responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 110
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: سَمَّى النَّافِعَةَ رِيَاحًا وَالضَّارَّةَ رِيحًا لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: النَّافِعَةُ كَثِيرَةُ الْأَنْوَاعِ كَثِيرَةُ الْأَفْرَادِ فَجَمَعَهَا، فَإِنَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ تَهُبُّ نَفَحَاتٌ مِنَ الرِّيَاحِ النَّافِعَةِ، وَلَا تَهُبُّ الرِّيحُ الضَّارَّةُ فِي أَعْوَامٍ، بَلِ الضَّارَّةُ فِي الْغَالِبِ لَا تَهُبُّ فِي الدُّهُورِ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ النَّافِعَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا رِيَاحًا فَإِنَّ مَا يَهُبُّ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا يُصْلِحُ الْهَوَاءَ وَلَا يُنْشِئُ السَّحَابَ وَلَا يُجْرِيَ السُّفُنَ، وَأَمَّا الضَّارَّةُ بِنَفْحَةٍ وَاحِدَةٍ تَقْتُلُ كَرِيحِ السَّمُومِ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّ الرِّيحَ الْمُضِرَّةَ إِمَّا أَنْ تَضُرَّ بِكَيْفِيَّتِهَا أَوْ بِكَمِّيَّتِهَا، أَمَّا الْكَيْفِيَّةُ فَهِيَ إِذَا كَانَتْ حَارَّةً أَوْ مُتَكَيِّفَةً بِكَيْفِيَّةِ سُمٍّ، وَهَذَا لَا يَكُونُ لِلرِّيحِ فِي هُبُوبِهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ أَنَّ الْهَوَاءَ السَّاكِنَ فِي بُقْعَةٍ فِيهَا حَشَائِشُ رَدِيئَةٌ أَوْ فِي مَوْضِعٍ غَائِرٍ وَهُوَ حَارٌّ جِدًّا، أَوْ تَكُونُ مُتَكَوِّنَةً فِي أَوَّلِ تَكَوُّنِهَا كَذَلِكَ وَكَيْفَمَا كَانَ فَتَكُونُ وَاحِدَةً، لِأَنَّ ذَلِكَ الْهَوَاءَ السَّاكِنَ إِذَا سُخِّنَ ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ رِيحٌ تُحَرِّكُهُ وَتُخْرِجُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَتَهُبُّ عَلَى مَوَاضِعَ كَاللَّهِيبِ، ثُمَّ مَا يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يَكُونُ حَارًّا وَلَا مُتَكَيِّفًا، لِأَنَّ الْمُكْثَ الطَّوِيلَ شَرْطُ التَّكَيُّفِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ أَدْخَلْتَ إِصْبَعَكَ فِي نَارٍ وَأَخْرَجْتَهَا بِسُرْعَةٍ لَا تَتَأَثَّرُ، وَالْحَدِيدُ إِذَا مَكَثَ فِيهَا يَذُوبُ، فَإِذَا تَحَرَّكَ ذَلِكَ السَّاكِنُ وَتَفَرَّقَ لَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدَةُ كَذَلِكَ فَنَادِرَةٌ وَمَوْضِعُ نُدْرَتِهَا وَاحِدٌ. وَأَمَّا الْكَمِّيَّةُ فَالرِّيَاحُ إِذَا اجْتَمَعَتْ وَصَارَتْ وَاحِدَةً صَارَتْ كَالْخُلْجَانِ، وَمِيَاهُ الْعُيُونِ إِذَا اجْتَمَعَتْ تَصِيرُ نَهْرًا عَظِيمًا لَا تَسُدُّهُ السُّدُودُ وَلَا يُرُدُّهُ الْجُلْمُودُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي ذَلِكَ تَكُونُ وَاحِدَةً مُجْتَمِعَةً مِنْ كَثِيرٍ، فَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُضِرَّةِ رِيحٌ وَفِي النَّافِعَةِ رِيَاحٌ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا عَلَّمَ رَسُولَهُ أَنْوَاعَ الْأَدِلَّةِ وَأَصْنَافَ الْأَمْثِلَةِ وَوَعَدَ وَأَوْعَدَ وَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَاؤُهُ إِلَّا/ فِرَارًا، وَإِنْبَاؤُهُ إِلَّا كُفْرًا وَإِصْرَارًا، قَالَ لَهُ: فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي التَّرْتِيبِ فَنَقُولُ إِرْشَادُ الْمَيِّتِ مُحَالٌ، وَالْمُحَالُ أَبْعَدُ مِنَ الْمُمْكِنِ، ثُمَّ إِرْشَادُ الْأَصَمِّ صَعْبٌ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ الْكَلَامَ وَإِنَّمَا يَفْهَمُ مَا يَفْهَمُهُ بِالْإِشَارَةِ لَا غَيْرَ، وَالْإِفْهَامُ بِالْإِشَارَةِ صَعْبٌ، ثُمَّ إِرْشَادُ الْأَعْمَى أَيْضًا صَعْبٌ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ لَهُ الطَّرِيقُ عَلَى يَمِينِكَ يَدُورُ إِلَى يَمِينِهِ، لَكِنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ بَلْ يَحِيدُ عَنْ قَرِيبٍ وَإِرْشَادُ الْأَصَمِّ أَصْعَبُ، فَلِهَذَا تَكُونُ الْمُعَاشَرَةُ مَعَ الْأَعْمَى أَسْهَلَ مِنَ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ الْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، لِأَنَّ غَايَةَ الْإِفْهَامِ بِالْكَلَامِ، فَإِنَّ مَا لَا يُفْهَمُ بِالْإِشَارَةِ يُفْهَمُ بِالْكَلَامِ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُفْهَمُ بِالْكَلَامِ يُفْهَمُ بِالْإِشَارَةِ، فَإِنَّ الْمَعْدُومَ وَالْغَائِبَ لَا إِشَارَةَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ أَوَّلًا لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى، ثُمَّ قَالَ وَلَا الْأَصَمَّ وَلَا تَهْدِي الْأَعْمَى الَّذِي دُونَ الْأَصَمِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الصُّمِّ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ لِيَكُونَ أَدْخَلَ فِي الِامْتِنَاعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَمَّ وَإِنْ كَانَ يَفْهَمُ فَإِنَّمَا يَفْهَمُ بِالْإِشَارَةِ، فَإِذَا وَلَّى وَلَا يَكُونُ نَظَرُهُ إِلَى الْمُشِيرِ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ وَلَا يفهم.
المسألة الثالثة: قال في الأصم لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمَوْتَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَمَّ قَدْ يَسْمَعُ الصَّوْتَ الْهَائِلَ كَصَوْتِ الرَّعْدِ الْقَوِيِّ وَلَكِنَّ صَوْتَ الدَّاعِي لَا يَبْلُغُ ذَلِكَ الْحَدَّ فَقَالَ إِنَّكَ دَاعٍ لَسْتَ بِمُلْجِئٍ إِلَى الْإِيمَانِ وَالدَّاعِي لَا يُسْمِعُ الْأَصَمَّ الدُّعَاءَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ: وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ أَيْ لَيْسَ شُغْلُكَ هِدَايَةَ الْعُمْيَانِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ فُلَانٌ لَيْسَ بِشَاعِرٍ وَإِنَّمَا يَنْظِمُ بَيْتًا وَبَيْتَيْنِ، أَيْ لَيْسَ شُغْلُهُ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتى نَفْيُ ذَلِكَ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ: وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ يَعْنِي لَيْسَ شُغْلُكَ ذَلِكَ، وَمَا أُرْسِلْتَ لَهُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست