responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 534
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ دَلَّلْنَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ عَلَى أَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَتَحَقَّقُ مَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى حَدِّ الْوُجُوبِ وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِيهِمْ مَا يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ الْبَتَّةَ، امْتَنَعَ قَوْلُهُ: كَذلِكَ سَلَكْناهُ كَمَا أَنَّ طَيَرَانَ الطَّائِرِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِكُفْرِهِمْ، امْتَنَعَ إِسْنَادُ الْكُفْرِ إِلَى ذَلِكَ الطَّيَرَانِ.
المسألة الْخَامِسَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَوْقِعُ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ؟ قُلْتُ مَوْقِعُهُ مِنْهُ مُوقِعُ الْمُوَضِّحِ (وَالْمُبَيِّنِ) [1] ، لِأَنَّهُ مَسُوقٌ (لِبَيَانِهِ مُؤَكِّدٌ لِلْجُحُودِ) [2] فِي قُلُوبِهِمْ، فَاتَّبَعَ مَا يُقَرِّرُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ عَلَى التكذيب به حتى يعاينوا الوعيد.

[سورة الشعراء (26) : الآيات 202 الى 209]
فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (202) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (203) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (204) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جاءَهُمْ مَا كانُوا يُوعَدُونَ (206)
مَا أَغْنى عَنْهُمْ مَا كانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (209)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، وَأَنَّهُ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً أَتْبَعَهُ بِمَا يَكُونُ مِنْهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْحَسْرَةَ فَقَالَ: فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ كَمَا يَسْتَغِيثُ الْمَرْءُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْخَلَاصِ، لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ فِي الْآخِرَةِ أَنْ لَا مَلْجَأَ، لَكِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ اسْتِرْوَاحًا.
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَسْتَعْجِلُونَ الْعَذَابَ، مَعَ أَنَّ حَالَهُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ طَلَبُ النَّظْرَةِ لِيُعْرَفَ تَفَاوُتُ الطَّرِيقَيْنِ فَيُعْتَبَرَ بِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ/ تَعَالَى أَنَّ اسْتِعْجَالَ الْعَذَابِ عَلَى وَجْهِ التَّكْذِيبِ إِنَّمَا يَقَعُ مِنْهُمْ لِيَتَمَتَّعُوا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ جَهْلٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مُدَّةَ التَّمَتُّعِ فِي الدُّنْيَا مُتَنَاهِيَةٌ قَلِيلَةٌ، وَمُدَّةَ الْعَذَابِ الَّذِي يَحْصُلُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَلَيْسَ فِي الْعَقْلِ تَرْجِيحٌ لَذَّاتٍ مُتَنَاهِيَةٍ قَلِيلَةٍ عَلَى آلَامٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ، وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّهُ لَقِيَ الْحَسَنَ فِي الطَّوَافِ، فَقَالَ لَهُ عِظْنِي، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى تِلَاوَةِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ مَيْمُونٌ: لَقَدْ وَعَظْتَ فَأَبْلَغْتَ، وَقُرِئَ يُمَتَّعُونَ بِالتَّخْفِيفِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ قَرْيَةً إِلَّا وَهُنَاكَ نَذِيرٌ يُقِيمُ عَلَيْهِمُ الحجة.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ذِكْرى فَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : ذِكْرَى مَنْصُوبَةٌ بِمَعْنَى تَذْكِرَةٍ، إِمَّا لِأَنَّ أَنْذَرَ وَذَكَّرَ مُتَقَارِبَانِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ مُذَكِّرُونَ تَذْكِرَةً، وَإِمَّا لِأَنَّهَا حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُنْذِرُونَ، أَيْ يُنْذِرُونَهُمْ ذَوِي تَذْكِرَةٍ، وَإِمَّا لِأَنَّهَا مَفْعُولٌ لَهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ يُنْذِرُونَ لِأَجْلِ الْمَوْعِظَةِ وَالتَّذْكِرَةِ، أَوْ مَرْفُوعَةٌ عَلَى أَنَّهَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ بِمَعْنَى هَذِهِ ذِكْرَى، وَالْجُمْلَةُ اعْتِرَاضِيَّةٌ أَوْ صِفَةٌ بِمَعْنَى مُنْذِرُونَ ذَوُو ذِكْرَى، وجعلوا ذكرى لإمعانهم في التذكرة

[1] في الكشاف (والملخص) 3/ 129 ط. دار الفكر.
[2] في الكشاف (لثباته مكذبا مجحودا) .
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 534
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست