَةُ الْقِلَّةِ ونهاية السرعة. ثم قال تعالى:

[سورة القمر (54) : آية 51]
وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51)
وَالْأَشْيَاعُ الْأَشْكَالُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أن قوله: وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ [القمر: 50] تهديد بالإهلاك والثاني ظاهر. وقوله تعالى:

[سورة القمر (54) : آية 52]
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52)
إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ مُقْتَصِرٍ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ بَلِ الْإِهْلَاكُ هُوَ الْعَاجِلُ وَالْعَذَابُ الْآجِلُ الَّذِي هُوَ مُعَدٌّ لَهُمْ عَلَى مَا فَعَلُوهُ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِمْ، وَالزُّبُرُ هِيَ كُتُبُ الْكَتَبَةِ الَّذِينَ قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ [الِانْفِطَارِ: 9- 11] وَ: فَعَلُوهُ صِفَةُ شيء والنكرة توصف بالجمل. وقوله تعالى:

[سورة القمر (54) : آية 53]
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53)
تَعْمِيمٌ لِلْحُكْمِ أَيْ لَيْسَتِ الْكِتَابَةُ مُقْتَصِرَةً عَلَى مَا فَعَلُوهُ بَلْ مَا فَعَلَهُ غَيْرُهُمْ أَيْضًا مَسْطُورٌ فَلَا يَخْرُجُ عَنِ الْكُتُبِ صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ/ إِلَّا فِي كِتابٍ
[سَبَأٍ: 3] أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَكْبَرُ فَائِدَةً عَظِيمَةً وَهِيَ أَنَّ مَنْ يَكْتُبُ حِسَابَ إِنْسَانٍ فَإِنَّمَا يَكْتُبُهُ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ لِئَلَّا يَنْسَى فَإِذَا جَاءَ بِالْجُمْلَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَأْمَنُ نِسْيَانَهَا رُبَّمَا يَتْرُكُ كِتَابَتَهَا وَيَشْتَغِلُ بِكِتَابَةِ مَا يَخَافُ نسيانه، فلما قال: وَلا أَكْبَرُ أَشَارَ إِلَى الْأُمُورِ الْعِظَامِ الَّتِي يُؤْمَنُ مِنْ نِسْيَانِهَا أَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ أَيْ لَيْسَتْ كِتَابَتُنَا مِثْلَ كِتَابَتِكُمُ الَّتِي يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْأَمْنُ مِنَ النسيان، فكذلك نقول: هاهنا وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مالِ هذَا الْكِتابِ لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها [الْكَهْفِ: 49] وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ قَدَّمَ الصَّغِيرَةَ لِأَنَّهَا أَلْيَقُ بِالتَّثَبُّتِ عِنْدَ الْكِتَابَةِ فَيْبَتَدِئُ بِهَا حِفْظًا عَنِ النِّسْيَانِ فِي عَادَةِ الْخَلْقِ فَأَجْرَى اللَّهُ الذكر على

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست