responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 590
فِرْعَوْنَ فِي مُلْكٍ وَثَرْوَةٍ، فَقَالَ ذَلِكَ رِضًى بِهَذَا الْبَدَلِ وَفَرَحًا بِهِ وَشُكْرًا لَهُ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَلْيَقُ بِحَالِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ فَقَوْلُهُ عَلَى اسْتِحْياءٍ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ مُسْتَحْيِيَةً، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدِ اسْتَتَرَتْ بِكُمِّ قَمِيصِهَا، وَقِيلَ مَاشِيَةٌ عَلَى بُعْدٍ مَائِلَةٌ عَنِ الرِّجَالِ وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَلَى إِجْلَالٍ لَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ عَلَى قَوْلِهِ: تَمْشِي ثُمَّ يَبْتَدِئُ فَيَقُولُ: عَلَى اسْتِحْياءٍ قَالَتْ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ يَعْنِي أَنَّهَا عَلَى الِاسْتِحْيَاءِ قَالَتْ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّ الْكَرِيمَ إِذَا دَعَا غَيْرَهُ إِلَى الضِّيَافَةِ يَسْتَحْيِي، لَا سِيَّمَا الْمَرْأَةُ وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعِينٌ سِوَاهُمَا
وَرُوِيَ أَنَّهُمَا لَمَّا رَجَعَتَا إِلَى أَبِيهِمَا قَبْلَ النَّاسِ، قَالَ لَهُمَا مَا أَعْجَلَكُمَا قَالَتَا وَجَدْنَا رَجُلًا صَالِحًا رَحِمَنَا فَسَقَى لَنَا، فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا اذْهَبِي فَادْعِيهِ لِي،
أَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْخَ كَانَ شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ غَيْرَهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ شُعَيْبٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي الْبِنْتَيْنِ اسْمُ الْكُبْرَى صَفُورَا، وَالصُّغْرَى لِيَا، وَقَالَ غَيْرُهُ صَفْرَا وَصَفِيرَا، وَقَالَ الضَّحَّاكُ صَافُورَا وَالَّتِي جَاءَتْ إِلَى/ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هِيَ الْكُبْرَى عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ الصُّغْرَى، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ دَلَالَةٌ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّفَاصِيلِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا فَفِيهِ إِشْكَالَاتٌ: أَحَدُهَا: كَيْفَ سَاغَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَعْمَلَ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ وَأَنْ يَمْشِيَ مَعَهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ التُّهْمَةَ الْعَظِيمَةَ،
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «اتَّقُوا مَوَاضِعَ التُّهَمِ» ؟
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ سَقَى أَغْنَامَهُمَا تَقَرُّبًا إِلَى اللَّه تَعَالَى فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْمُرُوءَةِ، وَلَا فِي الشَّرِيعَةِ؟ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ عَرَفَ فَقْرَهُنَّ وَفَقْرَ أَبِيهِنَّ وَعَجْزَهُمْ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي نِهَايَةِ الْقُوَّةِ بِحَيْثُ كَانَ يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ الْكَثِيرُ بِأَقَلِّ سَعْيٍ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِمُرُوءَةِ مِثْلِهِ طَلَبُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ السَّقْيِ مِنَ الشَّيْخِ الْفَقِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْفَقِيرَةِ؟ وَرَابِعُهَا: كَيْفَ يَلِيقُ بِشُعَيْبٍ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَبْعَثَ ابْنَتَهُ الشَّابَّةَ إِلَى رَجُلٍ شَابٍّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِكَوْنِ ذَلِكَ الرَّجُلِ عَفِيفًا أَوْ فَاسِقًا؟ وَالْجَوَابُ: عَنِ الْأَوَّلِ أَنْ نَقُولَ:
أَمَّا الْعَمَلُ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ فَكَمَا نَعْمَلُ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فِي الْأَخْبَارِ وَمَا كَانَتْ إِلَّا مُخْبِرَةً عَنْ أَبِيهَا، وَأَمَّا الْمَشْيُ مَعَ الْمَرْأَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَعَ الِاحْتِيَاطِ وَالتَّوَرُّعِ وَالْجَوَابُ: عَنِ الثَّانِي، أَنَّ الْمَرْأَةَ وَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ فَلَعَلَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِمْ طَلَبًا لِلْأُجْرَةِ بَلْ لِلتَّبَرُّكِ بِرُؤْيَةِ ذَلِكَ الشَّيْخِ،
وَرُوِيَ أَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ لِيَجْزِيَكَ كَرِهَ ذَلِكَ، وَلَمَّا قُدِّمَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ امْتَنَعَ، وَقَالَ إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ دِينَنَا بِدُنْيَانَا، وَلَا نَأْخُذُ عَلَى الْمَعْرُوفِ ثَمَنًا، حَتَّى قَالَ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ عَادَتُنَا مَعَ كُلِّ مَنْ يَنْزِلُ بِنَا،
وَأَيْضًا فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ أَنَّ الْجُوعَ قَدْ بَلَغَ إِلَى حَيْثُ مَا كَانَ يُطِيقُ تَحَمُّلَهُ فَقَبِلَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاضْطِرَارِ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ: عَنِ الثَّالِثِ فَإِنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ وَالْجَوَابُ: عَنِ الرَّابِعِ لَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِالْوَحْيِ طَهَارَتَهَا وَبَرَاءَتَهَا فَكَانَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا.
أَمَّا قَوْلُهُ: فَلَمَّا جاءَهُ
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَامَ يَمْشِي وَالْجَارِيَةُ أَمَامَهُ فَهَبَّتِ الرِّيحُ فَكَشَفَتْ عَنْهَا فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنِّي مِنْ عُنْصُرِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكُونِي مِنْ خَلْفِي حَتَّى لَا تَرْفَعَ الرِّيحُ ثِيَابَكِ فَأَرَى مَا لَا يَحِلُّ لِي، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى شُعَيْبٍ فَإِذَا الطَّعَامُ مَوْضُوعٌ، فَقَالَ شُعَيْبٌ تَنَاوَلْ يَا فَتَى، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعُوذُ باللَّه قَالَ شُعَيْبٌ وَلِمَ؟ قَالَ لِأَنَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لَا نَبِيعُ دِينَنَا بِمَلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا، فَقَالَ شُعَيْبٌ وَلَكِنَّ عَادَتِي وَعَادَةَ آبَائِي إِطْعَامُ الضَّيْفِ فَجَلَسَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَكَلَ،
وَإِنَّمَا كَرِهَ أَكْلَ الطَّعَامِ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 590
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست