responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 204
وَيُقَالُ لِهَذَا تَشْدِيدُ السَّلْبِ، وَفِي قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: الْفَزَعُ الذي عند الوحي فإن الله عند ما يوحي يفزع من في السموات، ثُمَّ يُزِيلُ اللَّهُ عَنْهُمُ الْفَزَعَ فَيَقُولُونَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَاذَا قَالَ اللَّهُ؟ فَيَقُولُ قَالَ الْحَقَّ أَيِ الْوَحْيَ وَثَانِيهَا: الْفَزَعُ الَّذِي مِنَ السَّاعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَوْحَى إلى محمد عليه السلام فزع من في السموات مِنَ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ إِرْسَالَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، فَلَمَّا زَالَ عَنْهُمْ ذَلِكَ الْفَزَعُ قَالُوا مَاذَا قَالَ اللَّهُ قَالَ جِبْرِيلُ الْحَقَّ أَيِ الْوَحْيَ وَثَالِثُهَا: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُزِيلُ الْفَزَعَ وَقْتَ الْمَوْتِ عَنِ الْقُلُوبِ فَيَعْتَرِفُ كُلُّ أَحَدٍ بِأَنَّ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْحَقُّ فَيَنْفَعُ ذَلِكَ الْقَوْلُ مَنْ سَبَقَ ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ يَقْبِضُ رُوحَهُ عَلَى الْإِيمَانِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَضُرُّ ذَلِكَ الْقَوْلُ مَنْ سَبَقَ مِنْهُ خِلَافُهُ فَيَقْبِضُ رُوحَهُ عَلَى الْكُفْرِ الْمُتَّفَقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى: إِذَا عَلِمْتَ هَذَا فَنَقُولُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلِينَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى غَايَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لِأَنَّهُ بَيَّنَهُ بِالْوَحْيِ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ قُلْ لِفُلَانٍ لِلْإِنْذَارِ حَتَّى يَسْمَعَ الْمُخَاطَبُ مَا يَقُولُهُ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ مَا يَجِبُ قَوْلُهُ فَلَمَّا قَالَ: قُلْ فزع من في السموات، ثُمَّ أُزِيلُ عَنْهُ الْفَزَعُ، وَعَلَى الثَّالِثِ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: زَعَمْتُمْ أَيْ زَعَمْتُمُ الْكُفْرَ إِلَى غَايَةِ التَّفْزِيعِ، ثُمَّ تَرَكْتُمْ مَا زَعَمْتُمْ وَقُلْتُمْ قَالَ الْحَقَّ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَاعِلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا مَاذَا هُوَ الْمَلَائِكَةُ السَّائِلُونَ مِنْ جِبْرِيلَ، وَعَلَى الثَّالِثِ الْكُفَّارُ السَّائِلُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْفَاعِلُ فِي قَوْلِهِ: الْحَقَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ هُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَعَلَى الثَّالِثِ هُمُ الْمُشْرِكُونَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْمَوْجُودُ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا كَانَ وُجُودُهُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ عَدَمٌ كَانَ حَقًّا مُطْلَقًا لَا يَرْتَفِعُ بِالْبَاطِلِ الَّذِي هُوَ الْعَدَمُ وَالْكَلَامُ الَّذِي يَكُونُ صِدْقًا يُسَمَّى حَقًّا، لِأَنَّ الْكَلَامَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ فِي الْخَارِجِ بِوَاسِطَةِ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي الذِّهْنِ، وَالَّذِي فِي الذِّهْنِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي الْخَارِجِ فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ جَاءَ زَيْدٌ يَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ تَعَلُّقُهُ بِمَا فِي ذِهْنِ الْقَائِلِ وَذِهْنُ الْقَائِلِ تَعَلُّقُهُ بِمَا فِي الْخَارِجِ لَكِنْ لِلصِّدْقِ مُتَعَلِّقٌ يَكُونُ فِي الْخَارِجِ فَيَصِيرُ لَهُ وُجُودٌ مُسْتَمِرٌّ وَلِلْكَذِبِ مُتَعَلِّقٌ لَا يَكُونُ فِي الْخَارِجِ، وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ فِي الذِّهْنِ فَيَكُونُ كَالْمَعْدُومِ مِنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَكُونُ صَادِرَةً/ عَنْ مُعَانِدٍ كَاذِبٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ فِي الذِّهْنِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْخَارِجِ فَيَكُونُ اعْتِقَادًا بَاطِلًا جَهْلًا أَوْ ظَنًّا لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِمُتَعَلِّقِهِ مُتَعَلِّقٌ يَزُولُ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَيَبْطُلُ، وَكَلَامُ اللَّهِ لَا بُطْلَانَ لَهُ فِي أَوَّلِ الأمر كما يكون كلام الكاذب المعاند ولا يأتيه الباطل كَمَا يَكُونُ كَلَامُ الظَّانِّ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ قَدْ ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [لقمان: 30] أَنَّ الْحَقَّ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَامِلٌ لَا نَقْصَ فِيهِ فَيَقْبَلُ نِسْبَةَ الْعَدَمِ، وَفَوْقَ الْكَامِلِينَ لِأَنَّ كُلَّ كَامِلٍ فَوْقَهُ كَامِلٌ فَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ فَوْقَ الْكَامِلِينَ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَهَذَا يُبْطِلُ الْقَوْلَ بِكَوْنِهِ جِسْمًا وَفِي حَيِّزٍ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي حَيِّزٍ فَإِنَّ الْعَقْلَ يَحْكُمُ بِأَنَّهُ مُشَارٌ إِلَيْهِ وَهُوَ مَقْطَعُ الْإِشَارَةِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَوْ لَمْ تَقَعْ إِلَيْهِ لَمَا كَانَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ هو، وإذا وقعت الإشارة إليه فقد تناهب الْإِشَارَةُ عِنْدَهُ، وَفِي كُلِّ مَوْقِعٍ تَقِفُ الْإِشَارَةُ بِقَدْرِ الْعَقْلِ عَلَى أَنْ يَفْرِضَ الْبُعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ لَوْ كَانَ بَيْنَ مَأْخَذِ الْإِشَارَةِ وَالْمُشَارِ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْبُعْدِ لَكَانَ هَذَا الْمُشَارُ إِلَيْهِ أَعْلَى فَيَصِيرُ عَلِيًّا بِالْإِضَافَةِ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ عَلِيٌّ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ جِسْمًا لَكَانَ لَهُ مِقْدَارٌ، وَكُلُّ مِقْدَارٍ يُمْكِنُ أَنْ يُفْرَضَ أَكْبَرُ مِنْهُ فَيَكُونَ كَبِيرًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهِ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ كَبِيرٌ مطلقا.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست