responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 66
انْشِقَاقَ الْقَمَرِ وَهُوَ يَعُمُّ الْأَرْضَ، لِأَنَّ الْخُسُوفَ إِذَا وَقَعَ عَمَّ وَذَلِكَ لِأَنَّ نُبُوَّتَهُ كَانَتْ عَامَّةً لَا تَخْتَصُّ بِقُطْرٍ دُونَ قُطْرٍ وَغَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ فِي قُطْرٍ وَسَقَطَ إِيوَانُ كِسْرَى فِي قُطْرٍ وَانْهَدَّتِ الْكَنِيسَةُ بِالرُّومِ فِي قُطْرٍ آخَرَ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ يَكُونُ أَمْرٌ عَامٌّ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ الْكَافِرَ الْمُعَانِدَ يَقُولُ إِنَّهُ سِحْرٌ عُمِلَ بِدَوَاءٍ، وَالْقُرْآنُ لَا يُمْكِنُ هَذَا الْقَوْلُ فِيهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً إِشَارَةً إِلَى أَنَّا جَعَلْنَاهُ مُعْجِزَةً رَحْمَةً عَلَى الْعِبَادِ لِيَعْلَمُوا بِهَا الصَّادِقَ، وَهَذَا لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ إِظْهَارَ الْمُعْجِزَةِ عَلَى يَدِ الصَّادِقِ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ لَا يُظْهِرَ فَيَبْقَى الْخَلْقُ فِي وَرْطَةِ تَكْذِيبِ الصَّادِقِ أَوْ تَصْدِيقِ الْكَاذِبِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَتَمَيَّزُ عَنِ الْمُتَنَبِّي لَوْلَا الْمُعْجِزَةُ، لَكِنَّ اللَّهَ لَهُ ذَلِكَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَقَوْلُهُ: وَذِكْرى إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ مُعْجِزَةٌ بَاقِيَةٌ يَتَذَكَّرُ بِهَا كُلُّ مَنْ يَكُونُ مَا بَقِيَ الزَّمَانُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يَعْنِي هَذِهِ الرَّحْمَةُ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ كَانَتْ غَضَبًا عَلَى الْكَافِرِينَ لِأَنَّهَا قَطَعَتْ أَعْذَارَهُمْ وَعَطَّلَتْ إِنْكَارَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً لَمَّا ظَهَرَتْ رِسَالَتُهُ وَبَهَرَتْ دَلَالَتُهُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ الْمُعَانِدُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ كَمَا يَقُولُ الصَّادِقُ إِذَا كُذِّبَ وَأَتَى بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ اللَّهُ يَعْلَمُ صِدْقِي وَتَكْذِيبَكَ أَيُّهَا الْمُعَانِدُ وَهُوَ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ يَحْكُمُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، كُلُّ ذَلِكَ إِنْذَارٌ وَتَهْدِيدٌ يُفِيدُهُ تَقْرِيرًا وَتَأْكِيدًا، ثُمَّ بَيَّنَ كَوْنَهُ كَافِيًا بِكَوْنِهِ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ. فَقَالَ: يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وهاهنا مَسْأَلَةٌ:
وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي آخِرِ الرَّعْدِ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرَّعْدِ: 43] فَأَخَّرَ شَهَادَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَفِي هَذِهِ السُّورَةِ قَدَّمَهَا حَيْثُ قَالَ: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [الْعَنْكَبُوتِ: 47] وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَنَقُولُ الْكَلَامُ هُنَاكَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، فَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِمْ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِمْ ثُمَّ/ إِنَّ شَهَادَةَ اللَّهِ أَقْوَى فِي إِلْزَامِهِمْ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وهاهنا الْكَلَامُ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ إِقْرَارُهُ وَهُوَ أَقْوَى الْحُجَجِ عَلَيْهِ فَقَدَّمَ مَا هُوَ أَلْزَمُ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ الطَّرِيقَيْنِ فِي إِرْشَادِ الْفَرِيقَيْنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ عَادَ إِلَى الْكَلَامِ الشَّامِلِ لَهُمَا وَالْإِنْذَارِ الْعَامِّ فَقَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أَيِ الَّذِينَ آمَنُوا بِمَا سِوَى اللَّهِ لِأَنَّ مَا سِوَى اللَّهِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ هَالِكٌ بِقَوْلِهِ: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [الْقَصَصِ: 88] وَكُلُّ مَا هَلَكَ فَقَدْ بَطَلَ فَكُلُّ هَالِكٍ بَاطِلٌ وَكُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ بَاطِلٌ، فَمَنْ آمَنَ بِمَا سِوَى اللَّهِ فَقَدْ آمَنَ بِالْبَاطِلِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ: أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ يَقْتَضِي الْحَصْرَ أَيْ مَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ بِالْبَاطِلِ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ فَهُوَ خَاسِرٌ فَمَنْ يَأْتِي بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ خَاسِرًا فَنَقُولُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْآتِي بِأَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْآخَرِ، أَمَّا الْآتِي بِالْإِيمَانِ بِمَا سِوَى اللَّهِ فَلِأَنَّهُ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فَجَعَلَ غَيْرَ اللَّهِ مِثْلَ غَيْرِهِ لَكِنَّ غَيْرَهُ عَاجِزٌ جَاهِلٌ مُمْكِنٌ بَاطِلٌ فَيَكُونُ اللَّهُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ إِنْكَارًا لِلَّهِ وَكُفْرًا بِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَفَرَ بِهِ وَأَنْكَرَهُ فَيَكُونُ قَائِلًا بِأَنَّ الْعَالَمَ لَيْسَ لَهُ إِلَهٌ مُوجِدٌ فَوُجُودُ الْعَالَمِ مِنْ نَفْسِهِ، فَيَكُونُ قَائِلًا بِأَنَّ الْعَالَمَ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ إِلَهٌ، فَيَكُونُ قَائِلًا بِأَنَّ غَيْرَ اللَّهِ إِلَهٌ فَيَكُونُ إِثْبَاتًا لِغَيْرِ اللَّهِ وإيمانا به.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست