responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 597
البحث الثالث: الجمهور على أن التصديق لهرون، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْمَعْنَى كَيْ يُصَدِّقَنِي فِرْعَوْنُ وَالْمَعْنَى أَرْسِلْ مَعِيَ أَخِي حَتَّى يُعَاضِدَنِي عَلَى إِظْهَارِ الحجة وَالْبَيَانِ، فَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْبُرْهَانَيْنِ رُبَّمَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ تَصْدِيقِ فِرْعَوْنَ.
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: لَيْسَ الْغَرَضُ بِتَصْدِيقِ هَارُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُ صَدَقْتَ، أَوْ يَقُولَ لِلنَّاسِ صَدَقَ مُوسَى، وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يُلَخِّصَ بِلِسَانِهِ الْفَصِيحِ وُجُوهَ الدَّلَائِلِ، وَيُجِيبَ عَنِ الشُّبَهَاتِ وَيُجَادِلَ بِهِ الْكُفَّارَ فَهَذَا هُوَ التَّصْدِيقُ الْمُفِيدُ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي وَفَائِدَةُ الْفَصَاحَةِ إِنَّمَا تَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ لَا فِي مُجَرَّدِ قَوْلِهِ: صَدَقْتَ.
الْبَحْثُ الْخَامِسُ: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: إِنَّمَا سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُرْسَلَ هَارُونُ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ يَصْلُحُ هَارُونُ لِلْبَعْثَةِ أَمْ لا؟ فلم يكن ليسأل مالا يَأْمَنُ أَنْ يُجَابَ أَوْ لَا يَكُونُ حِكْمَةً، وَيُحْتَمُلُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ سَأَلَهُ لَا مُطْلَقًا بَلْ مَشْرُوطًا عَلَى مَعْنَى، إِنِ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُهُ الدَّاعِي فِي دُعَائِهِ.
الْبَحْثُ السَّادِسُ: قَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ نَبِيَّيْنِ وَآيَتَيْنِ أقوى من نبي يواحد وَآيَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ الْقَاضِي وَالَّذِي قَالَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَادَةِ أَقْوَى، فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُعْجِزَةٍ وَمُعْجِزَتَيْنِ وَنَبِيٍّ وَنَبِيَّيْنِ، لِأَنَّ الْمَبْعُوثَ إِلَيْهِ إِنْ نَظَرَ فِي أَيِّهِمَا كَانَ عَلِمَ، وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فَالْحَالَةُ وَاحِدَةٌ، هَذَا إِذَا/ كَانَتْ طَرِيقَةُ الدَّلَالَةِ فِي الْمُعْجِزَتَيْنِ وَاحِدَةً، فَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَتْ وَأَمْكَنَ فِي إِحْدَاهُمَا إِزَالَةُ الشُّبْهَةِ مَا لَا يُمْكِنُ فِي الْأُخْرَى، فَغَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يَخْتَلِفَا وَيَصْلُحُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمَا بِمَجْمُوعِهِمَا أَقْوَى مِنْ إِحْدَاهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ السُّدِّيُّ، لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى فِي مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، لِأَنَّ مُعْجِزَتَهُمَا كَانَتْ وَاحِدَةً لَا مُتَغَايِرَةً.
أَمَّا قَوْلُهُ: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ فَاعْلَمْ أَنَّ الْعَضُدَ قَوَامُ الْيَدِ وَبِشِدَّتِهَا تَشْتَدُّ، يُقَالُ فِي دُعَاءِ الْخَيْرِ شَدَّ اللَّه عَضُدَكَ، وَفِي ضِدِّهِ فَتَّ اللَّه فِي عَضُدِكِ. وَمَعْنَى سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ سَنُقَوِّيكَ بِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْيَدَ تَشْتَدُّ لِشِدَّةِ الْعَضُدِ وَالْجُمْلَةُ تَقْوَى بِشِدَّةِ الْيَدِ عَلَى مُزَاوَلَةِ الْأُمُورِ، وَإِمَّا لِأَنَّ الرَّجُلَ شُبِّهَ بِالْيَدِ فِي اشْتِدَادِهَا بِاشْتِدَادِ الْعَضُدِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ يَدٌ مُشْتَدَّةٌ بِعَضُدٍ شَدِيدَةٍ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما فَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى آمَنُهُ مِمَّا كَانَ يَحْذَرُ فَإِنْ قِيلَ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ بِالْآيَاتِ فَكَيْفَ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا لِأَجْلِ الْآيَاتِ أَوَ لَيْسَ فِرْعَوْنُ قَدْ وَصَلَ إِلَى صَلْبِ السَّحَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ ظَاهِرَةً، قُلْنَا إِنَّ الْآيَةَ الَّتِي هِيَ قَلْبُ الْعَصَا حَيَّةً كَمَا أَنَّهَا مُعْجِزَةٌ فَهِيَ أَيْضًا تَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ ضَرَرِ فِرْعَوْنَ إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، لِأَنَّهُمْ إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُ مَتَى أَلْقَاهَا صَارَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً وَإِنْ أَرَادَ إِرْسَالَهَا عَلَيْهِمْ أَهْلَكَتْهُمْ زَجَرَهُمْ ذَلِكَ عَنِ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِمَا فَصَارَتْ مَانِعَةً مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمَا بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ وَصَارَتْ آيَةً وَمُعْجِزَةً فَجَمَعَتْ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَأَمَّا صَلْبُ السَّحَرَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا صُلِبُوا وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إِيصَالِ الضَّرَرِ إِلَيْهِمَا وَإِيصَالُ الضَّرَرِ إِلَى غَيْرِهِمَا لَا يَقْدَحُ فِيهِ، ثم قال: أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ وَالْمُرَادُ إِمَّا الْغَلَبَةُ بِالحجة وَالْبُرْهَانِ فِي الْحَالِ، أَوِ الْغَلَبَةُ فِي الدَّوْلَةِ وَالْمَمْلَكَةِ فِي ثَانِي الْحَالِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى اللَّفْظِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 597
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست