responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 413
فَقَدْ سَقَطَ كَلَامُكُمْ بِالْكُلِّيَّةِ، فَهَذَا مُنْتَهَى الْبَحْثِ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَالَّذِي تَلَخَّصَ عِنْدِي فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ السُّلْطَانَ الْعَظِيمَ لَا يَقْدِرُ عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ بِيَدِهِ إِلَّا إِذَا كَانَتْ/ غَايَةُ عِنَايَتِهِ مَصْرُوفَةً إِلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ، فَإِذَا كَانَتِ الْعِنَايَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْ لَوَازِمِ الْعَمَلِ بِالْيَدِ أَمْكَنَ جَعْلُهُ مَجَازًا عَنْهُ عِنْدَ قِيَامِ الدَّلَائِلِ الْقَاهِرَةِ. فَهَذَا مَا لَخَّصْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ فَالْمَعْنَى: أَسْتَكْبَرْتَ الْآنَ أَمْ كُنْتَ أَبَدًا مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ الْعَالِينَ، فَأَجَابَ إِبْلِيسُ بِقَوْلِهِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فَالْمَعْنَى أَنِّي لَوْ كُنْتُ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الشَّرَفِ لَكَانَ يَقْبُحُ أَمْرِي بِسُجُودِي لَهُ فَكَيْفَ وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ثُمَّ بَيَّنَ كَوْنَهُ خَيْرًا مِنْهُ بِأَنَّ أَصْلَهُ مِنَ النَّارِ وَالنَّارُ أَشْرَفُ مِنَ الطِّينِ، فَصَحَّ أَنَّ أَصْلَهُ خَيْرٌ مِنْ أَصْلِ آدَمَ وَمَنْ كَانَ أَصْلُهُ خَيْرًا مِنْ أَصْلِهِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْهُ فهذه مقدمات ثلاثة:
الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى: أَنَّ إِبْلِيسَ مَخْلُوقٌ مِنَ النَّارِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُ: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ [الْحِجْرِ: 27] .
الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ النَّارَ أَفْضَلُ مِنَ الطِّينِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَجْرَامَ الْفَلَكِيَّةَ أَشْرَفُ مِنَ الْأَجْرَامِ الْعُنْصُرِيَّةِ وَالنَّارُ أَقْرَبُ الْعَنَاصِرِ مِنَ الْفَلَكِ وَالْأَرْضُ أَبْعَدُهَا عَنْهُ فَوَجَبَ كَوْنُ النَّارِ أَفْضَلَ مِنَ الْأَرْضِ الثَّانِي: أَنَّ النَّارَ خَلِيفَةُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي إِضَاءَةِ هَذَا الْعَالَمِ عِنْدَ غَيْبَتِهِمَا وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ أَشْرَفُ مِنَ الْأَرْضِ، فَخَلِيفَتُهُمَا فِي الْإِضَاءَةِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَرْضِ الثَّالِثُ: أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الْفَاعِلَةَ الْأَصْلِيَّةَ، إِمَّا الْحَرَارَةُ أَوِ الْبُرُودَةُ وَالْحَرَارَةُ أَفْضَلُ مِنَ الْبُرُودَةِ لِأَنَّ الْحَرَارَةَ تُنَاسِبُ الْحَيَاةَ وَالْبُرُودَةُ تُنَاسِبُ الْمَوْتَ الرَّابِعُ: الْأَرْضُ كَثِيفَةٌ وَالنَّارُ لَطِيفَةٌ وَاللَّطَافَةُ أَشْرَفُ مِنَ الْكَثَافَةِ الْخَامِسُ: النَّارُ مُشْرِقَةٌ وَالْأَرْضُ مُظْلِمَةٌ وَالنُّورُ خَيْرٌ مِنَ الظُّلْمَةِ السَّادِسُ: النَّارُ خَفِيفَةٌ تُشْبِهُ الرُّوحَ وَالْأَرْضُ ثَقِيلَةٌ تُشْبِهُ الْجَسَدَ وَالرُّوحُ أَفْضَلُ مِنَ الْجَسَدِ فَالنَّارُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَرْضِ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْأَطِبَّاءَ أَطْبَقُوا عَلَى أَنَّ الْعُنْصُرَيْنِ الثَّقِيلَيْنِ أَعْوَنُ عَلَى تَرْكِيبِ الْأَجْسَادِ وَأَنَّ الْعُنْصُرَيْنِ الْخَفِيفَيْنِ أَعَوْنُ عَلَى تَوَلُّدِ الْأَرْوَاحِ السَّابِعُ: النَّارُ صَاعِدَةٌ وَالْأَرْضُ هَابِطَةٌ وَالصَّاعِدُ أَفْضَلُ مِنَ الْهَابِطِ الثَّامِنُ: أَنَّ أَوَّلَ بُرُوجِ الْفَلَكِ هُوَ الْحَمَلُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ مِنْ نُقْطَةِ الِاسْتِوَاءِ الشَّمَالِيِّ، ثُمَّ إِنَّ الْحَمَلَ عَلَى طَبِيعَةِ النَّارِ وَأَشْرَفُ أعضاء الحيوان والقلب وَالرُّوحُ وَهُمَا عَلَى طَبِيعَةِ النَّارِ وَأَخَسُّ أَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ هُوَ الْعَظْمُ وَهُوَ بَارِدٌ يَابِسٌ أَرْضِيٌّ التَّاسِعُ: أَنَّ الْأَجْسَامَ الْأَرْضِيَّةَ كُلَّمَا كَانَتْ أَشَدَّ نُورَانِيَّةً وَمُشَابَهَةً بِالنَّارِ كَانَتْ أَشْرَفَ وَكُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ غُبْرَةً وَكَثَافَةً وَكُدُورَةً وَمُشَابَهَةً بِالْأَرْضِ كَانَتْ أَخَسَّ، مِثَالُهُ الْأَجْسَامُ الشَّبِيهَةُ بِالنَّارِ الذَّهَبُ وَالْيَاقُوتُ وَالْأَحْجَارُ الصَّافِيَةُ النُّورَانِيَّةُ وَمِثَالُهُ أَيْضًا مِنَ الثِّيَابِ الْإِبْرَيْسَمُ وَمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ، وَأَمَّا أَنَّ كَلَّ مَا كَانَ أَكْثَرَ أَرْضِيَّةً وَغُبْرَةً فَهُوَ أَخَسُّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ الْعَاشِرُ: أَنَّ الْقُوَّةَ الْبَاصِرَةَ قُوَّةٌ فِي غَايَةِ الشَّرَفِ وَالْجَلَالَةِ وَلَا يَتِمُّ عَمَلُهَا إِلَّا بِالشُّعَاعِ وَهُوَ جِسْمٌ شَبِيهٌ بِالنَّارِ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ أَشْرَفَ أَجْسَامِ الْعَالَمِ الْجُسْمَانِيِّ هُوَ الشَّمْسُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِالنَّارِ فِي صُورَتِهِ وَطَبِيعَتِهِ وَأَثَرِهِ الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّ النُّضْجَ وَالْهَضْمَ وَالْحَيَاةَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْحَرَارَةِ وَلَوْلَا قُوَّةُ الْحَرَارَةِ لَمَا تَمَّ الْمِزَاجُ وَتَوَلَّدَتِ الْمُرَكَّبَاتُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّ أَقْوَى الْعَنَاصِرِ/ الْأَرْبَعَةِ فِي قُوَّةِ الْفِعْلِ هُوَ النَّارُ وَأَكْمَلُهَا فِي قُوَّةِ الانفعال هو الأرض والفعل فضل مِنَ الِانْفِعَالِ فَالنَّارُ أَفْضَلُ مِنَ الْأَرْضِ. أَمَّا الْقَائِلُونَ بِتَفْضِيلِ الْأَرْضِ عَلَى النَّارِ فَذَكَرُوا أَيْضًا وُجُوهًا الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَرْضَ أَمِينٌ مُصْلِحٌ فَإِذَا أَوْدَعْتَهَا حَبَّةً رَدَّتْهَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 413
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست