responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 138
عظمة المملكة، فلما كان ملك السموات وَالْأَرْضِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ، عَبَّرَ بِمَا يُنْبِئُ فِي الْعُرْفِ عَنِ الْعَظَمَةِ، وَمِمَّا يُنَبِّهُكَ لِهَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَنَّا خَلَقْنا [الْإِنْسَانِ: 2] إِنَّا زَيَّنَّا [الصَّافَّاتِ: 6] نَحْنُ أَقْرَبُ [ق: 16] نَحْنُ نَزَّلْنَا [الْحِجْرِ: 9] أَيَظُنُّ أَوْ يَشُكُّ مُسْلِمٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ ظَاهِرُهُ مِنَ الشَّرِيكِ وَهَلْ يَجِدُ لَهُ مَحْمَلًا، غَيْرَ أَنَّ الْعَظِيمَ فِي الْعُرْفِ لَا يَكُونُ وَاحِدًا وَإِنَّمَا يَكُونُ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَكَذَلِكَ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ فِي الْعُرْفِ لَا يَكُونُ إِلَّا ذَا سَرِيرٍ يَسْتَوِي عَلَيْهِ فَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ مُرِيدًا لِلْعَظَمَةِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الْمَقْهُورَ الْمَغْلُوبَ الْمَهْزُومَ يُقَالُ لَهُ ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ مَكَانٌ، أَيَظُنُّ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ أَنَّهُ صَارَ لَا مَكَانَ لَهُ وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْجِسْمُ بِلَا مَكَانٍ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ إِلَهَهُ فِي مَكَانٍ كَيْفَ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ عَنِ الْمَكَانِ؟ فَكَمَا يُقَالُ لِلْمَقْهُورِ الْهَارِبِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَكَانٌ مَعَ أَنَّ الْمَكَانَ وَاجِبٌ لَهُ، يُقَالُ لِلْقَادِرِ الْقَاهِرِ هُوَ مُتَمَكِّنٌ وَلَهُ عَرْشٌ، وَإِنْ كَانَ التَّنَزُّهُ عَنِ الْمَكَانِ وَاجِبًا لَهُ، وَعَلَى هَذَا كَلِمَةُ ثُمَّ مَعْنَاهَا خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ، ثُمَّ الْقِصَّةُ أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى الْمُلْكِ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: فُلَانٌ أَكْرَمَنِي وَأَنْعَمَ عَلَيَّ مِرَارًا، وَيَحْكِي عَنْهُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ يَقُولُ إِنَّهُ مَا كَانَ يَعْرِفُنِي وَلَا كُنْتُ فَعَلْتُ مَعَهُ مَا يُجَازِينِي/ بِهَذَا، فَنَقُولُ ثُمَّ لِلْحِكَايَةِ لَا لِلْمَحْكِيِّ الْوَجْهُ الْآخَرُ: قِيلَ اسْتَوَى جَاءَ بِمَعْنَى اسْتَوْلَى عَلَى الْعَرْشِ، وَاسْتَوَى جَاءَ بِمَعْنَى اسْتَوْلَى نَقْلًا وَاسْتِعْمَالًا. أَمَّا النَّقْلُ فَكَثِيرٌ مَذْكُورٌ في «كتاب اللُّغَةِ» مِنْهَا دِيوَانُ الْأَدَبِ وَغَيْرُهُ مِمَّا يُعْتَبَرُ النَّقْلُ عَنْهُ. وَأَمَّا الِاسْتِعْمَالُ فَقَوْلُ الْقَائِلِ:
قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ
وَعَلَى هَذَا فَكَلِمَةُ ثُمَّ، مَعْنَاهَا ما ذكرنا كأنه قال خلق السموات والأرض، ثم هاهنا مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، فإنه أعظم من الكرسي والكرسي وسع السموات وَالْأَرْضَ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: قِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِقْرَارُ وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرٌ وَلَا يُفِيدُ أَنَّهُ فِي مَكَانٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَقُولُ اسْتَقَرَّ رَأْيُ فُلَانٍ عَلَى الْخُرُوجِ وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنَّ الرَّأْيَ فِي مَكَانٍ وَهُوَ الْخُرُوجُ، لِمَا أَنَّ الرَّأْيَ لَا يَجُوزُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ أَوْ هُوَ مِمَّا يَدْخُلُ فِي مَكَانٍ إِذَا عُلِمَ هَذَا فَنَقُولُ فَهْمُ التَّمَكُّنِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ الِاسْتِقْرَارِ مَشْرُوطٌ بِجَوَازِ التَّمَكُّنِ، حَتَّى إِذَا قَالَ قَائِلٌ اسْتَقَرَّ زَيْدٌ عَلَى الْفُلْكِ أَوْ عَلَى التَّخْتِ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّمَكُّنُ وَكَوْنُهُ فِي مَكَانٍ، وَإِذَا قَالَ قَائِلٌ اسْتَقَرَّ الْمُلْكُ عَلَى فُلَانٍ لَا يُفْهَمُ أَنَّ الْمُلْكَ فِي فُلَانٍ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ اللَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَى الْعَرْشِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ كَوْنُهُ فِي مَكَانٍ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَانٍ أَوْ لَا يَجُوزُ، فَإِذَنْ فَهْمُ كَوْنِهِ فِي مَكَانٍ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ مَشْرُوطٌ بِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَانٍ، فَجَوَازُ كَوْنِهِ فِي مَكَانٍ إِنِ اسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ يَلْزَمُ تَقَدُّمُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ مُحَالٌ، ثُمَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ بِمَعْنَى كَوْنِ الْعَرْشِ مَكَانًا لَهُ وُجُوهٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ [الْحَجِّ: 64] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكُلُّ مَا هُوَ فِي مَكَانٍ فَهُوَ فِي بَقَائِهِ مُحْتَاجٌ إِلَى مَكَانٍ، لِأَنَّ بَدِيهَةَ الْعَقْلِ حَاكِمَةٌ بِأَنَّ الْحَيِّزَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَا يَكُونُ الْمُتَحَيِّزُ بَاقِيًا، فَالْمُتَحَيِّزُ يَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَاءِ الْحَيِّزِ، وَكُلُّ مَا يَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَاءِ غَيْرِهِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِي اسْتِمْرَارِهِ، فَالْقَوْلُ بِاسْتِقْرَارِهِ يُوجِبُ احْتِيَاجَهُ فِي اسْتِمْرَارِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ بِالنَّصِّ الثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [الْقَصَصِ: 88] فَالْعَرْشُ يَهْلِكُ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَكَانٍ فَلَا يَبْقَى وَهُوَ يَبْقَى، فَإِذَنْ لَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي مَكَانٍ، فَجَازَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مَكَانٍ، وَمَا جَازَ لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ وَجَبَ لَهُ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي مَكَانٍ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ مَعَكُمْ [الْحَدِيدِ: 4] وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ هُوَ أَنَّ عَلَى إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي الْمَكَانِ يُفْهَمُ كَوْنُهُ عَلَيْهِ بِالذَّاتِ كَقَوْلِنَا فُلَانٌ عَلَى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست