responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 282
عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِبَيَانِ الْإِعَادَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى [النَّجْمِ: 41] كَذَلِكَ فَيَكُونُ ذِكْرُ النَّشْأَةِ الْأُخْرَى إِعَادَةً، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ هَذَا: وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى [النَّجْمِ: 48] وَهَذَا مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا يَكُونُ التَّرْتِيبُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَنَفَخَ فِيهِمَا الرُّوحَ الْإِنْسَانِيَّةَ الشَّرِيفَةَ ثُمَّ أَغْنَاهُ بِلَبَنِ الْأُمِّ وَبِنَفَقَةِ الْأَبِ فِي صِغَرِهِ، ثُمَّ أَقْنَاهُ بِالْكَسْبِ بَعْدَ كِبَرِهِ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ وَرَدَتِ النَّشْأَةُ الْأُخْرَى لِلْحَشْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ [الْعَنْكَبُوتِ: 20] نَقُولُ الْآخِرَةُ مِنَ الْآخِرِ لَا مِنَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْآخِرَ أَفْعَلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ لَمَّا ذُكِرَ الْبَدْءُ حُمِلَ عَلَى الْإِعَادَةِ وَهَاهُنَا ذُكِرَ خَلْقُهُ مِنْ نُطْفَةٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ثم قال: أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ [المؤمنون: 14] وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: (عَلَى) لِلْوُجُوبِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ الْإِعَادَةُ، فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّ عَلَيْهِ/ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى مَا هُوَ مَذْهَبُهُ عَلَيْهِ عَقْلًا، فَإِنَّ مِنَ الْحِكْمَةِ الْجَزَاءَ، وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالْحَشْرِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ عَقْلًا الْإِعَادَةُ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بهذا القول، ونقول فيه ووجهان الْأَوَّلُ: عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوَعْدِ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى [يس: 12] فَعَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوَعْدِ لَا بِالْعَقْلِ وَلَا بِالشَّرْعِ الثَّانِي: عَلَيْهِ لِلتَّعْيِينِ فَإِنَّ مَنْ حَضَرَ بَيْنَ جَمْعٍ وَحَاوَلُوا أَمْرًا وَعَجَزُوا عَنْهُ، يُقَالُ: وَجَبَ عَلَيْكَ إِذَنْ أَنْ تَفْعَلَهُ أَيْ تَعَيَّنَتْ لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قُرِئَ: النَّشْأَةَ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ كالضربة على وزن فعلة وهي للمرة، نقول: ضَرَبْتُهُ ضَرْبَتَيْنِ، أَيْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، يَعْنِي النشأة مرة أخرى عليه، وقرئ النشأة بِالْمَدِّ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ فَعَالَةٍ كَالْكَفَالَةِ، وَكَيْفَمَا قُرِئَ فَهِيَ مِنْ نَشَأَ، وَهُوَ لَازِمٌ وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: عَلَيْهِ الْإِنْشَاءُ لَا النَّشْأَةُ، نَقُولُ فِيهِ فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْجَزْمَ يَحْصُلُ مِنْ هَذَا بِوُجُودِ الْخَلْقِ مَرَّةً أُخْرَى، وَلَوْ قَالَ: عَلَيْهِ الْإِنْشَاءُ رُبَّمَا يَقُولُ قَائِلٌ: الْإِنْشَاءُ مِنْ بَابِ الْإِجْلَاسِ، حَيْثُ يُقَالُ فِي السَّعَةِ أَجْلَسْتُهُ فَمَا جَلَسَ، وَأَقَمْتُهُ فَمَا قام فيقال: أنشأ وَمَا نَشَأَ أَيْ قَصَدَهُ لِيَنْشَأَ وَلَمْ يُوجَدْ، فَإِذَا قَالَ: عَلَيْهِ النَّشْأَةُ أَيْ يُوجِدُ النَّشْءَ وَيُحَقِّقُهُ بِحَيْثُ يُوجَدُ جَزْمًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: هَلْ بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ: عَلَيْهِ النَّشْأَةُ مَرَّةً أُخْرَى، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: عَلَيْهِ النَّشْأَةُ الْأُخْرَى فَرْقٌ؟
نَقُولُ: نَعَمْ إِذَا قَالَ: عَلَيْهِ النَّشْأَةُ مَرَّةً أُخْرَى لَا يَكُونُ النَّشْءُ قَدْ عُلِمَ أَوَّلًا، وَإِذَا قَالَ: عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى يَكُونُ قَدْ عُلِمَ حَقِيقَةُ النَّشْأَةِ الْأُخْرَى، فَنَقُولُ ذَلِكَ الْمَعْلُومُ عَلَيْهِ. ثم قال تعالى:

[سورة النجم (53) : آية 48]
وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (48)
وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَهُ فَنَقُولُ: أَغْنى يَعْنِي دَفَعَ حَاجَتَهُ وَلَمْ يَتْرُكْهُ مُحْتَاجًا لِأَنَّ الْفَقِيرَ فِي مُقَابَلَةِ الْغَنِيِّ، فَمَنْ لَمْ يَبْقَ فَقِيرًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَهُوَ غَنِيٌّ مُطْلَقًا، وَمَنْ لَمْ يَبْقَ فَقِيرًا مِنْ وَجْهٍ فَهُوَ غَنِيٌّ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ،
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَغْنُوهُمْ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ»
وَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَمَعْنَاهُ إِذَا أَتَاهُ مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ، وقوله تعالى:
أَقْنى مَعْنَاهُ وَزَادَ عَلَيْهِ الْإِقْنَاءُ فَوْقَ الْإِغْنَاءِ، وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْحُرُوفَ مُتَنَاسِبَةٌ فِي الْمَعْنَى، فَنَقُولُ لَمَّا كَانَ مَخْرَجُ الْقَافِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْغَيْنِ جَعَلَ الْإِقْنَاءَ لِحَالَةٍ فَوْقَ الْإِغْنَاءِ، وَعَلَى هَذَا فَالْإِغْنَاءُ هُوَ مَا آتَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعَيْنِ وَاللِّسَانِ، وَهَدَاهُ إِلَى الِارْتِضَاعِ فِي صِبَاهُ أَوْ هُوَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقُوتِ وَاللِّبَاسِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِمَا وَفِي الْجُمْلَةِ كُلُّ مَا دَفَعَ اللَّهُ بِهِ الْحَاجَةَ فَهُوَ إِغْنَاءٌ، وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ إِقْنَاءٌ. ثُمَّ قَالَ تعالى:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست