responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 604
غَضَبِي أَعْطَيْتُكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُونِي وَغَفَرْتُ لَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَغْفِرُونِي مَنْ لَقِيَنِي مِنْكُمْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ» .
أَمَّا قَوْلُهُ: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ فَالْإِنْذَارُ هُوَ التَّخْوِيفُ بِالْعِقَابِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ قِصَّةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِرَسُولِهِ: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ ... وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ... وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ فَجَمَعَ تَعَالَى بَيْنَ كُلِّ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ الثَّلَاثَةَ هِيَ الْأَحْوَالُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي اتَّفَقَتْ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ إِنْزَالُ التَّوْرَاةِ حَتَّى تَكَامَلَ دِينُهُ وَاسْتَقَرَّ شَرْعُهُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَما كُنْتَ ثاوِياً أَوَّلَ أَمْرِهِ وَالْمُرَادُ نَادَيْنَاهُ وَسَطَ أَمْرِهِ وَهُوَ لَيْلَةُ الْمُنَاجَاةِ، وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ حَاضِرًا بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ بَعَثَهُ وَعَرَّفَهُ هَذِهِ الْأَحْوَالَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ثُمَّ فَسَّرَ تِلْكَ الرَّحْمَةَ بِأَنْ قَالَ: لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُبْعَثْ إِلَيْهِمْ نَذِيرٌ مِنْهُمْ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حُجَّةُ الْأَنْبِيَاءِ كَانَتْ قَائِمَةً عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ مَنْ يجد تِلْكَ الحجة عَلَيْهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَبْعُدُ وُقُوعُ الْفَتْرَةِ فِي التَّكَالِيفِ فَبَعَثَهُ اللَّه تَعَالَى تَقْرِيرًا لِلتَّكَالِيفِ وَإِزَالَةً لِتِلْكَ الْفَتْرَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ الْآيَةِ فَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : (لَوْلَا) الْأُولَى امْتِنَاعِيَّةٌ وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ، وَالثَّانِيَةُ تَحْضِيضِيَّةٌ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَيَقُولُوا لِلْعَطْفِ، (وَفِي قَوْلِهِ لِلْعَطْفِ) [1] . وَفِي قَوْلِهِ:
فَنَتَّبِعَ جَوَابُ (لَوْلَا) لِكَوْنِهَا فِي حُكْمِ الْأَمْرِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْأَمْرَ بَاعِثٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْبَاعِثُ وَالْمُحَضِّضُ مِنْ واد واحد، والمعنى لولا أَنَّهُمْ قَائِلُونَ إِذَا عُوقِبُوا بِمَا قَدَّمُوا مِنَ الشرك والمعاصي: هلا أرسلت لينا رَسُولًا، مُحْتَجِّينَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ لَمَا أَرْسَلَنَا إِلَيْهِمْ، يَعْنِي إِنَّمَا أَرْسَلْنَا الرَّسُولَ إِزَالَةً لِهَذَا الْعُذْرِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء: 165] أَنْ تَقُولُوا مَا جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ [الْمَائِدَةِ: 19] لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ وَلَوْلَا أَنْ يَقُولُوا هَذَا الْعُذْرَ لَمَا أَرْسَلْنَا، بَلْ قَالَ: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ ... فَيَقُولُوا هَذَا الْعَدُوُّ لَمَا أَرْسَلْنَا وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُعَاقَبُوا مَثَلًا وَقَدْ عَرَفُوا بُطْلَانَ دِينِهِمْ لَمَا قَالُوا ذَلِكَ، بَلْ إِنَّمَا يَقُولُونَ ذَلِكَ إِذَا نَالَهُمُ الْعِقَابُ فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الْعُذْرَ تَأَسُّفًا عَلَى كُفْرِهِمْ، بَلْ لِأَنَّهُمْ مَا أَطَاقُوا وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى اسْتِحْكَامِ كُفْرِهِمْ وَرُسُوخِهِ فِيهِمْ كَقَوْلِهِ: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ [الْأَنْعَامِ: 28] وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: احْتَجَّ الْجُبَّائِيُّ عَلَى وُجُوبِ فِعْلِ اللُّطْفِ قَالَ لَوْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ، إِذْ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ لَا يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا لَا يَخْتَارُونَ الْإِيمَانَ إِلَّا عِنْدَهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفَ فِي وُجُوبِ اللُّطْفِ كَمَا مَرَّ أَنَّ الْجَائِزَ إِذَا كَانَ فِي الْمَعْلُومِ لَوْ خُلِقَ لَهُ لَمْ يُمْكِنْ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ.
المسألة الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ الْكَعْبِيُّ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَقْبَلُ حُجَّةَ الْعِبَادِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ الحجة وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُ ليس المراد من قوله: لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ [الْأَنْبِيَاءِ: 23] مَا يَظُنُّهُ أَهْلُ السُّنَّةِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَقْبَلُ الحجة وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ فِعْلُ الْعَبْدِ بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى وَإِلَّا لَكَانَ لِلْكَافِرِ أَعْظَمُ حُجَّةٍ عَلَى اللَّه تعالى.

[1] ما بين الهلالين غير مثبت في الكشاف ويستحسن الرجوع إليه.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 604
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست