responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 302
السَّامِعُ: بَيِّنْ أَنْتَ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ فَقَالَ: إِنَّا أَرْسَلْنا [القمر: 19] وَأَمَّا الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ فَاسْتَفْهَمَ لِلتَّعْظِيمِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ لِلْعَارِفِ الْمُشَاهِدِ كَيْفَ فَعَلْتَ وَصَنَعْتَ فَيَقُولُ: نِعْمَ مَا فَعَلْتَ وَيَقُولُ: أَتَيْتُ بِعَجِيبَةٍ فَيُحَقِّقُ عَظَمَةَ الْفِعْلِ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَاهُنَا الْمَرَّةَ الْأُولَى وَلَمْ يَذْكُرْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لِأَنَّ الْحِكَايَةَ ذَكَرَهَا مُخْتَصَرَةً فَكَانَ يُفَوِّتُ الِاعْتِبَارَ بِسَبَبِ الِاخْتِصَارِ فَقَالَ: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي حَثًّا عَلَى التَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ، وَأَمَّا الِاخْتِصَارُ فِي حِكَايَتِهِمْ فَلِأَنَّ أَكْثَرَ أَمْرِهِمُ الِاسْتِكْبَارُ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الْقُوَّةِ وَعَدَمُ الِالْتِفَاتِ إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فُصِّلَتْ: 15] وَذَكَرَ اسْتِكْبَارَهُمْ كَثِيرًا، وَمَا كَانَ قَوْمُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبَالِغِينَ فِي الِاسْتِكْبَارِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُبَالَغَتُهُمْ فِي التَّكْذِيبِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْجُنُونِ، وَذَكَرَ حَالَةَ نُوحٍ عَلَى التَّفْصِيلِ فَإِنَّ قَوْمَهُ جَمَعُوا بَيْنَ التَّكْذِيبِ وَالِاسْتِكْبَارِ، وَكَذَلِكَ حَالُ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَهَا عَلَى التَّفْصِيلِ لِشِدَّةِ مُنَاسَبَتِهَا بِحَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:

[سورة القمر (54) : آية 19]
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ تعالى: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي [القمر: 18] بِتَوْحِيدِ الضَّمِيرِ هُنَاكَ وَلَمْ يَقُلْ عَذَابُنَا، وَقَالَ: هَاهُنَا إِنَّا، وَلَمْ يَقُلْ إِنِّي، وَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ [الْقَمَرِ: 11] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الصَّرْصَرُ فِيهَا وُجُوهٌ أَحَدُهَا: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ مِنَ الصَّرِيرِ وَالصَّرَّةُ شِدَّةُ الصِّيَاحِ ثَانِيهَا: دَائِمَةُ الْهُبُوبِ مِنْ أَصَرَّ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا دَامَ وَثَبَتَ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الْمُشْتَقَّةَ هِيَ الَّتِي تَصْلُحُ لِأَنْ يُوصَفَ بِهَا، وَأَمَّا أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ فَلَا يُوصَفُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَجْرَامًا أَوْ مَعَانِيَ، فَلَا يُقَالُ: إِنْسَانٌ رَجُلٌ جَاءَ وَلَا يُقَالُ: لَوْنٌ أَبْيَضُ وَإِنَّمَا يُقَالُ: إِنْسَانٌ عَالِمٌ وَجِسْمٌ أَبْيَضُ. وَقَوْلُنَا: أَبْيَضُ مَعْنَاهُ شَيْءٌ لَهُ بَيَاضٌ، وَلَا يَكُونُ الْجِسْمُ مَأْخُوذًا فِيهِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي قَوْلِنَا رَجُلٌ عَالِمٌ فَإِنَّ الْعَالِمَ شَيْءٌ لَهُ عِلْمٌ حَتَّى الْحَدَّادُ وَالْخَبَّازُ وَلَوْ أَمْكَنَ قِيَامُ الْعِلْمِ بِهِمَا لَكَانَ عَالِمًا وَلَا يَدْخُلُ الْحَيُّ فِي الْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومِ فَإِنَّا إِذَا قُلْنَا: عَالِمٌ يُفْهَمُ أَنَّ ذَلِكَ حَيٌّ لِأَنَّ اللَّفْظَ مَا وُضِعَ لِحَيٍّ يَعْلَمُ بَلِ اللَّفْظُ وُضِعَ لِشَيْءٍ يُعْلَمُ وَيَزِيدُهُ ظُهُورًا قَوْلُنَا: مَعْلُومٌ فَإِنَّهُ شَيْءٌ يُعْلَمُ أَوْ أَمْرٌ يُعْلَمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا، وَلَوْ دَخَلَ الْجِسْمُ فِي الْأَبْيَضِ لَكَانَ قَوْلُنَا جِسْمٌ أَبْيَضُ كَقَوْلِنَا جِسْمٌ لَهُ بَيَاضٌ فَيَقَعُ الْوَصْفُ بِالْجُثَّةِ، إِذَا عَلِمْتَ هذا فمن المستفاد بالجنس شَيْءٍ، فَإِنَّ قَوْلَنَا الْهِنْدِيُّ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَنْسُوبٍ إِلَى الْهِنْدِ وَأَمَّا الْمُهَنَّدُ فَهُوَ سَيْفٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الْهِنْدِ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: عَبْدٌ هِنْدِيٌّ وَتَمْرٌ هِنْدِيٌّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: مُهَنَّدٌ وَكَذَا الْأَبْلَقُ وَلَوْنٌ آخَرُ/ فِي فَرَسٍ وَلَا يُقَالُ لِلثَّوْبِ أَبْلَقُ، كَذَلِكَ الْأَفْطَسُ أَنْفٌ فِيهِ تَقْعِيرٌ إِذَا قَالَ لِقَائِلٍ: أَنْفٌ أَفْطَسُ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْفٌ بِهِ فَطَسٌ فَيَكُونُ وَصَفَهُ بِالْجُثَّةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَالَ فَرَسٌ أَبْلَقُ وَلَا أَنْفٌ أَفْطَسُ وَلَا سَيْفٌ مُهَنَّدٌ وَهُمْ يَقُولُونَ فَمَا الْجَوَابُ؟ وَهَذَا السُّؤَالُ يَرُدُّ عَلَى الصَّرْصَرِ لِأَنَّهَا الرِّيحُ الْبَارِدَةُ، فَإِذَا قَالَ: رِيحٌ صَرْصَرٌ فَلَيْسَ ذَلِكَ كَقَوْلِنَا: رِيحٌ بَارِدَةٌ فَإِنَّ الصَّرْصَرَ هِيَ الرِّيحُ الْبَارِدَةُ فَحَسْبُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: رِيحٌ بَارِدَةٌ فَنَقُولُ: الْأَلْفَاظُ الَّتِي فِي مَعَانِيهَا أَمْرَانِ فَصَاعِدًا، كَقَوْلِنَا: عَالِمٌ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ لَهُ عِلْمٌ فَفِيهِ شَيْءٌ وَعِلْمٌ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَالُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالْمَحَلُّ تَبَعٌ كَمَا فِي الْعَالِمِ وَالضَّارِبِ وَالْأَبْيَضِ فَإِنَّ الْمَقَاصِدَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْعِلْمُ وَالضَّرْبُ وَالْبَيَاضُ بِخُصُوصِهَا، وَأَمَّا الْمَحَلُّ فَمَقْصُودٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى أَنَّ الْبَيَاضَ لَوْ كَانَ يُبَدَّلُ بِلَوْنِ غَيْرِهِ اخْتَلَّ مَقْصُودُهُ كَالْأَسْوَدِ. وَأَمَّا الْجِسْمُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْبَيَاضِ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُبَدَّلَ وَأَمْكَنَ قِيَامُ الْبَيَاضِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست