responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 221
الجزء السادس والعشرون

سُورَةُ فَاطِرٍ
أَرْبَعُونَ وَخَمْسُ آيَاتٍ مَكِّيَّةٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[سورة فاطر (35) : آيَةً 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)
الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَمْدَ يَكُونُ عَلَى النِّعْمَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ، وَنِعَمُ اللَّهِ قِسْمَانِ: عَاجِلَةٌ وَآجِلَةٌ، وَالْعَاجِلَةُ وُجُودٌ وَبَقَاءٌ، وَالْآجِلَةُ كَذَلِكَ إِيجَادٌ مَرَّةً وَإِبْقَاءٌ أُخْرَى، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ [الْأَنْعَامِ: 1] إِشَارَةٌ إِلَى النِّعْمَةِ الْعَاجِلَةِ الَّتِي هِيَ الْإِيجَادُ، وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلًا [الْأَنْعَامِ: 2] وَقَوْلِهِ فِي الْكَهْفِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ [الْكَهْفِ: 1] إِشَارَةً إِلَى النِّعْمَةِ الْعَاجِلَةِ الَّتِي هِيَ الْإِبْقَاءُ، فَإِنَّ الْبَقَاءَ وَالصَّلَاحَ بِالشَّرْعِ وَالْكِتَابِ، وَلَوْلَاهُ لَوَقَعَتِ الْمُنَازَعَةُ وَالْمُخَاصَمَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمْ، فَكَانَ يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى التَّقَاتُلِ وَالتَّفَانِي، فَإِنْزَالُ الْكِتَابِ نِعْمَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْبَقَاءُ الْعَاجِلُ، وَفِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ سَبَأٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ [سَبَأٍ: 1] إِشَارَةٌ إِلَى نِعْمَةِ الْإِيجَادِ الثَّانِي بِالْحَشْرِ، وَاسْتَدْلَلْنَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْأَجْسَامِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ مِنَ الْأَرْوَاحِ وَما يَعْرُجُ فِيها [سَبَأٍ: 2] وَقَوْلِهِ عَنِ الْكَافِرِينَ: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ، قُلْ بَلى وَرَبِّي [سبأ: 3] وهاهنا الْحَمْدُ إِشَارَةٌ إِلَى نِعْمَةِ الْبَقَاءِ فِي الْآخِرَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أَيْ يَجْعَلُهُمْ رُسُلًا يَتَلَقَّوْنَ عِبَادَ اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [الْأَنْبِيَاءِ: 103] وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى فاطِرِ السَّماواتِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: مَعْنَاهُ مُبْدِعُهَا كَمَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالثَّانِي: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَيْ شَاقِّهِمَا لِنُزُولِ الْأَرْوَاحِ مِنَ السَّمَاءِ وَخُرُوجِ الْأَجْسَادِ مِنَ الْأَرْضِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ الْمَلَائِكَةُ رُسُلًا، وَعَلَى هَذَا فَأَوَّلُ هَذِهِ السُّورَةِ مُتَّصِلٌ بِآخِرِ مَا مَضَى، لِأَنَّ قَوْلَهُ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ بَيَانٌ لِانْقِطَاعِ رَجَاءِ مَنْ كَانَ فِي شَكٍّ مُرِيبٍ وَتَيَقُّنِهِ بِأَنْ لَا قَبُولَ لِتَوْبَتِهِ وَلَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ آمَنْتُ. كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ: وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ [سَبَأٍ: 52] فَلَمَّا ذَكَرَ حَالَهُمْ بَيَّنَ حَالَ الْمُوقِنِ وَبَشَّرَهُ بِإِرْسَالِهِ الْمَلَائِكَةَ إِلَيْهِمْ/ مُبَشِّرِينَ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ يَفْتَحُ لهم أبواب الرحمة.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ أَقَلُّ مَا يَكُونُ لِذِي الْجَنَاحِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَنَاحَانِ وَمَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست