responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 307
يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا: وَحِيدًا إِلَى ضَعْفِهِ وَثَانِيهِمَا: وَاحِدًا أَيْ هُوَ مِنَ الْآحَادِ لَا مِنَ الْأَكَابِرِ الْمَشْهُورِينَ، وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي اسْتِعْمَالِ الْآحَادِ فِي الْأَصَاغِرِ حَيْثُ يُقَالُ: هُوَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ هُوَ أَنَّ مَنْ لَا يَكُونُ مشهودا بِحَسَبٍ وَلَا نَسَبٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ/ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ عَنْهُ قَالَ فُلَانٌ أَوِ ابْنُ فُلَانٍ فَيَقُولُ قَالَ وَاحِدٌ وَفَعَلَ وَاحِدٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ غَايَةَ الْخُمُولِ، لِأَنَّ الْأَرْذَلَ لَا يَنْضَمُّ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَيَبْقَى فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ وَاحِدًا فَيُقَالُ: لِلْأَرْذَالِ آحَادٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونُوا قَدْ قَالُوا فِي جَوَابِ مَنْ يَقُولُ لَهُمْ إِنْ لَمْ تَتَّبِعُوهُ تَكُونُوا فِي ضَلَالٍ، فَيَقُولُونَ لَهُ: لَا بَلْ إِنْ تَبِعْنَاهُ نَكُونُ فِي ضَلَالٍ ثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَرْتِيبًا عَلَى مَا مَضَى أَيْ حَالُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الضَّعْفِ وَالْوَحْدَةِ فَإِنِ اتَّبَعْنَاهُ نَكُونُ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ أَيْ جُنُونٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ ذَلِكَ قَالُوهُ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَابِ فَيَكُونُ الْقَائِلُ قَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ تَتَّبِعُوهُ فَإِنَّا إِذًا فِي الْحَالِ فِي ضَلَالٍ وَفِي سُعُرٍ فِي الْعُقْبَى فَقَالُوا: لَا بَلْ لَوِ اتَّبَعْنَاهُ فَإِنَّا إِذًا فِي الْحَالِ فِي ضَلَالٍ وَفِي سُعُرٍ مِنَ الذُّلِّ وَالْعُبُودِيَّةِ مَجَازًا فَإِنَّهُمْ مَا كَانُوا يَعْتَرِفُونَ بِالسَّعِيرِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: السَّعِيرُ فِي الْآخِرَةِ وَاحِدٌ فَكَيْفَ جُمِعَ؟ نَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: فِي جَهَنَّمَ دَرَكَاتٌ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ سَعِيرًا أَوْ فِيهَا سَعِيرٌ ثَانِيهَا: لِدَوَامِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ يُبَدِّلُهُمْ جُلُودًا كَأَنَّهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ فِي سَعِيرٍ آخَرَ وَعَذَابٍ آخَرَ ثَالِثُهَا: لِسِعَةِ السَّعِيرِ الْوَاحِدِ كَأَنَّهَا سُعُرٍ يُقَالُ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ: فُلَانٌ لَيْسَ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ بَلْ هُوَ رجال. ثم قال تعالى عنهم:

[سورة القمر (54) : آية 25]
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّفْيَ بِطَرِيقِ الِاسْتِفْهَامِ أَبْلَغُ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ رُبَّمَا يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَوْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ السَّامِعَ يُكَذِّبُهُ فِيهِ فَإِذَا ذُكِرَ بِطَرِيقِ الِاسْتِفْهَامِ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّ السَّامِعَ يُجِيبُنِي بِقَوْلِهِ: مَا أُنْزِلَ فَيُجْعَلُ الْأَمْرُ حِينَئِذٍ مَنْفِيًّا ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ يَقُولُ: مَا أُنْزِلَ، وَالذِّكْرُ الرِّسَالَةُ أَوِ الْكِتَابُ إِنْ كَانَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَذْكُرُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُقَالُ الْحَقُّ وَيُرَادُ بِهِ مَا يَحُلُّ مِنَ اللَّهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُمْ أَأُلْقِيَ بَدَلُ أَأُنْزِلَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا كَانُوا يُنْكِرُونَهُ مِنْ طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ إِنْزَالٌ بِسُرْعَةٍ
وَالنَّبِيُّ كَانَ يَقُولُ: «جَاءَنِي الْوَحْيُ مَعَ الْمَلَكِ فِي لَحْظَةٍ يَسِيرَةٍ»
فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: الْمَلَكُ جِسْمٌ وَالسَّمَاءُ بَعِيدَةٌ فَكَيْفَ يَنْزِلُ فِي لَحْظَةٍ فَقَالُوا: أَأُلْقِيَ وَمَا قَالُوا: أَأُنْزِلَ، وَقَوْلُهُمْ عَلَيْهِ إِنْكَارٌ آخَرُ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: مَا أُلْقِيَ ذِكْرٌ أَصْلًا، قَالُوا: إِنْ أُلْقِيَ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا وَفِينَا مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي الشَّرَفِ وَالذَّكَاءِ، وَقَوْلُهُمْ أَأُلْقِيَ بَدَلٌ عَنْ قَوْلِهِمْ أَأَلْقَى اللَّهُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْإِلْقَاءَ مِنَ السَّمَاءِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: عَرَّفُوا الذِّكْرَ وَلَمْ يَقُولُوا: أَأُلْقِيَ عَلَيْهِ ذِكْرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَى إِنْكَارَهُمْ/ لِمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْكَرَ فَقَالَ: أَنْكَرُوا الذِّكْرَ الظَّاهِرَ الْمُبِينَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْكَرَ فَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَنْكَرُوا الْمَعْلُومَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: (بَلْ) يَسْتَدْعِي أَمْرًا مَضْرُوبًا عَنْهُ سَابِقًا فَمَا ذَاكَ؟ نَقُولُ قولهم: أألقي للإنكار فهم قالوا:
ما أألقي، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُمْ: أَأُلْقِيَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ لَا يَقْتَضِي إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِنَبِيٍّ، ثُمَّ قَالُوا: بَلْ هُوَ لَيْسَ بِصَادِقٍ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْكَذَّابُ فَعَّالٌ مِنْ فَاعِلٍ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ يُقَالُ: بَلْ مِنْ فَاعِلٍ كَخَيَّاطٍ وَتَمَّارٍ؟ نَقُولُ: الْأَوَّلُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست