responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 15
هَذَا الْحَدِّ، وَأَيْضًا فَهَذَا الَّذِي يُقَالُ إِنَّ تِلْكَ الْمَفَاتِيحَ بَلَغَتْ سِتِّينَ حِمْلًا، لَيْسَ مَذْكُورًا فِي الْقُرْآنِ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، وَتَفْسِيرُ الْقُرْآنِ أَنَّ تِلْكَ الْمَفَاتِيحَ كَانَتْ كَثِيرَةً، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُعَيَّنًا لِشَيْءٍ آخَرَ، فَكَانَ يَثْقُلُ عَلَى الْعُصْبَةِ ضَبْطُهَا وَمَعْرِفَتُهَا بِسَبَبِ كَثْرَتِهَا، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَزُولُ الِاسْتِبْعَادُ، وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ ظَاهِرَ الْكَنْزِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ مَا قَالُوا فَقَدْ يَقَعُ عَلَى الْمَالِ الْمَجْمُوعِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي عَلَيْهَا أَغْلَاقٌ الْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ أَنْ تُحْمَلَ الْمَفَاتِحُ عَلَى نَفْسِ الْمَالِ وَهَذَا أَبْيَنُ وَعَنِ الشُّبْهَةِ أَبْعَدُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ خَزَائِنُهُ يَحْمِلُهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا أَقْوِيَاءَ، وَكَانَتْ خَزَائِنُهُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفٍ فَيَحْمِلُ كُلُّ رَجُلٍ عَشَرَةَ آلَافٍ الْقَوْلُ الثَّالِثُ:
وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُسْلِمٍ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْمَفَاتِحِ الْعِلْمُ وَالْإِحَاطَةُ كَقَوْلِهِ: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ [الْأَنْعَامِ: 59] وَالْمُرَادُ آتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ حِفْظَهَا وَالِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا لَيَثْقُلُ عَلَى الْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ وَالْهِدَايَةِ، أَيْ هَذِهِ الْكُنُوزُ لِكَثْرَتِهَا وَاخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا تُتْعِبُ حَفَظَتَهَا وَالْقَائِمِينَ عَلَيْهَا أَنْ يَحْفَظُوهَا، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي قَوْمِهِ مَنْ وَعَظَهُ بِأُمُورٍ أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وَالْمُرَادُ لَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْبَطَرِ وَالتَّمَسُّكِ بِالدُّنْيَا مَا يُلْهِيهِ عَنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ أَصْلًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لَا يَفْرَحُ بِالدُّنْيَا إِلَّا مَنْ رَضِيَ بِهَا وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهَا، فَأَمَّا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُفَارِقُ الدُّنْيَا عَنْ قَرِيبٍ لَمْ يَفْرَحْ بِهَا وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ الْمُتَنَبِّي:
أَشَدُّ الْغَمِّ عِنْدِي فِي سُرُورٍ ... تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالًا
وَأَحْسَنُ وَأَوْجَزُ مِنْهُ مَا قَالَ تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ [الْحَدِيدِ: 23] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فَرَحُهُ ذَلِكَ شِرْكًا، لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَخَافُ مَعَهُ عُقُوبَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ مُقِرًّا بِالْآخِرَةِ، وَالْمُرَادُ أَنْ يَصْرِفَ الْمَالَ إِلَى مَا يُؤَدِّيهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَيَسْلُكُ طَرِيقَةَ التَّوَاضُعِ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَفِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: لَعَلَّهُ كَانَ مُسْتَغْرِقَ الْهَمِّ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ مَا كَانَ يَتَفَرَّغُ لِلتَّنَعُّمِ وَالِالْتِذَاذِ فَنَهَاهُ الْوَاعِظُ عَنْ ذَلِكَ وَثَانِيهَا: لَمَّا أَمَرَهُ الْوَاعِظُ بِصَرْفِ الْمَالِ إِلَى الْآخِرَةِ بَيَّنَ لَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالتَّمَتُّعِ بِالْوُجُوهِ الْمُبَاحَةِ وَثَالِثُهَا: الْمُرَادُ مِنْهُ الْإِنْفَاقُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ نَصِيبُ الْمَرْءِ مِنَ الدُّنْيَا دُونَ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فَلْيَأْخُذِ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَمِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ، وَمِنَ الشَّبِيبَةِ قَبْلَ الْكِبَرِ، وَمِنَ الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ وَلَا بَعْدَ الدُّنْيَا دَارٌ إِلَّا الْجَنَّةٌ وَالنَّارُ»
وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ: وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ لَمَّا أَمَرَهُ/ بِالْإِحْسَانِ بِالْمَالِ أَمَرَهُ بِالْإِحْسَانِ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِعَانَةُ بِالْمَالِ وَالْجَاهِ وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ وَحُسْنِ اللِّقَاءِ وَحُسْنِ الذِّكْرِ، وَإِنَّمَا قَالَ: كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ تَنْبِيهًا عَلَى قَوْلِهِ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إِبْرَاهِيمَ: 7] وَخَامِسُهَا:
قَوْلُهُ: وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَائِلَ هُوَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ مُؤْمِنُو قَوْمِهِ، وَكَيْفَ كَانَ فَقَدْ جَمَعَ فِي هَذَا الْوَعْظِ مَا لَوْ قَبِلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَزِيدٌ، لَكِنَّهُ أَبَى أَنْ يَقْبَلَ بَلْ زَادَ عَلَيْهِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ فَقَالَ: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي وَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: كَانَ قَارُونُ أَقْرَأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِلتَّوْرَاةِ فَقَالَ: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ لِفَضْلِ عِلْمِي وَاسْتِحْقَاقِي لِذَلِكَ وَثَانِيهَا: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالضَّحَّاكُ: كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ عِلْمُ الْكِيمْيَاءِ مِنَ السَّمَاءِ فَعَلَّمَ قَارُونَ ثُلُثَ الْعِلْمِ وَيُوشَعَ ثُلُثَهُ وَكَالِبَ ثُلُثَهُ فَخَدَعَهُمَا قَارُونُ حَتَّى أَضَافَ عِلْمَهُمَا إِلَى عِلْمِهِ فَكَانَ يَأْخُذُ الرَّصَاصَ فَيَجْعَلُهُ فِضَّةً وَالنُّحَاسَ فَيَجْعَلُهُ ذَهَبًا وَثَالِثُهَا: أَرَادَ بِهِ عِلْمَهُ بِوُجُوهِ الْمَكَاسِبِ وَالتِّجَارَاتِ وَرَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إِنَّما أُوتِيتُهُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست