responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 324
وَمَكَّنَنِي مِنَ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، واللَّه قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ فِي الطَّاعَةِ إِلْجَاءً وَالْمَعْصِيَةِ إِلْجَاءً، وَقَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطْعِمَ الْفَقِيرَ الَّذِي أُطْعِمُهُ أَنَا بِفَضْلِ اللَّه، وَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ [يس: 47] مُنْكِرِينَ لِقُدْرَةِ اللَّه تَعَالَى عَلَى الْإِطْعَامِ، وَأَمَّا
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ»
فَنَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِمَّا الْأُمَّةُ الَّتِي كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا إِلَيْهِمْ سَوَاءٌ آمَنُوا بِهِ أَوْ لَمْ يُؤْمِنُوا كَلَفْظِ الْقَوْمِ، وَإِمَّا أُمَّتُهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ فَالْقَدَرِيَّةُ فِي زَمَانِهِ هُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا قُدْرَةَ اللَّه عَلَى الْحَوَادِثِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِمُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الثَّانِيَ
فَقَوْلُهُ: «مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ»
يَكُونُ مَعْنَاهُ الَّذِينَ نِسْبَتُهُمْ إِلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ كَنِسْبَةِ الْمَجُوسِ إِلَى الْأُمَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، لَكِنَّ الْأُمَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ أَكْثَرُهُمْ كَفَرَةٌ، وَالْمَجُوسُ نَوْعٌ مِنْهُمْ أَضْعَفُ شُبْهَةً وَأَشَدُّ مُخَالَفَةً لِلْعَقْلِ فَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ تَكُونُ نَوْعًا مِنْهُمْ أَضْعَفُ دَلِيلًا وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الْجَزْمَ بِكَوْنِهِمْ فِي النَّارِ فَالْحَقُّ أَنَّ الْقَدَرِيَّ هُوَ الَّذِي يُنْكِرُ قُدْرَةَ اللَّه تَعَالَى، إِنْ قُلْنَا: إِنَّ النِّسْبَةَ لِلنَّفْيِ أَوِ الَّذِي يُثْبِتُ قُدْرَةَ غَيْرِ اللَّه تَعَالَى عَلَى الْحَوَادِثِ إِنْ قُلْنَا: إِنَّ النِّسْبَةَ لِلْإِثْبَاتِ وَحِينَئِذٍ يُقْطَعُ بِكَوْنِهِ: فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ وَإِنَّهُ ذَائِقٌ مَسَّ سَقَرَ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْقَدَرِيَّةِ الَّتِي فِي النَّصِّ مِمَّنْ هُوَ مُنْتَسِبٌ إِلَى أَنَّهُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ قُلْنَا: الْقَدَرِيَّةُ سُمُّوا بِهَذَا الِاسْمِ لِنَفْيِهِمْ قُدْرَةَ اللَّه تَعَالَى فَالَّذِي يَقُولُ لَا قُدْرَةَ للَّه عَلَى تَحْرِيكِ الْعَبْدِ بِحَرَكَةٍ هِيَ الصَّلَاةُ وَحَرَكَةٍ هِيَ الزِّنَا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ لَا يَبْعُدُ دُخُولُهُ فِيهِمْ، وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ: بِأَنَّ اللَّه قَادِرٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُجْبِرْهُ وَتَرَكَهُ مَعَ دَاعِيَةِ الْعَبْدِ كَالْوَالِدِ الَّذِي يُجَرِّبُ الصَّبِيَّ فِي حَمْلِ شَيْءٍ تَرَكَهُ مَعَهُ لَا لِعَجْزِ الْوَالِدِ بَلْ لِلِابْتِلَاءِ وَالِامْتِحَانِ، لَا كَالْمَفْلُوجِ الَّذِي لَا قُوَّةَ لَهُ إِذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: احْمِلْ هَذَا فَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْقَدَرِيَّةَ سُمُّوا بِهَذَا الِاسْمِ لِإِثْبَاتِهِمُ الْقُدْرَةَ عَلَى الْحَوَادِثِ لِغَيْرِ اللَّه مِنَ الْكَوَاكِبِ، وَالْجَبْرِيُّ الَّذِي قَالَ: هُوَ الْحَائِطُ السَّاقِطُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَكْلِيفُهُ بِشَيْءٍ لِصُدُورِ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِهِ وَهُمْ أَهْلُ الْإِبَاحَةِ، فَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهِ فِي الْقَدَرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِنَفْيِهِ التَّكْلِيفَ وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ: خَلَقَ اللَّه تَعَالَى فِينَا الْأَفْعَالَ وَقَدَّرَهَا وكلفنا، ولا يسأل عما يفعل فَمَا هُوَ مِنْهُمْ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ في التعصب أن الاسم بالمعتزلة أحق أن بِالْأَشَاعِرَةِ؟ فَقَالَتِ: الْمُعْتَزِلَةُ الِاسْمُ بِكُمْ أَحَقُّ لِأَنَّ النِّسْبَةَ تَكُونُ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ، يُقَالُ لِلدَّهْرِيِّ: دَهْرِيٌّ لِقَوْلِهِ بِالدَّهْرِ، وَإِثْبَاتِهِ، وَلِلْمُبَاحِيِّ إِبَاحِيٌّ لِإِثْبَاتِهِ الإباحة وللتنوية ثَنَوِيَّةٌ لِإِثْبَاتِهِمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمَا النُّورُ وَالظُّلْمَةُ، وَكَذَلِكَ أمثله وَأَنْتُمْ تُثْبِتُونَ الْقَدَرَ، وَقَالَتِ الْأَشَاعِرَةُ: النُّصُوصُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَدَرِيَّ مَنْ يَنْفِي قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَمُشْرِكُو قُرَيْشٍ مَا كَانُوا قَدَرِيَّةً إِلَّا لِإِثْبَاتِهِمْ قُدْرَةً لِغَيْرِ اللَّهِ، قَالَتِ: الْمُعْتَزِلَةُ إِنَّمَا سُمِّيَ الْمُشْرِكُونَ قَدَرِيَّةً لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْحَوَادِثِ كَمَا تَقُولُ يَا مُحَمَّدُ فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَهَدَانَا وَلَوْ شَاءَ/ لَأَطْعَمَ الْفَقِيرَ، فَاعْتَقَدُوا أَنَّ مِنْ لَوَازِمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَوَادِثِ خَلْقَهُ الْهِدَايَةَ فِيهِمْ إِنْ شَاءَ، وَهَذَا مَذْهَبُكُمْ أَيُّهَا الْأَشَاعِرَةُ، وَالْحَقُّ الصُّرَاحُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْمَذْهَبَيْنِ خَارِجٌ عَنِ الْقَدَرِيَّةِ، وَلَا يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَدَرِيًّا إِلَّا إِذَا صَارَ النَّافِي نَافِيًا لِلْقُدْرَةِ وَالْمُثَبِتُ مُنْكِرًا لِلتَّكْلِيفِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُجْرِمُونَ هُمُ الْمُشْرِكُونَ هَاهُنَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تعالى: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ [السَّجْدَةِ: 12] وَقَوْلِهِ: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي [الْمَعَارِجِ: 11] وَفِي قَوْلِهِ: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ [الرَّحْمَنِ: 41] فَالْآيَةُ عَامَّةٌ، وَإِنْ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ خَاصٍّ. وَجُرْمُهُمْ تَكْذِيبُ الرُّسُلِ وَالنُّذُرِ بِالْإِشْرَاكِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست