responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 345
عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ، بَلْ قَالَ: عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ [الْقَصَصِ: 22] فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْنَا الْعَبْدُ إِذَا تَجَلَّى لَهُ مَقَامَاتُ رَحْمَةِ اللَّهِ فَقَدْ يَجْزِمُ بِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَإِذَا تَجَلَّى لَهُ مَقَامَاتُ كَوْنِهِ غَنِيًّا عَنِ الْعَالَمِينَ، فَحِينَئِذٍ يَسْتَحْقِرُ نَفْسَهُ فَلَا يَجْزِمُ، بَلْ لَا يُظْهِرُ إِلَّا الرَّجَاءَ وَالطَّمَعَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ تَمَسُّكِ الْمُشَبِّهَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فَاطِرٍ: 10] لِأَنَّ كَلِمَةَ إِلَى مَوْجُودَةٌ فِي قَوْلِهِ: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ الْإِلَهُ موجودا في ذلك المكان، فكذلك هاهنا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ أَرَادَ الْوَلَدَ فَقَالَ: هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ أَيْ هَبْ لِي بَعْضَ الصَّالِحِينَ، يُرِيدُ الْوَلَدَ، لِأَنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ غَلَبَ فِي الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِي الْأَخِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [مَرْيَمَ: 53] وَقَالَ تَعَالَى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ [الأنبياء: 72] وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى [الْأَنْبِيَاءِ: 90]
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حِينَ هَنَّأَهُ بِوَلَدِهِ: عَلَى أَبِي الْأَمْلَاكِ شَكَرْتَ الْوَاهِبَ، وَبُورِكَ لَكَ فِي الْمَوْهُوبِ،
وَلِذَلِكَ وَقَعَتِ التَّسْمِيَةُ بِهِبَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِهِبَةِ الْوَهَّابِ وَبِمَوْهُوبٍ وَوَهْبٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ اشْتَمَلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ غُلَامٌ ذَكَرٌ، وَأَنَّهُ يَبْلُغُ الْحُلُمَ، وَأَنَّهُ يَكُونُ حَلِيمًا، وَأَيُّ حِلْمٍ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ وَلَدٍ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ أَبُوهُ الذَّبْحَ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصَّافَّاتِ: 102] ثُمَّ اسْتَسْلَمَ لِذَلِكَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْحِلْمِ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التَّوْبَةِ: 114] إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ [هُودٍ: 75] فَبَيِّنَ أَنَّ وَلَدَهُ مَوْصُوفٌ بِالْحِلْمِ، وَأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي صِفَاتِ الشَّرَفِ وَالْفَضِيلَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاحَ أَفْضَلُ الصِّفَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبَ الصَّلَاحَ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [الشُّعَرَاءِ: 83] وَطَلَبَهُ لِلْوَلَدِ فَقَالَ: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ وَطَلَبَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ كَمَالِ دَرَجَتِهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَقَالَ:
وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ [النَّمْلِ: 19] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاحَ أشرف مقامات العباد.

[سورة الصافات (37) : الآيات 102 الى 113]
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرى قالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنادَيْناهُ أَنْ يَا إِبْراهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106)
وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (109) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)
وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست