responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 158
الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ جَوَابٌ عَنْ هَذَا مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّرْعَ مِثْلُ الْحَقِيقَةِ، وَلِهَذَا يَرْجِعُ الْعَاقِلُ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الشَّرِيعَةِ. كَمَا أَنَّ امْرَأَتَيْنِ إِذَا ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَلَدًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَحَلَفَتْ إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى حُكِمَ لَهَا بِالْوَلَدِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّتِي حَلَفَتْ دُونَ الْبُلُوغِ أَوْ بِكْرٌ بِبَيِّنَةٍ لَا يُحْكَمُ لَهَا بِالْوَلَدِ، فَعُلِمَ أَنَّ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إِلَى الْحَقِيقَةِ يُرْجَعُ إِلَى الشَّرْعِ، لَا بَلْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ عَلَى النُّدُورِ تَغْلُبُ الشَّرِيعَةُ الْحَقِيقَةَ، فَإِنَّ الزَّانِيَ لَا يُجْعَلُ أَبًا لِوَلَدِ الزِّنَا. إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَالشَّارِعُ لَهُ الْحُكْمُ فَقَوْلُ الْقَائِلِ هَذِهِ أُمِّي قَوْلٌ يُفْهَمُ لَا عَنْ حَقِيقَةٍ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِعِ [فَهُوَ] حَقٌّ وَالَّذِي يُؤَيِّدُهُ هُوَ أَنَّ الشَّارِعَ بِهِ الْحَقَائِقُ حَقَائِقُ فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأُمَّ مَا صَارَتْ أُمًّا إِلَّا بِخَلْقِ اللَّهِ الْوَلَدَ فِي رَحِمِهَا، وَلَوْ خَلَقَهُ فِي جَوْفِ غَيْرِهَا لَكَانَتِ الْأُمُّ غَيْرَهَا، فَإِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الْأُمَّ الْحَقِيقِيَّةَ أُمًّا فَلَهُ أَنْ يُسَمِّيَ امْرَأَةً أُمًّا وَيُعْطِيَهَا حُكْمَ الْأُمُومَةِ، وَالْمَعْقُولُ فِي جَعْلِ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِنَا هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ زَوْجَةَ الْأَبِ مُحَرَّمَةً عَلَى الِابْنِ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَحَلُّ الْغَيْرَةِ وَالتَّنَازُعِ فِيهَا، فَإِنَّ تَزَوُّجَ الِابْنِ بِمَنْ كَانَتْ تَحْتَ الْأَبِ يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ وَالْعُقُوقِ، لَكِنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَشْرَفُ وَأَعْلَى دَرَجَةً مِنَ الْأَبِ وَأَوْلَى بِالْإِرْضَاءِ، فَإِنَّ الْأَبَ يُرَبِّي فِي الدُّنْيَا فَحَسْبُ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُرَبِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ زَوْجَاتُهُ مِثْلَ زَوْجَاتِ الْآبَاءِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلِمَ لَمْ يَقُلْ إِنَّ النَّبِيَّ أَبُوكُمْ وَيَحْصُلُ هَذَا الْمَعْنَى، أَوْ لَمْ يَقُلْ إِنَّ أَزْوَاجَهُ أَزْوَاجُ أَبِيكُمْ فَنَقُولُ لِحِكْمَةٍ، وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا بَيَّنَّا أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ زَوْجَةَ وَاحِدٍ مِنَ الْأُمَّةِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَرْكُهَا لِيَتَزَوَّجَ بِهَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلَوْ قَالَ أَنْتَ أَبُوهُمْ لَحَرُمَ عَلَيْهِ زَوْجَاتُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ أَوْلَى بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَالنَّفْسُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ»
وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْمُحْتَاجَ إِلَى الْقُوتِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُهُ إِلَى الْأَبِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ صَرْفُهُ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ثُمَّ إِنَّ أَزْوَاجَهُ لَهُمْ حُكْمُ زَوْجَاتِ/ الْأَبِ حَتَّى لَا تَحْرُمَ أَوْلَادُهُنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَا أَخَوَاتُهُنَّ وَلَا أُمَّهَاتُهُنَّ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ يَحْرُمْنَ فِي الْأُمِّ الْحَقِيقِيَّةِ وَالرَّضَاعِيَّةِ.
ثُمَّ قال تعالى: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً إِشَارَةً إِلَى الْمِيرَاثِ، وَقَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً إِشَارَةٌ إِلَى الْوَصِيَّةِ، يَعْنِي إِنْ أَوْصَيْتُمْ فَغَيْرُ الْوَارِثِينَ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ تُوصُوا فَالْوَارِثُونَ أَوْلَى بِمِيرَاثِكُمْ وَبِمَا تَرَكْتُمْ، فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا أَيُّ تَعَلُّقٍ لِلْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَا ذَكَرْتَ نَقُولُ تَعَلُّقٌ قَوِيٌّ خَفِيٌّ لَا يَتَبَيَّنُ إِلَّا لِمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ بِنُورِهِ، وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ لَا يَصِيرُ لَهُ مَالُ الْغَيْرِ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَا يَصِيرُ مَالُهُ لِغَيْرِ وَرَثَتِهِ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ كَانَ يَصِيرُ لَهُ مَالُ الْغَيْرِ إِذَا أَرَادَهُ وَلَا يَصِيرُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَوَّضَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ قَطْعِ مِيرَاثِهِ بِقُدْرَتِهِ عَلَى تَمَلُّكِ مَالِ الْغَيْرِ وَعَوَّضَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ مَا تَرَكَهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ، حَتَّى لَا يَكُونَ حَرَجٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ في أن النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا يَصِيرُ لَهُ ثُمَّ يَمُوتُ وَيَبْقَى لِوَرَثَتِهِ فَيُفَوَّتُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَرْجِعُ إليهم فقال تعالى: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ يَعْنِي بَيْنَكُمُ التَّوَارُثُ فَيَصِيرُ مَالُ أَحَدِكُمْ لِغَيْرِهِ بِالْإِرْثِ وَالنَّبِيُّ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ بَدَلُ هَذَا أَنَّهُ أَوْلَى فِي حَيَاتِهِ بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ أَنَّ أُولِي الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ بِرًّا مَعَ صَدِيقٍ فَيُوصِي لَهُ بِشَيْءٍ فيصير

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست