responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 531
عَلَيْهِ، وَقَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ [الْأَحْقَافِ: 26] فَجَعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تَمَامَ مَا أَلْزَمَهُمْ مِنْ حُجَّتِهِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْفُؤَادُ الْقَاضِي فِيمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَخَامِسُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ [الْبَقَرَةِ: 7] فَجَعَلَ الْعَذَابَ لَازِمًا عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ: لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِها [الْأَعْرَافِ: 179] وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ قَصَدَ إِلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَنْهُمْ رَأْسًا، فَلَوْ ثَبَتَ الْعِلْمُ فِي غَيْرِ الْقَلْبِ كَثَبَاتِهِ فِي الْقَلْبِ لَمْ يَتِمَّ الْغَرَضُ فَهَذِهِ الْآيَاتُ وَمُشَاكِلُهَا نَاطِقَةٌ بِأَجْمَعِهَا أَنَّ الْقَلْبَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِإِلْزَامِ الحجة، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا قُرِنَ بِذِكْرِهِ مِنْ ذِكْرِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا آلَتَانِ لِلْقَلْبِ فِي تَأْدِيَةِ صُوَرِ الْمَحْسُوسَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَا
رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً/ إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ»
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَوُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَلْبَ إِذَا غُشِيَ عَلَيْهِ فَلَوْ قُطِعَ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ لَمْ يَحْصُلِ الشُّعُورُ بِهِ وَإِذَا أَفَاقَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ يَشْعُرُ بِجَمِيعِ مَا يَنْزِلُ بِالْأَعْضَاءِ مِنَ الْآفَاتِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سائر الأعراض النفسانية وثانيها: أن القلب إذا فرح أو حزن فإنه بتغير حَالُ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْقَلْبَ مَنْبَعُ الْمَشَاقِّ الْبَاعِثَةِ عَلَى الْأَفْعَالِ الصَّادِرَةِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَإِذَا كَانَتِ الْمَشَاقُّ مَبَادِئَ لِلْأَفْعَالِ وَمَنْبَعُهَا هُوَ الْقَلْبُ كَانَ الْآمِرُ الْمُطْلَقُ هُوَ الْقَلْبَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ مَعْدِنَ الْعَقْلِ هُوَ الْقَلْبُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْآمِرُ الْمُطْلَقُ هُوَ الْقَلْبَ.
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى: فَفِيهَا النِّزَاعُ فَإِنَّ طَائِفَةً مِنَ الْقُدَمَاءِ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَعْدِنَ الْعَقْلِ هُوَ الدِّمَاغُ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى قَوْلِنَا وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها [الْحَجِّ: 46] وَقَوْلُهُ: لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِها [الْأَعْرَافِ: 179] وَقَوْلِهِ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ [ق:
37] أَيْ عَقْلٌ، أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الْقَلْبِ لِمَا أَنَّهُ مَعْدِنُهُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ أَضْدَادَ الْعِلْمِ إِلَى الْقَلْبِ، وَقَالَ:
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة: 10] ، خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ [البقرة: 7] وقولهم: قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ [النِّسَاءِ: 155] ، يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ [التَّوْبَةِ: 64] ، يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الْفَتْحِ: 11] ، كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ [الْمُطَفِّفِينَ: 14] ، أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [مُحَمَّدٍ: 24] ، فَإِنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الْحَجِّ: 46] فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْجَهْلِ وَالْغَفْلَةِ هُوَ الْقَلْبُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ أَيْضًا هُوَ الْقَلْبَ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنَّا إِذَا جَرَّبْنَا أَنْفُسَنَا وَجَدْنَا عُلُومَنَا حَاصِلَةً فِي نَاحِيَةِ الْقَلْبِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا إِذَا أَمْعَنَ فِي الْفِكْرِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ أَحَسَّ مِنْ قَلْبِهِ ضِيقًا وَضَجَرًا حَتَّى كَأَنَّهُ يَتَأَلَّمُ بِذَلِكَ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْعَقْلِ هُوَ الْقَلْبُ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُكَلَّفُ هُوَ الْقَلْبَ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالْعَقْلِ وَالْفَهْمِ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ الْقَلْبَ أَوَّلُ الْأَعْضَاءِ تَكَوُّنًا، وَآخِرُهَا مَوْتًا، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالتَّشْرِيحِ وَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِي الصَّدْرِ الَّذِي هُوَ أَوْسَطُ الْجَسَدِ، وَمِنْ شَأْنِ الْمُلُوكِ الْمُحْتَاجِينَ إِلَى الْخَدَمِ أَنْ يَكُونُوا فِي وَسَطِ الْمَمْلَكَةِ لِتَكْتَنِفَهُمُ الْحَوَاشِي مِنَ الْجَوَانِبِ فَيَكُونُوا أَبْعَدَ مِنَ الْآفَاتِ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ الْعَقْلُ فِي الدِّمَاغِ بِأُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ الْآلَاتُ لِلْإِدْرَاكِ نَافِذَةٌ إِلَى الدِّمَاغِ دُونَ الْقَلْبِ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْأَعْصَابَ الَّتِي هِيَ الْآلَاتُ في الحركات

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 531
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست