responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 564
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مِنْ مَنَافِعِ الْأَرْضِ أُمُورًا أَرْبَعَةً:
الْمَنْفَعَةُ الْأُولَى: كَوْنُهَا قَرَارًا وَذَلِكَ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ دَحَاهَا وَسَوَّاهَا لِلِاسْتِقْرَارِ الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا مُتَوَسِّطَةً فِي الصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ فَلَيْسَتْ فِي الصَّلَابَةِ كَالْحَجَرِ الَّذِي يَتَأَلَّمُ الْإِنْسَانُ بِالِاضْطِجَاعِ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ فِي الرَّخَاوَةِ كَالْمَاءِ الَّذِي يَغُوصُ فِيهِ الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا كَثِيفَةً/ غَبْرَاءَ لِيَسْتَقِرَّ عَلَيْهَا النُّورُ، وَلَوْ كَانَتْ لَطِيفَةً لَمَا اسْتَقَرَّ النُّورُ عَلَيْهَا، وَلَوْ لَمْ يَسْتَقِرَّ النُّورُ عَلَيْهَا لَصَارَتْ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا بِحَيْثُ تَمُوتُ الْحَيَوَانَاتُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الشَّمْسَ بِسَبَبِ مَيْلِ مَدَارِهَا عَنْ مَدَارِ مِنْطَقَةِ الْكُلِّ بِحَيْثُ تَبْعُدُ تَارَةً وَتَقْرُبُ أُخْرَى مِنْ سَمْتِ الرَّأْسِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا اخْتَلَفَتِ الْفُصُولُ، وَلَمَا حَصَلَتِ الْمَنَافِعُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَهَا سَاكِنَةً فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً لَكَانَتْ إِمَّا مُتَحَرِّكَةٌ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ أَوْ عَلَى الِاسْتِدَارَةِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ بِالسُّكْنَى عَلَى الْأَرْضِ السَّادِسُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَهَا كِفَاتًا لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ وَأَنَّهُ يَطْرَحُ عَلَيْهَا كُلَّ قَبِيحٍ وَيُخْرِجُ مِنْهَا كل مليح.
المنفعة الثانية الأرض: قَوْلُهُ: وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً فَاعْلَمْ أَنَّ أَقْسَامَ الْمِيَاهِ الْمُنْبَعِثَةِ عَنِ الْأَرْضِ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ: مَاءُ الْعُيُونِ السَّيَّالَةُ وَهِيَ تَنْبَعِثُ مِنْ أَبْخِرَةٍ كَثِيرَةِ الْمَادَّةِ قَوِيَّةِ الِانْدِفَاعِ تُفَجِّرُ الْأَرْضَ بِقُوَّةٍ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَسْتَتْبِعُ جُزْءٌ مِنْهَا جُزْءًا الثَّانِي: مَاءُ الْعُيُونِ الرَّاكِدَةِ وَهِيَ تَحْدُثُ مِنْ أَبْخِرَةٍ بَلَغَتْ مِنْ قُوَّتِهَا أَنِ انْدَفَعَتْ إِلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلَمْ تَبْلُغْ مِنْ قُوَّتِهَا وَكَثْرَةِ مَادَّتِهَا أَنْ يَطْرُدَ تَالِيهَا سَابِقَهَا الثَّالِثُ: مِيَاهُ الْقُنِيِّ وَالْأَنْهَارِ وَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ أَبْخِرَةٍ نَاقِصَةِ الْقُوَّةِ عن أَنْ تَشُقَّ الْأَرْضَ، فَإِذَا أُزِيلَ عَنْ وَجْهِهَا ثِقَلُ التُّرَابِ صَادَفَتْ حِينَئِذٍ تِلْكَ الْأَبْخِرَةُ مَنْفَذًا تَنْدَفِعُ إِلَيْهِ بِأَدْنَى حَرَكَةٍ الرَّابِعُ: مِيَاهُ الْآبَارِ وَهِيَ نَبْعِيَّةٌ كَمِيَاهِ الْأَنْهَارِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ لَهُ سَيْلٌ إِلَى مَوْضِعٍ يَسِيلُ إِلَيْهِ ونسبة القنى إلى الآبار نسبة العيون السيالة إلى الْعُيُونِ الرَّاكِدَةِ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْلَا صَلَابَةُ الْأَرْضِ لَمَا اجْتَمَعَتْ تِلْكَ الْأَبْخِرَةُ فِي بَاطِنِهَا إِذْ لَوْلَا اجْتِمَاعُهَا فِي بَاطِنِهَا لَمَا حَدَثَتْ هَذِهِ الْعُيُونُ فِي ظَاهِرِهَا.
الْمَنْفَعَةُ الثَّالِثَةُ لِلْأَرْضِ: قَوْلُهُ: وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَالْمُرَادُ مِنْهَا الْجِبَالُ، فَنَقُولُ أَكْثَرُ الْعُيُونِ وَالسُّحُبِ وَالْمَعْدِنِيَّاتِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْجِبَالِ أَوْ فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهَا، أَمَّا الْعُيُونُ فَلِأَنَّ الْأَرْضَ إِذَا كَانَتْ رَخْوَةً نَشِفَتِ الْأَبْخِرَةُ عَنْهَا فَلَا يَجْتَمِعُ مِنْهَا قَدْرٌ يُعْتَدُّ بِهِ، فَإِذَنْ هَذِهِ الْأَبْخِرَةُ لَا تَجْتَمِعُ إِلَّا فِي الْأَرْضِ الصَّلْبَةِ وَالْجِبَالُ أَصْلَبُ الْأَرْضِ، فَلَا جَرَمَ كَانَتْ أَقْوَاهَا عَلَى حَبْسِ هَذَا الْبُخَارِ حَتَّى يَجْتَمِعَ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَادَّةً لِلْعُيُونِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقَرُّ الْجَبَلِ مَمْلُوءًا مَاءً، وَيَكُونَ الْجَبَلُ فِي حَقْنِهِ الْأَبْخِرَةَ مِثْلَ الْأَنْبِيقِ الصَّلْبِ الْمُعَدِّ لِلتَّقْطِيرِ لَا يَدَعُ شَيْئًا مِنَ الْبُخَارِ يَتَحَلَّلُ وَنَفَسُ الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهُ كَالْقَرْعَةِ وَالْعُيُونُ كَالْأَذْنَابِ وَالْبُخَارُ كَالْقَوَابِلِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْعُيُونِ إِنَّمَا تَنْفَجِرُ مِنَ الْجِبَالِ وَأَقَلُّهَا فِي الْبَرَارِي، وَذَلِكَ الْأَقَلُّ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ صَلْبَةً، وَأَمَّا أَنَّ أَكْثَرَ السُّحُبِ تَكُونُ فِي الْجِبَالِ فَلِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: أن في باطن الجبال من النداوات مالا يَكُونُ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِينَ الرَّخْوَةِ وَثَانِيهَا: إِنَّ الْجِبَالَ بِسَبَبِ ارْتِفَاعِهَا أَبْرَدُ فَلَا جَرَمَ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهَا مِنَ الْأَنْدَاءِ وَمِنَ الثُّلُوجِ مَا لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ سَائِرِ الْأَرْضِينَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْأَبْخِرَةَ الصَّاعِدَةَ تَكُونُ مَحْبُوسَةً بِالْجِبَالِ فَلَا تَتَفَرَّقُ وَلَا تَتَحَلَّلُ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ أَسْبَابَ كَثْرَةِ السُّحُبِ فِي الْجِبَالِ أَكْثَرُ لِأَنَّ الْمَادَّةَ فِيهَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَكْثَرُ، وَالِاحْتِقَانَ أَشَدُّ وَالسَّبَبُ الْمُحَلِّلُ وَهُوَ الْحَرُّ أَقَلُّ، فَلِذَلِكَ كَانَتِ السُّحُبُ فِي الْجِبَالِ أَكْثَرَ. وَأَمَّا الْمَعْدِنِيَّاتُ الْمُحْتَاجَةُ إِلَى أَبْخِرَةٍ يَكُونُ اخْتِلَاطُهَا بِالْأَرْضِيَّةِ أَكْثَرَ/ وَإِلَى بَقَاءِ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ يَتِمُّ النُّضْجُ فِيهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى كَالْجِبَالِ.
الْمَنْفَعَةُ الرَّابِعَةُ لِلْأَرْضِ: قَوْلُهُ: وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنْ لَا يَفْسُدَ الْعَذْبُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 564
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست